بعد قرار المحكمة الدستورية.. دعوة لقوننة حرية التنظيم النقابي في الأردن
جو 24 : دعا مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، لإصدار قانون خاص لتنظيم العمل النقابي في المملكة أو تعديل التشريعات العمالية المتعلق بنقابات العمال ونقابات أصحاب العمل، وذلك في أعقاب قرار المحكمة الدستورية قبل أيام والذي أجاز للعاملين في القطاع العام تأسيس نقابات خاصة بهم.
وفي ورقة تقدير موقف أصدرها المركز أمس السبت حول القرار، حث المركز الحكومة ومجلس النواب إلى تبني احد السيناريوهات السابقة الذكر التي تكفل التعاطي والتكيف مع قرار المحكمة الدستورية، وتشكل مخرجا لحالة الاستعصاء في موضوع حق العاملين في إنشاء نقابات للدفاع عن مصالحهم وتحميها.
بخصوص السيناريو الأول، تقترح الورقة أن يقوم مجلس الوزراء بالتقدم إلى مجلس الأمة بمقترح يقضي بإلغاء الفصل رقم (11) من قانون العمل الأردني المتعلق بنقابات العمال ونقابات أصحاب العمل والذي يتضمن نصوصا مقيدة لممارسة العاملين في القطاع الخاص لحقهم في إنشاء نقابات عمالية، وإعادة صياغته بشكل يتوائم من الواقع العمالي الجديد، (او يقوم مجموعة من أعضاء مجلس النواب بتقديم مقترح للحكومة بهذا الخصوص)، بحيث يتم تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها إلى جانب النصوص القانونية الدولية، والتي تؤكد جميعها على مبدأ حرية التنظيم النقابي للعمال وأصحاب العمل. ولغايات حماية الحركة النقابية من التفتت غير المبرر، وتمكينها من لعب دور فعال في تحسين شروط العمل في الأردن، يمكن وضع نصوص قانونية تشجع المنظمات النقابية العمالية على تنسيق أعمالها وتشجيعها على الوحدة سواء على مستوى المهن المتشابهة أو التي تعمل في مناطق جغرافية متقاربة (على مستوى المحافظات)، ولكن دون أن يمس ذلك مبدأ حرية التنظيم النقابي ذاته، كما يقوم مجلس الوزراء بتعديل نظام الخدمة المدنية بحيث يضاف اليه نصوص تضمن للعاملين في القطاع العام حق إنشاء نقابات يتم بموجبها تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها المذكور، إلى جانب النصوص القانونية الدولية ذات العلاقة والمفصلة في ذات القرار.
أما السيناريو الثاني فيتمثل في أن يقوم مجلس الوزراء بالتقدم إلى مجلس الأمة بمقترح قانون جديد لتنظيم العمل النقابي، باستخدام ذات الآليات الدستورية، بحيث يتم في هذا القانون الجديد تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها، إلى جانب النصوص القانونية الدولية ذات العلاقة بتكريس مبدأ حرية التنظيم النقابي. على أن يتضمن القانون نصوصا تشجع على وحدة الحركة النقابية بقراراتها الذاتية وليس وفق نصوص قانونية أو إدارية بهدف حماية الحركة النقابية من التفتت غير المبرر. يرافق ذلك إلغاء الفصل رقم (11) من قانون العمل الأردني المتعلق بنقابات العمال ونقابات أصحاب العمل.
واعتبر المدير العام للمركز احمد عوض أن قرار المحكمة الدستورية، يشير إلى ان الأردن مقبل على مرحلة جديدة في مسار تطور الحركة العمالية والنقابية الأردنية، خاصة وأن قطاعات واسعة من النشطاء العماليين والنقابيين في الأردن أدركوا مبكرا حقيقة عدم قدرة المنظمات النقابية القائمة في الدفاع عن مصالحهم وحمايتها بالشكل المطلوب، وأدركوا أن لهم الحق في إنشاء نقاباتهم بحرية. مشيراَ إلى أنه يوجد في الأردن العديد من النقابات المستقلة والجديدة والعديد من اللجان التحضيرية لإنشاء نقابات جديدة، مؤكدا ان المعطيات ما زالت تشير إلى رغبة عشرات آلاف العاملين بإنشاء نقابات تدافع وتحمي مصالحهم.
وأكد عوض كذلك على أننا نجد أنفسنا في الأردن أمام ضرورة واستحقاق يتطلب التعامل مع الواقع العمالي والنقابي الجديد بشكل واقعي وسريع، بحيث يتم تعديل عدد من القوانين والانظمة لتقنين واقع قائم باتجاه الاعتراف به، يأخذ بعين الاعتبار متطلبات تطور المجتمع الأردني بشكل سلس وسلمي باتجاه علاقات عمل متوازنة، تأخذ بعين الاعتبار أن حق العاملين بتنظيم انفسهم في منظمات نقابية (نقابات) هو حق لا يمكن تجاوزه أو تبرير عدم الالتزام به بأي شكل، فالحقوق الانسانية الأساسية تتقدم كل الاعتبارات السياسية التي يمكن أن تساق لحرمان البشر منها.
وكانت المحكمة الدستورية قد أصدرت بتاريخ 24-7-2013 قرارا جاء فيه انه " يجوز للموظفين في أيه وزارة أو دائرة او هيئة أو مؤسسة حكومية أن ينشئوا نقابة خاصة لهم حتى وإن كانوا من الموظفين التابعين لنظام الخدمة المدنية، وبغض النظر عما إن كان لهم مثيل في القطاع الخاص خارج إطار الحكومة أم لا، على ان يتم ذلك بموجب تشريع أو تشريعات تصدر لهذه الغاية وفقاً لما تراه السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص الأصيل في التشريع"، وذلك بناءً على قرار مجلس مجلس الأعيان المتضمن طلب تفسير المادة 23/2 والمادة 120 من الدستور لبيان ما اذا كان هذان النصان يجيزان للعاملين في القطاع العام إنشاء نقابات خاصة بهم.
ورقة تقدير موقف
لقوننة حرية التنظيم النقابي في الأردن
عمان-الأردن
السبت، 3 آب 2013
اعاد قرار المحكمة الدستورية الذي صدر قبل ايام والذي اجاز فيه للعاملين في القطاع العام تأسيس نقابات خاصة بهم، موضوع حق وحرية التنظيم النقابي الى صدارة المشهد السياسي والاقتصادي. وقد تلقفت الأطراف ذات العلاقة هذا القرار بدرجات متفاوتة، اذ أن آثار هذا القرار لن تتوقف عند حدود العاملين في القطاع العام فقط، بل ستمتد آثاره الى العاملين في القطاع الخاص في مختلف انحاء المملكة. فالمبررات القانونية التي ساقتها المحكمة الدستورية لتبرير قرارها تنطبق على جميع العاملين بأجر في مختلف القطاعات الاقتصادية وفي القطاعين العام والخاص.
فقد استندت المحكمة الى عدد من نصوص الدستور الأردني المتمثلة في المادة (16) والتي تتناول حقوق الأردنيين جميعا ومن ضمنها حق تأليف النقابات، والمادة (23) التي تناولت حقوق العمال الأردنيين بما فيها حقهم في تنظيم نقابي حر، الى جانب نص المادة (128/1) والتي تشير الى أنه لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس اساسياتها". ولم تكتف المحكمة الدستورية بذلك بل توسعت في سرد الأسس القانونية التي استندت اليها في اطار القانون الدولي (المصادق عليه) باعتباره جزءا من المنظومة التشريعية الأردنية، فأشارت الى حق وحرية تكوين النقابات في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (87) بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (98) بشان حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.
استنادا الى مجمل ما اشير اليه، فإننا مقبلون على مرحلة جديدة في مسار تطور الحركة العمالية والنقابية الأردنية، خاصة وأن قطاعات واسعة من النشطاء العماليين والنقابيين في الأردن أدركوا مبكرا حقيقة عدم قدرة المنظمات النقابية القائمة في الدفاع عن مصالحهم وحمايتها بالشكل المطلوب، وأدركوا أن لهم الحق في انشاء نقاباتهم بحرية، لذلك يوجد في الأردن الآن (12) نقابة جديدة ومستقلة والعديد من اللجان التحضيرية لإنشاء نقابات جديدة، وما زالت المعطيات تشير الى رغبة عشرات آلاف العاملين بإنشاء نقابات تدافع وتحمي مصالحهم. وجاء انشاء هذه النقابات استنادا الى ذات الأسس التي استندت اليها المحكمة الدستورية في اصدار قرارها. فإنشاء هذه المنظمات النقابية جاء كضرورة اجتماعية واقتصادية للبدء بإعادة بناء علاقات العمل في الأردن على اسس متوازنة مع اطراف الانتاج الأخرى، وتوازن علاقات العمل يشكل عنصرا جوهريا في أي عقد اجتماعي لبناء مجتمعات تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعمل كذلك على بناء "مجتمعات مدنية" تستند في مسارات تطورها الى مستويات متقدمة من العلاقات الاجتماعية القائمة على المصالح المشتركة، وليس علاقات تقوم على المذهبية والطائفية والاقليمية التي تزخر بها منطقتنا العربية، فمن شأن تعزيز هذه التوجهات التقدمية في الأردن أن تحمي مجتمعنا من الوقوع في براثن الأطر الاجتماعية التقليدية التي تقسم المجتمع الى فئات متنازعة.
كذلك ظهر في الأردن العديد من المؤشرات التي تفيد بأن العدالة الاجتماعية تعاني من اختلالات كبيرة، ومن أهم هذه المؤشرات عدم توازن علاقات العمل الذي يعبر عن نفسه بكثافة الاحتجاجات العمالية والتي وصلت خلال العامين ونصف الماضية الى ما يقارب (2500) احتجاجا. ولأن التجربة الانسانية اثبتت أنه لا يمكن استمرار التحولات الاجتماعية بشكل سلس وطبيعي في ظل اختلالات متنامية في التوازنات الاجتماعية ومنها توازنات سوق العمل، فكان الامر الحتمي في الحالة الأردنية أن تتكثف هذه الاحتجاجات وتتزايد بشكل مضطرد، طالما لا يتم التعامل بإيجابية مع مطالب المحتجين، وبات حتميا ايضا أن ينظم العاملون أنفسهم في أطر جديدة وان بدت متفاوتة النضوج، لذلك تشكلت لجان عمالية بسيطة، ولجان نقابية ولجان ادارة اعتصامات واضرابات ولجان تحضيرية لنقابات واتحادات لهذه النقابات.
أمام هذا السياق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لتطور علاقات العمل في الأردن، نجد أنفسنا في الأردن أمام ضرورة واستحقاق يتطلب التعامل معه بشكل واقعي وسريع، ويتمثل في تعديل عدد من القوانين والانظمة لتقنين واقع قائم باتجاه الاعتراف به، يأخذ بعين الاعتبار متطلبات تطور المجتمع الأردني بشكل سلس وسلمي باتجاه علاقات عمل متوازنة، تأخذ بعين الاعتبار أن حق العاملين بتنظيم انفسهم في منظمات نقابية (نقابات) هو حق لا يمكن تجاوزه أو تبرير عدم الالتزام به بأي شكل، فالحقوق الانسانية الأساسية تتقدم كل الاعتبارات السياسية التي يمكن أن تساق لحرمان البشر منها.
وعليه، فإن المخرج لحالة الاستعصاء في موضوع حق العاملين في انشاء نقابات للدفاع عن مصالحهم وتحميها يتمثل في تبني أحد الخيارين التاليين:
أولا: تعديل التشريعات ذات العلاقة:
أ. يقوم مجلس الوزراء بالتقدم الى مجلس الأمة بمقترح يقضي بإلغاء الفصل رقم (11) من قانون العمل الأردني المتعلق بنقابات العمال ونقابات اصحاب العمل والذي يتضمن نصوصا مقيدة لممارسة العاملين في القطاع الخاص لحقهم في انشاء نقابات عمالية، واعادة صياغته بشكل يتوائم من الواقع العمالي الجديد، (او يقوم مجموعة من أعضاء مجلس النواب بتقديم مقترح للحكومة بهذا الخصوص)، بحيث يتم تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها رقم (6) لسنة 2013 الذي صدر في 24 تموز 2013، الى جانب النصوص القانونية الدولية، والتي تؤكد جميعها على مبدأ حرية التنظيم النقابي للعمال واصحاب العمل. ولغايات حماية الحركة النقابية من التفتت غير المبرر، وتمكينها من لعب دور فعال في تحسين شروط العمل في الأردن، يمكن وضع نصوص قانونية تشجع المنظمات النقابية العمالية على تنسيق أعمالها وتشجيعها على الوحدة سواء على مستوى المهن المتشابهة او التي تعمل في مناطق جغرافية متقاربة (على مستوى المحافظات)، ولكن دون أن يمس ذلك مبدأ حرية التنظيم النقابي ذاته، أي عدم توحيدها بنصوص قانونية وقرارات ادارية كما هو الحال في الوقت الراهن، ونتائج وحدة الحركة النقابية بنصوص قانونية فرضت عليها منذ ما يقارب خمسة عقود أثبتت فشلها. إذ يمكن اعتماد الممارسات الفضلى التي سجلت نجاحات في العديد من الدول المتقدمة مثل: أن من يمثل العمال في المفاوضات الجماعية أو في رسم السياسات الاقتصادية وغيرها من الأدوار تكون المنظمات العمالية الأكثر تمثيلا للعمال من حيث العضوية، وكذلك تقديم دعم مالي من خزينة الدولة للمنظمات العمالية الكبيرة، الأمر الذي سيشجع المنظمات النقابية على الوحدة والتنسيق، في ذات الوقت الذي يتم في الحفاظ على مبدأ حرية التنظيم النقابي، وهنا يأتي دور القوى العمالية الناشئة والقوى السياسية ونشطاء حقوق الانسان بترويج هذه الأفكار لدى أعضاء مجلسي النواب والاعيان واقناعهم بها لتبنيها وبالتالي اجراء ما يلزم من تعديلات وفقها.
ب. يقوم مجلس الوزراء بتعديل نظام الخدمة المدنية بحيث يضاف اليه نصوص تضمن للعاملين في القطاع العام حق انشاء نقابات يتم بموجبها تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها المذكور، الى جانب النصوص القانونية الدولية ذات العلاقة والمفصلة في ذات القرار، ويمكن استخدام المقترحات المذكورة في الفقرة (أ) أعلاه. وتعد هذه مهمة مجلس الوزراء، باعتباره صاحب الصلاحية في اجراء تعديلات على نظام الخدمة المدنية بما يتوائم مع قرار المحكمة المذكور.
ثانيا: اصدار قانون خاص لتنظيم العمل النقابي
يقوم مجلس الوزراء بالتقدم الى مجلس الأمة بمقترح يقضي بإلغاء الفصل رقم (11) من قانون العمل الأردني المتعلق بنقابات العمال ونقابات اصحاب العمل والذي يتضمن نصوصا مقيدة لممارسة العاملين في القطاع الخاص لحقهم في انشاء نقابات عمالية، (او يقوم مجموعة من أعضاء مجلس النواب بتقديم مقترح للحكومة بهذا الخصوص)، ويتم وبشكل مواز تقديم مقترح قانون جديد لتنظيم العمل النقابي، باستخدام ذات الآليات الدستورية، بحيث يتم في هذا القانون الجديد تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها رقم (6) لسنة 2013 الذي صدر في 24 تموز 2013، الى جانب النصوص القانونية الدولية ذات العلاقة بتكريس مبدا حرية التنظيم النقابي. على ان يتضمن القانون نصوصا تشجع على وحدة الحركة النقابية بقراراتها الذاتية وليس وفق نصوص قانونية أو ادارية بهدف حماية الحركة النقابية من التفتت غير المبرر (تفاصيل المقترح ورادة في الفقرة أ أعلاه)، وهنا يأتي دور القوى العمالية الناشئة والقوى السياسية ونشطاء حقوق الانسان بترويج هذه الأفكار لدى أعضاء مجلسي النواب والاعيان واقناعهم بها لتبنيها وبالتالي اجراء ما يلزم من تعديلات وفقها.
وفي ورقة تقدير موقف أصدرها المركز أمس السبت حول القرار، حث المركز الحكومة ومجلس النواب إلى تبني احد السيناريوهات السابقة الذكر التي تكفل التعاطي والتكيف مع قرار المحكمة الدستورية، وتشكل مخرجا لحالة الاستعصاء في موضوع حق العاملين في إنشاء نقابات للدفاع عن مصالحهم وتحميها.
بخصوص السيناريو الأول، تقترح الورقة أن يقوم مجلس الوزراء بالتقدم إلى مجلس الأمة بمقترح يقضي بإلغاء الفصل رقم (11) من قانون العمل الأردني المتعلق بنقابات العمال ونقابات أصحاب العمل والذي يتضمن نصوصا مقيدة لممارسة العاملين في القطاع الخاص لحقهم في إنشاء نقابات عمالية، وإعادة صياغته بشكل يتوائم من الواقع العمالي الجديد، (او يقوم مجموعة من أعضاء مجلس النواب بتقديم مقترح للحكومة بهذا الخصوص)، بحيث يتم تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها إلى جانب النصوص القانونية الدولية، والتي تؤكد جميعها على مبدأ حرية التنظيم النقابي للعمال وأصحاب العمل. ولغايات حماية الحركة النقابية من التفتت غير المبرر، وتمكينها من لعب دور فعال في تحسين شروط العمل في الأردن، يمكن وضع نصوص قانونية تشجع المنظمات النقابية العمالية على تنسيق أعمالها وتشجيعها على الوحدة سواء على مستوى المهن المتشابهة أو التي تعمل في مناطق جغرافية متقاربة (على مستوى المحافظات)، ولكن دون أن يمس ذلك مبدأ حرية التنظيم النقابي ذاته، كما يقوم مجلس الوزراء بتعديل نظام الخدمة المدنية بحيث يضاف اليه نصوص تضمن للعاملين في القطاع العام حق إنشاء نقابات يتم بموجبها تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها المذكور، إلى جانب النصوص القانونية الدولية ذات العلاقة والمفصلة في ذات القرار.
أما السيناريو الثاني فيتمثل في أن يقوم مجلس الوزراء بالتقدم إلى مجلس الأمة بمقترح قانون جديد لتنظيم العمل النقابي، باستخدام ذات الآليات الدستورية، بحيث يتم في هذا القانون الجديد تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها، إلى جانب النصوص القانونية الدولية ذات العلاقة بتكريس مبدأ حرية التنظيم النقابي. على أن يتضمن القانون نصوصا تشجع على وحدة الحركة النقابية بقراراتها الذاتية وليس وفق نصوص قانونية أو إدارية بهدف حماية الحركة النقابية من التفتت غير المبرر. يرافق ذلك إلغاء الفصل رقم (11) من قانون العمل الأردني المتعلق بنقابات العمال ونقابات أصحاب العمل.
واعتبر المدير العام للمركز احمد عوض أن قرار المحكمة الدستورية، يشير إلى ان الأردن مقبل على مرحلة جديدة في مسار تطور الحركة العمالية والنقابية الأردنية، خاصة وأن قطاعات واسعة من النشطاء العماليين والنقابيين في الأردن أدركوا مبكرا حقيقة عدم قدرة المنظمات النقابية القائمة في الدفاع عن مصالحهم وحمايتها بالشكل المطلوب، وأدركوا أن لهم الحق في إنشاء نقاباتهم بحرية. مشيراَ إلى أنه يوجد في الأردن العديد من النقابات المستقلة والجديدة والعديد من اللجان التحضيرية لإنشاء نقابات جديدة، مؤكدا ان المعطيات ما زالت تشير إلى رغبة عشرات آلاف العاملين بإنشاء نقابات تدافع وتحمي مصالحهم.
وأكد عوض كذلك على أننا نجد أنفسنا في الأردن أمام ضرورة واستحقاق يتطلب التعامل مع الواقع العمالي والنقابي الجديد بشكل واقعي وسريع، بحيث يتم تعديل عدد من القوانين والانظمة لتقنين واقع قائم باتجاه الاعتراف به، يأخذ بعين الاعتبار متطلبات تطور المجتمع الأردني بشكل سلس وسلمي باتجاه علاقات عمل متوازنة، تأخذ بعين الاعتبار أن حق العاملين بتنظيم انفسهم في منظمات نقابية (نقابات) هو حق لا يمكن تجاوزه أو تبرير عدم الالتزام به بأي شكل، فالحقوق الانسانية الأساسية تتقدم كل الاعتبارات السياسية التي يمكن أن تساق لحرمان البشر منها.
وكانت المحكمة الدستورية قد أصدرت بتاريخ 24-7-2013 قرارا جاء فيه انه " يجوز للموظفين في أيه وزارة أو دائرة او هيئة أو مؤسسة حكومية أن ينشئوا نقابة خاصة لهم حتى وإن كانوا من الموظفين التابعين لنظام الخدمة المدنية، وبغض النظر عما إن كان لهم مثيل في القطاع الخاص خارج إطار الحكومة أم لا، على ان يتم ذلك بموجب تشريع أو تشريعات تصدر لهذه الغاية وفقاً لما تراه السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص الأصيل في التشريع"، وذلك بناءً على قرار مجلس مجلس الأعيان المتضمن طلب تفسير المادة 23/2 والمادة 120 من الدستور لبيان ما اذا كان هذان النصان يجيزان للعاملين في القطاع العام إنشاء نقابات خاصة بهم.
ورقة تقدير موقف
لقوننة حرية التنظيم النقابي في الأردن
عمان-الأردن
السبت، 3 آب 2013
اعاد قرار المحكمة الدستورية الذي صدر قبل ايام والذي اجاز فيه للعاملين في القطاع العام تأسيس نقابات خاصة بهم، موضوع حق وحرية التنظيم النقابي الى صدارة المشهد السياسي والاقتصادي. وقد تلقفت الأطراف ذات العلاقة هذا القرار بدرجات متفاوتة، اذ أن آثار هذا القرار لن تتوقف عند حدود العاملين في القطاع العام فقط، بل ستمتد آثاره الى العاملين في القطاع الخاص في مختلف انحاء المملكة. فالمبررات القانونية التي ساقتها المحكمة الدستورية لتبرير قرارها تنطبق على جميع العاملين بأجر في مختلف القطاعات الاقتصادية وفي القطاعين العام والخاص.
فقد استندت المحكمة الى عدد من نصوص الدستور الأردني المتمثلة في المادة (16) والتي تتناول حقوق الأردنيين جميعا ومن ضمنها حق تأليف النقابات، والمادة (23) التي تناولت حقوق العمال الأردنيين بما فيها حقهم في تنظيم نقابي حر، الى جانب نص المادة (128/1) والتي تشير الى أنه لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس اساسياتها". ولم تكتف المحكمة الدستورية بذلك بل توسعت في سرد الأسس القانونية التي استندت اليها في اطار القانون الدولي (المصادق عليه) باعتباره جزءا من المنظومة التشريعية الأردنية، فأشارت الى حق وحرية تكوين النقابات في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (87) بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (98) بشان حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.
استنادا الى مجمل ما اشير اليه، فإننا مقبلون على مرحلة جديدة في مسار تطور الحركة العمالية والنقابية الأردنية، خاصة وأن قطاعات واسعة من النشطاء العماليين والنقابيين في الأردن أدركوا مبكرا حقيقة عدم قدرة المنظمات النقابية القائمة في الدفاع عن مصالحهم وحمايتها بالشكل المطلوب، وأدركوا أن لهم الحق في انشاء نقاباتهم بحرية، لذلك يوجد في الأردن الآن (12) نقابة جديدة ومستقلة والعديد من اللجان التحضيرية لإنشاء نقابات جديدة، وما زالت المعطيات تشير الى رغبة عشرات آلاف العاملين بإنشاء نقابات تدافع وتحمي مصالحهم. وجاء انشاء هذه النقابات استنادا الى ذات الأسس التي استندت اليها المحكمة الدستورية في اصدار قرارها. فإنشاء هذه المنظمات النقابية جاء كضرورة اجتماعية واقتصادية للبدء بإعادة بناء علاقات العمل في الأردن على اسس متوازنة مع اطراف الانتاج الأخرى، وتوازن علاقات العمل يشكل عنصرا جوهريا في أي عقد اجتماعي لبناء مجتمعات تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعمل كذلك على بناء "مجتمعات مدنية" تستند في مسارات تطورها الى مستويات متقدمة من العلاقات الاجتماعية القائمة على المصالح المشتركة، وليس علاقات تقوم على المذهبية والطائفية والاقليمية التي تزخر بها منطقتنا العربية، فمن شأن تعزيز هذه التوجهات التقدمية في الأردن أن تحمي مجتمعنا من الوقوع في براثن الأطر الاجتماعية التقليدية التي تقسم المجتمع الى فئات متنازعة.
كذلك ظهر في الأردن العديد من المؤشرات التي تفيد بأن العدالة الاجتماعية تعاني من اختلالات كبيرة، ومن أهم هذه المؤشرات عدم توازن علاقات العمل الذي يعبر عن نفسه بكثافة الاحتجاجات العمالية والتي وصلت خلال العامين ونصف الماضية الى ما يقارب (2500) احتجاجا. ولأن التجربة الانسانية اثبتت أنه لا يمكن استمرار التحولات الاجتماعية بشكل سلس وطبيعي في ظل اختلالات متنامية في التوازنات الاجتماعية ومنها توازنات سوق العمل، فكان الامر الحتمي في الحالة الأردنية أن تتكثف هذه الاحتجاجات وتتزايد بشكل مضطرد، طالما لا يتم التعامل بإيجابية مع مطالب المحتجين، وبات حتميا ايضا أن ينظم العاملون أنفسهم في أطر جديدة وان بدت متفاوتة النضوج، لذلك تشكلت لجان عمالية بسيطة، ولجان نقابية ولجان ادارة اعتصامات واضرابات ولجان تحضيرية لنقابات واتحادات لهذه النقابات.
أمام هذا السياق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لتطور علاقات العمل في الأردن، نجد أنفسنا في الأردن أمام ضرورة واستحقاق يتطلب التعامل معه بشكل واقعي وسريع، ويتمثل في تعديل عدد من القوانين والانظمة لتقنين واقع قائم باتجاه الاعتراف به، يأخذ بعين الاعتبار متطلبات تطور المجتمع الأردني بشكل سلس وسلمي باتجاه علاقات عمل متوازنة، تأخذ بعين الاعتبار أن حق العاملين بتنظيم انفسهم في منظمات نقابية (نقابات) هو حق لا يمكن تجاوزه أو تبرير عدم الالتزام به بأي شكل، فالحقوق الانسانية الأساسية تتقدم كل الاعتبارات السياسية التي يمكن أن تساق لحرمان البشر منها.
وعليه، فإن المخرج لحالة الاستعصاء في موضوع حق العاملين في انشاء نقابات للدفاع عن مصالحهم وتحميها يتمثل في تبني أحد الخيارين التاليين:
أولا: تعديل التشريعات ذات العلاقة:
أ. يقوم مجلس الوزراء بالتقدم الى مجلس الأمة بمقترح يقضي بإلغاء الفصل رقم (11) من قانون العمل الأردني المتعلق بنقابات العمال ونقابات اصحاب العمل والذي يتضمن نصوصا مقيدة لممارسة العاملين في القطاع الخاص لحقهم في انشاء نقابات عمالية، واعادة صياغته بشكل يتوائم من الواقع العمالي الجديد، (او يقوم مجموعة من أعضاء مجلس النواب بتقديم مقترح للحكومة بهذا الخصوص)، بحيث يتم تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها رقم (6) لسنة 2013 الذي صدر في 24 تموز 2013، الى جانب النصوص القانونية الدولية، والتي تؤكد جميعها على مبدأ حرية التنظيم النقابي للعمال واصحاب العمل. ولغايات حماية الحركة النقابية من التفتت غير المبرر، وتمكينها من لعب دور فعال في تحسين شروط العمل في الأردن، يمكن وضع نصوص قانونية تشجع المنظمات النقابية العمالية على تنسيق أعمالها وتشجيعها على الوحدة سواء على مستوى المهن المتشابهة او التي تعمل في مناطق جغرافية متقاربة (على مستوى المحافظات)، ولكن دون أن يمس ذلك مبدأ حرية التنظيم النقابي ذاته، أي عدم توحيدها بنصوص قانونية وقرارات ادارية كما هو الحال في الوقت الراهن، ونتائج وحدة الحركة النقابية بنصوص قانونية فرضت عليها منذ ما يقارب خمسة عقود أثبتت فشلها. إذ يمكن اعتماد الممارسات الفضلى التي سجلت نجاحات في العديد من الدول المتقدمة مثل: أن من يمثل العمال في المفاوضات الجماعية أو في رسم السياسات الاقتصادية وغيرها من الأدوار تكون المنظمات العمالية الأكثر تمثيلا للعمال من حيث العضوية، وكذلك تقديم دعم مالي من خزينة الدولة للمنظمات العمالية الكبيرة، الأمر الذي سيشجع المنظمات النقابية على الوحدة والتنسيق، في ذات الوقت الذي يتم في الحفاظ على مبدأ حرية التنظيم النقابي، وهنا يأتي دور القوى العمالية الناشئة والقوى السياسية ونشطاء حقوق الانسان بترويج هذه الأفكار لدى أعضاء مجلسي النواب والاعيان واقناعهم بها لتبنيها وبالتالي اجراء ما يلزم من تعديلات وفقها.
ب. يقوم مجلس الوزراء بتعديل نظام الخدمة المدنية بحيث يضاف اليه نصوص تضمن للعاملين في القطاع العام حق انشاء نقابات يتم بموجبها تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها المذكور، الى جانب النصوص القانونية الدولية ذات العلاقة والمفصلة في ذات القرار، ويمكن استخدام المقترحات المذكورة في الفقرة (أ) أعلاه. وتعد هذه مهمة مجلس الوزراء، باعتباره صاحب الصلاحية في اجراء تعديلات على نظام الخدمة المدنية بما يتوائم مع قرار المحكمة المذكور.
ثانيا: اصدار قانون خاص لتنظيم العمل النقابي
يقوم مجلس الوزراء بالتقدم الى مجلس الأمة بمقترح يقضي بإلغاء الفصل رقم (11) من قانون العمل الأردني المتعلق بنقابات العمال ونقابات اصحاب العمل والذي يتضمن نصوصا مقيدة لممارسة العاملين في القطاع الخاص لحقهم في انشاء نقابات عمالية، (او يقوم مجموعة من أعضاء مجلس النواب بتقديم مقترح للحكومة بهذا الخصوص)، ويتم وبشكل مواز تقديم مقترح قانون جديد لتنظيم العمل النقابي، باستخدام ذات الآليات الدستورية، بحيث يتم في هذا القانون الجديد تكييف النصوص الدستورية التي اعتمدتها المحكمة الدستورية في تبرير قرارها رقم (6) لسنة 2013 الذي صدر في 24 تموز 2013، الى جانب النصوص القانونية الدولية ذات العلاقة بتكريس مبدا حرية التنظيم النقابي. على ان يتضمن القانون نصوصا تشجع على وحدة الحركة النقابية بقراراتها الذاتية وليس وفق نصوص قانونية أو ادارية بهدف حماية الحركة النقابية من التفتت غير المبرر (تفاصيل المقترح ورادة في الفقرة أ أعلاه)، وهنا يأتي دور القوى العمالية الناشئة والقوى السياسية ونشطاء حقوق الانسان بترويج هذه الأفكار لدى أعضاء مجلسي النواب والاعيان واقناعهم بها لتبنيها وبالتالي اجراء ما يلزم من تعديلات وفقها.