الصحة تدير ظهرها لكوادرها.. واستياء شديد من نقص قيمة الحوافز
حاتم الأزرعي
جو 24 :
في الوقت الذي تخوض كوادر وزارة الصحة، حربا ضروسا لمكافحة انتشار وباء كوفيد ١٩، فإن الوزارة تدير ظهرها لهم، وتمعن في الانتقاص من حقوقهم، عوضا عن مكافأتهم على الجهود التي يبذلونها .
وقد ابدى عديد من كوادر الوزارة الاستياء الشديد بسب نقص قيمة الحوافز لدورة الربع الاول من العام الحالي، التي صرفت اخيرا، عما كانت عليه في الدورات السابقة، إذ تمنح الوزارة حوافز لكوادرها، على اربع دورات، بواقع ثلاثة أشهر لكل دورة.
وعبر احد اطباء الوزارة من خلال مجموعة صوت اطباء الاردن الخاصة عن الاستياء من قيمة الحوافز لهذه الدورة، قائلا : "اضراب اطباء وزارة الصحة اصبح ضرورة..اتركولنا حوافزنا..عيب!".
وتمثل عبارة الطبيب، آنفة الذكر، لسان حال عديد من كوادر الوزارة بعد تأخر صرف الحوافز ،والمفاجأة بتراجع قيمتها الإجمالية للدورة الاولى للعام الحالي، اذا ما قورنت بالدورات السابقة .
ويشير احد اطباء الوزارة الى ان الحوافز آخذة في التناقص، عاما بعد عام، لافتا الى تناقصها بسبب انخفاض قيم النقاط ومرة ثانية بسبب قانون ضريبة الدخل ومرة ثالثه بسبب خضوع الحوافز للاقتطاع للضمان الاجتماعي، ويتدارك الطبيب بالتعبير ايجابا عن شمول الحوافز بالاقتطاع لغايات الضمان .
وبانتظار صرف الحوافز، الذي تأخر نسبيا عن الموعد المعتاد، ساد بين كوادر الوزارة، ومعهم المتابعين للشأن الصحي، انطباع وتوقع بأن مرد ذلك، البحث عن الية وطريقة لرفع قيمة نقطة الحوافز، تقديرا للجهود التي تبذلها هذه الكوادر في التصدي للوباء ومكافحته، لا سيما وانهم يشكلون رأس الحربة في الصراع والقتال الدائر مع الفيروس، ليفاجأ الجميع بحوافز دون مستوى الطموح بكثير.
ومنذ سنوات وكوادر وزارة الصحة تطالب بتحسين دخولهم نظرا للعبء الكبير الملقى على كاهلهم وحجم العمل الكبير الذي ينهضون به، وتمثل الحوافز احد السبل لتحسين دخول كوادر وزارة الصحة،لمواجهة ظروف المعيشة الصعبة ،وتآكل القيمة الشرائية للدينار .
وشهد القطاع الصحي قبل عامين بوادر صراع حاد بين الوزارة والنقابات الممثلة لكوادرها ، ودارت حوارات ساخنة بين الجانبين ، كادت تصل بالامور حد القطيعة لكن حكمة وحنكة اطراف المعادلة وتغليبهم المصلحة الوطنية العليا حسم الامر لجهة التوافق ، بعد اجتماع هام امتد لساعات .
واتيح لي في ذلك الوقت ان اكون بحكم الوظيفة شاهدا على الاجتماع، الذي عقد في مقر الوزارة، لا بل وصياغة البيان الصادر عن المشاركين، وهم : وزير الصحة الدكتور غازي الزبن ونقيب الاطباء الدكتور علي العبوس بحضور نقيب اطباء الاسنان الدكتور ابراهيم الطراونة ونقيب الصيادلة زيد الكيلاني ونقيب الممرضين والممرضات والقابلات القانونيات خالد الربابعة.
واعلنت وزارة الصحة ونقابة الاطباء في بيان مشترك الاتفاق على رفع حوافز الاطباء لتصل الى 30 بالمائة للدورة الاولى التي ستصرف في نيسان ، ورفعها الى 70 بالمائة للدورة الثانية التي ستصرف بتموز المقبل ، والحديث هنا عن عام ٢٠١٩ .
وللحقيقة فقد عبرت حكومة الدكتور عمر الرزاز في ذلك الوقت عن التزامها برفع الحوافز بنسبة ٣٠ بالمئة ، وفي ذلك الوقت هاتفتني وزيرة الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي بأسم الحكومة السيدة جمانة غنيمات قبل منتصف الليل بساعة ، وطلبت اصدار بيان عاجل يؤكد هذا الالتزام ، فقد ترددت انباء عن تراجع الحكومة عن الاتفاق ، وكادت تخلق ازمة بين الوزارة والنقابات المهنية عموما ونقابة الاطباء خصوصا .
واليوم وبعد مرور عامين على الاتفاق ، وفي ظل الازمة الصحية الخانقة ، وفي الوقت الذي يجب رفع حوافز كوادر وزارة الصحة ،فإنها شهدت تراجعا ، بث في نفوسهم احباطا ويأسا من امكانية تحسن دخولهم ، تعبيرا عن اهتمام الحكومة وتقديرها للجهود التي يبذلونها في ظروف بالغة الدقة والخطر الداهم الذي يهدد حياتهم ، وقد سقط منهم شهداء في المعركة الدائرة رحاها مع الفيروس اللعين متعدد الجنسيات !!.
مطلوب اليوم، اكثر من اي وقت مضى، الاهتمام بكوادر وزارة الصحة، والالتفات الى مطالبهم وتلبيتها، وذلك اضعف الايمان، لحماية الوزارة من الانهيار، وهي بما يتبع لها من مستشفيات ومراكز صحية، الملاذ الاخير للفقراء للحصول على الرعاية الصحية، في ظل تفشي وباء غلاء الاسعار الاشد فتكا بالناس من فيروس كورونا !!.
ولربما من غير المناسب قفل المقالة عند هذا الحد دون الاشارة لغمز عديد من الكوادر والمتابعين للشأن الصحي، بان انخفاض الحوافز عاما بعد عام ،وبهذا الشكل اللامبالي بمستقبل القطاع الصحي العام، ما هو إلا سياسة ممنهجة للاجهاز على الحوافز بالتدريج، لقطع الشعرة الاخيرة التي تربط الكوادر بهذا القطاع، الذي تشير كل الدلائل الى سعي الدولة لخصخصته، وما النفي الصادر عن الحكومات المتعاقبة سوى ذر للرماد في العيون.