jo24_banner
jo24_banner

الحكومة تلدغ من الجحر مرارا وتكرارا ... انقطاع التيار الكهربائي نموذجا صارخا

حاتم الأزرعي
جو 24 :

 
يظهر تعاطي الحكومة مع الازمات عجزا واضحا في كل مرة توضع فيه على المحك  ، وآخرها ازمة انقطاع التيار الكهربائي عن معظم المحافظات ، اذ اتسم تعاطيها بالتردد والارتباك والتلكوء والتخبط ، ما فتح شهية المتربصين بالبلد شرا، الى نشر الشائعات ،في غياب الرواية الرسمية لما حدث في الوقت المناسب .

ويبدو ان الحكومة تجهل ان الشعب الأردني من اكثر الشعوب علما وثقافة وسعة اطلاع ، ولذلك تخرج علينا وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي في ايجاز صحفي لتخبرنا  أن " الانقطاع الذي شهدناه قد يحصل على أي نظام كهربائي في العالم " ، وهذه حقيقة يعرفها صغارنا قبل الكبار ، في الوقت الذي ننتظر رواية حكومية متماسكة منسجمة ومتوافقة مع المعطيات على ارض الواقع لاسباب هذا الانقطاع .

والاكيد في الرواية الحكومية المتأخرة ما قالته زواتي ان الانقطاع الشامل في التيار الكهربائي في مختلف انحاء المملكة حدث "  عند الساعة الواحدة و١٨ دقيقة،وبدأت العودة التدريجية للتيار الكهربائي ابتداء من الساعة الثالثة عصراً وتم إعادة التيار لكامل أنحاء المملكة عند الساعة السادسة والربع مساء " .

وبين انقطاع التيار واعادته بشكل كامل الذي استمر ما يقارب خمس ساعات من العتمة المعنوية في ظل الغياب الرسمي ، في شأن حيوي يمس الناس مباشرة  في كل مناحي حياتهم ، ولا يخرج اي مسؤول ليوضح ما حدث ، فتعددت الروايات ، وتشعبت التأويلات،  وبث كل على هواه ما يناسبه من شائعات ، ولست الوم احدا ، الا الحكومة التي تمنحنا كل مرة الدلائل والمؤشرات على عجزها وتخبطها وقصر نظرها .

ويبعث على الضحك حد البكاء ، تبرير  وزير الدّولة لشؤون الإعلام، الناطق باسم الحكومة المهندس صخر دودين لهذا الغياب الرسمي الطويل ،دون وضع الناس  في" صورة انقطاع التيّار الكهربائي "،يقول دودين وليته لم يقل "آثرنا عقد هذا الإيجاز الصحفي، في هذا الوقت المتأخر، للوقوف على حيثيّات هذه الحادثة ".

 اوف ،  كم انا مندهش ومصدوم ومتفاجئ ومنذهل وحزين وساخط وغاضب وراغب في السخرية ، فأقول  : هل تحتاج دولة تدخل المئوية الثانية من عمرها في الألفية الثالثة ، وفي ظل التقدم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال والتواصل الاسرع من البرق ولمح البصر كل هذا الوقت " للوقوف على حيثيات هذه الحادثة " ؟!.

طيب اريد ان اقنع نفسي بأن الوقوف على الحيثيات يحتاج فعلا ساعات طوال لتوضيح اسباب الانقطاع ، لكن اليس من حق الناس ان يخرج الناطق الرسمي ليقول لهم بداية ما يطمئنهم ان الانقطاع عائد لاسباب فنية بحته ، وان الجهات المعنية تعمل على اصلاح الخلل والاعطال ،ويحدد المدة الزمنية التقريبية التي تحتاجها ، لكي  يتدبر الناس امورهم ؟!.

ولا اريد ان اتوقف طويلا عند مسألة التضارب في التصريحات حول انقطاع التيار ، لكن الاهم الشائعات التي ولدها  الغياب الرسمي على الصعيد الاعلامي ، وهي غاية في الخطورة والحساسية كونها تأتي في ظرف دقيق في مسألتين ، هما : الاحتفاء بالنصر على العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ، وانتشار وباء كوفيد ١٩ (كورونا ) .

وفي الجانب السياسي ربط البعض بين الدعوة للاحتفال بالنصر والمسيرة المليونية الزاحفة الى الحدود مع الكيان الصهيوني ، وذهب الى الحديث عن قطع متعمد مقصود للتيار الكهربائي .

وفي الجانب الصحي ، راجت اشاعات  عن انقطاع الأكسجين أو الطاقة في المستشفيات ، وتعلمون مدى حساسية هذا الموضوع ، لا سيما بعد كارثة مستشفى السلط ،التي ما زال القضاء والراي العام منشغلان فيها ، ناهيك عن المطاعيم ومدى خطورة الشائعات في هذا الجانب الحيوي ، في ظل الجهود لتحصين اكبر عدد من ابناء الوطن للوقاية من فيروس كورونا .

خلاصة القول ،يبدو ان الحكومة لا تتعلم ولا تتعظ او تلقي بالا للتجارب السابقة والدروس والعبر المستقاة، ولا تزال تقع في فخ الجهل في الاصول المهنية ولا سيما في الجانب الاعلامي ، وستبقى في ظل غيابها تلدغ من الجحر مرتين لا بل كلما دق الكوز في الجرة  !! .
 
تابعو الأردن 24 على google news