jo24_banner
jo24_banner

في اللحظة الحاسمة بين الحياة والموت.. تخذلنا سيارة الإسعاف والتحويل!!

حاتم الأزرعي
جو 24 :



تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بمرارة واقعة نقل طفل تعرض لحادث سير من مستشفى الكرك الحكومي الى احد المستشفيات الخاصة في عمان ، وما رافقها من معاناة قاسية للأهل وتعريض حياة الطفل للخطر، جراء تأخير في عملية تحويله ، لخلل في سيارة الاسعاف التي كانت ستنقله .

الانتشار الواسع للفيديو المتداول ،وما اثاره من سخط الناس ونقدهم اللاذع لعدم الاكتراث بالجاهزية والاستعداد قبل وقوع "الفأس بالرأس " ،والتقصير المستمر الذي يودي بحياة الناس ، دفع الوزارة لايفاد امينها العام المكلف لزيارة مستشفى الكرك للوقوف على ظروف الواقعة وملابساتها.

وكالعادة ،وكما هو متوقع في جميع القضايا والحوادث المماثلة ، وبغية امتصاص النقمة ،وإظهار الجدية ، ولتسكين الألم، يبادر المسؤول الى الإعلان عن تشكيل لجنة للتحقق والتحقيق في ظروف الواقعة وملابساتها، وقد ينبثق عنها لجنة وربما ثالثة،حسب مقتضيات الحال ، حتى تموت القضية ،والنتيجة "عند عمك طحنا " ،والمعنى تعرفونه .

وبحسب الوزارة فإن التحقيق في الواقعة سيحدد مكمن التقصير "من اي طرف من اطراف تقديم الخدمة الطبية سواء من حيث عدم جاهزية سيارة الاسعاف او الكوادر الطبية او تاخير في عملية التحويل " .

ومنذ سنوات والكل يؤشر الى مسألتين على درجة كبيرة من الأهمية، ويدقون ناموس الخطر للالتفات الى سيارات الإسعاف وجاهزيتها، وإجراءات التحويل بين المستشفيات ، لكن لا أحد يلتفت من المسؤولين في القطاع الصحي العام.

ولدغنا من ذات الجحر مرات ومرات ، ولم نتعظ او نأخذ بالدروس والعبر المستقاة من تجاربنا السابقة وما مر بنا من أحداث وازمات وكوارث ، وكم خذلتنا سيارة الإسعاف في اللحظة الحاسمة بين الموت والحياة !!.

تارة سيارة الإسعاف موجودة وفي اعلى مستوى الجاهزية ، لكن السائق مجاز او يقضي حاجة ، وهل ننسى تولي قيادتها من قبل ذوي المريض ؟ وتارة السائق موجود لكن سيارة الإسعاف في التصليح ، او نكتشف حين تهم بنقل مريض ان "العجل مبنشر " ولا يوجد "سبير" وهات قطب !!.

قصص كثيرة وروايات حقيقية تروى عن سيارات الإسعاف، وكثير من النكات والتندر والاستهزاء ، وكأنه قدر لا مفر منه أن تبقى هذه السيارات على حيويتها على الهامش، فيما الحل سهل وبسيط وليس عسير المنال ،اذا ما توفرت الارادة القوية والنية الصافية والاهتمام الأكيد بالنهوض بالصحة ، واشك ان اي منها متوفر ، والدليل كل هذه السنوات من التجاهل وعدم الاكتراث وتكرار ذات القصص .

أيعقل ان تدخل الدولة الاردنية المئوية الثانية من عمرها ،ونحن لم ندرك بعد اهمية سيارة الإسعاف ودورها الحيوي في إنقاذ أرواح المرضى والمصابين جراء الحوادث والكوارث والازمات ؟! وهل صعب وعسير على المستشفيات واداراتها توفير سيارة إسعاف بمستوى جاهزية لا يخذل عند الحاجة ؟! .

نحن لا نطلب سيارات إسعاف، كما في العالم، تتوفر فيها إمكانات متقدمة ،هي أقرب إلى قسم إسعاف ميداني متقدم، كل ما نطلبه سيارة إسعاف بالحد الادنى من الامكانات، لكنها جاهزة عند الحاجة دون معيقات او أعذار ومبررات لا تليق بقطاع صحي محترم .

هل صعب أن يقوم سائق سيارة الإسعاف بالتأكد من جاهزيتها من كل النواحي كأجراء يومي روتيني، بأستخدام قائمة "تشيك ليست" حنى لا ينسى اي عنصر من عناصر الجاهزية الفنية والإدارية!؟ اعتقد ان ذلك الف باء العمل، والا كيف نبني قطاعا صحيا، ونحن ما زلنا نسقط مرارا وتكرارا ولا نجتاز الامتحان في الأبجديات؟؟.

وما يقال عن سيارات الإسعاف، وتكرار قصص الاهمال والتقصير ،ينسحب على مسألة تحويل المرضى بين المستشفيات الطرفية والتحويلية، وكم من أرواح قضت دون أن تدرك تحويلا في رحلة البحث عن سرير ، ولم نتعظ او نعتبر ونستفد من التجارب والدروس .

وكم من مريض تقطعت أنفاسه، في رحلة بين المستشفيات بحثا عن سرير يجهد ذويه في ايجاده ، فتسبقهم الى المريض سيارة نقل الموتى ، فيما تبقى عبارة "دبر سرير في مستشفى" لتحصل على تحويل سيدة الموقف ، ومزيف للواقع من يدعي خلاف ذلك ،والشواهد والقصص ما زالت في الذاكرة لا تبارحها .

ومرة اخرى هل صعب على الجهات الطبية أن تنسق فيما بينها ، لتنظيم وتسهيل وتبسيط عملية التحويل بين المستشفيات لتتم بسلاسة دون اقحام اهل المريض في رحلة البحث عن سرير ؟؟ وهذا في الواقع ليس دوره او مسؤوليته ،فأهل مكة ادرى بشعابها، وهم هنا كوادر المستشفيات .

وهنا يمكن لوزارة الصحة أن تتولى عملية التنسيق لتحويل المرضى الى المستشفيات التي تتوفر فيها الاسرة ، من خلال ضابط ارتباط في مركز الوزارة تتوفر لديه معلومات كافية حول نسب الأشغال في المستشفيات والأسرة المتوفرة في كل مستشفى ،ليكون حلقة الوصل بين المستشفيات ويساعدها في التحويل إلى المستشفى الأقرب الذي يتوفر فيه السرير وكذلك الاختصاص المطلوب استنادا إلى الحالة المرضية ، فهل هذا الأمر صعبا في ظل الامكانات الحالية وتوفر وسائل الاتصال والمواصلات ونظم المعلومات والتقنيات التكنولوجية الحديثة ؟؟.


 
تابعو الأردن 24 على google news