رؤساء الحكومات والزهد بالشعبية
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : يصرّح رئيس الحكومة بأنّه ليس حريصاً على الشعبية في معرض حديثه عن اتخاذ قرارات مؤلمة بحق المواطنين, خاصة ما يتعلق بقوتهم وقوت عيالهم مثل رفع أسعار الوقود, ورفع أسعار الكهرباء, ورفع الدعم عن بعض السلع الأساسية والضرورية.
الرئيس محق تماماً بهذا الزهد, وعدم اكتراثه بالشعبية والجماهيرية لأنّه باختصار هذه الشعبية وهذه الجماهيرية لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة له, وفي ميزان الواقع والممارسة الميدانية هي عبارة عن زينة إعلامية لا أكثر في بلادنا العربية, حيث انّ الشعوب لا تنتخب أصحاب السلطة, وليس لها شأن باختيار رئيس الحكومة وفريقه الذي يقرر مصيرهم ويدير شؤونهم, ويحدد مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأوطانهم ومقدراتهم بالوكالة عنهم من دون أن يكون لهم شأن في توكيله ولا في محاسبته ولا في مراقبته ولا في عزله, ولذلك من المنطقي أن يكون رئيس الحكومة معنياً بمصدر شرعيته, ومعنياً برضا من يملك قرار تعيينه وعزله, وهذا ليس بيد الشعب.
في الدول المتحضرة التي تمارس الديمقراطية الفعلية, والسلطة الحقيقية بيد الشعب, نجد أنّ رؤساء الحكومات معنيون جداً برضا شعوبهم ولديهم حساسية شديدة تجاه التأييد الجماهيري لسياساته وخططه; لأنّه إذا لم يحصل على التأييد الجماهيري لقراراته وأفعاله فقد عرّض نفسه للمساءلة الشعبية وعرض نفسه لخطر العزل والاستبدال, ولذلك لا عجب مطلقاً أنّ رؤساء الحكومات في بلادنا يعلنون عدم اكتراثهم بالشعبية, وتصبح ضرباً من البطولة والشجاعة حيث الأوضاع مقلوبة رأساً على عقب.
ولربما قائلٌ يقول, هناك مجلس نواب يحاسب ويراقب ويمنح الثقة ويحجبها, فهذا من الناحية الشكلية صحيح, ولكن في الواقع, نحن لا نملك برلماناً قادراً على حجب الثقة, ولا نملك برلماناً قادراً على المحاسبة الحقيقية, بل على العكس تماماً, هذا المجلس أصبح وسيلة لتبرئة الفاسدين والتغطية على المخالفين.
استطلاع الرأي الذي صدر مؤخراً يؤشر بمنتهى الصراحة لكلّ من يهمه الأمر أنّ 89% من الشعب لا يؤيد قرار مجلس النواب بخصوص فرض الرواتب التقاعدية لأعضائه, وتقول الأغلبية الكبيرة من العينة الوطنية وقادة الرأي في المجتمع الأردني انّ مجلس النواب غير قادر على محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين, كما ترغب الأغلبية الساحقة من المواطنين برحيل المجلس في أقرب فرصة, وإجراء انتخابات نزيهة قادرة على ايجاد مجلس نواب يمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً.
إضافة إلى قول الأغلبية المطلقة, بعدم قدرة الحكومة على حمل ملف الإصلاح وغير قادرة على تحقيق تطلعات المواطنين, أمّا الأمر الأكثر خطورة والذي يمثل الإشارة الحمراء لنا جميعاً أنّ أغلبية واضحة تقول انّ الأمور في الأردن تسير بالاتجاه الخطأ. وهذا يحتم على مؤسسات القرار في الدولة أن تعيد تصحيح المسار بمشاركة كل قوى الشعب الفاعلة, وينبغي عدم الاطمئنان للقراءة الخاطئة للمشهد السياسي المحلي والإقليمي.
العرب اليوم
الرئيس محق تماماً بهذا الزهد, وعدم اكتراثه بالشعبية والجماهيرية لأنّه باختصار هذه الشعبية وهذه الجماهيرية لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة له, وفي ميزان الواقع والممارسة الميدانية هي عبارة عن زينة إعلامية لا أكثر في بلادنا العربية, حيث انّ الشعوب لا تنتخب أصحاب السلطة, وليس لها شأن باختيار رئيس الحكومة وفريقه الذي يقرر مصيرهم ويدير شؤونهم, ويحدد مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأوطانهم ومقدراتهم بالوكالة عنهم من دون أن يكون لهم شأن في توكيله ولا في محاسبته ولا في مراقبته ولا في عزله, ولذلك من المنطقي أن يكون رئيس الحكومة معنياً بمصدر شرعيته, ومعنياً برضا من يملك قرار تعيينه وعزله, وهذا ليس بيد الشعب.
في الدول المتحضرة التي تمارس الديمقراطية الفعلية, والسلطة الحقيقية بيد الشعب, نجد أنّ رؤساء الحكومات معنيون جداً برضا شعوبهم ولديهم حساسية شديدة تجاه التأييد الجماهيري لسياساته وخططه; لأنّه إذا لم يحصل على التأييد الجماهيري لقراراته وأفعاله فقد عرّض نفسه للمساءلة الشعبية وعرض نفسه لخطر العزل والاستبدال, ولذلك لا عجب مطلقاً أنّ رؤساء الحكومات في بلادنا يعلنون عدم اكتراثهم بالشعبية, وتصبح ضرباً من البطولة والشجاعة حيث الأوضاع مقلوبة رأساً على عقب.
ولربما قائلٌ يقول, هناك مجلس نواب يحاسب ويراقب ويمنح الثقة ويحجبها, فهذا من الناحية الشكلية صحيح, ولكن في الواقع, نحن لا نملك برلماناً قادراً على حجب الثقة, ولا نملك برلماناً قادراً على المحاسبة الحقيقية, بل على العكس تماماً, هذا المجلس أصبح وسيلة لتبرئة الفاسدين والتغطية على المخالفين.
استطلاع الرأي الذي صدر مؤخراً يؤشر بمنتهى الصراحة لكلّ من يهمه الأمر أنّ 89% من الشعب لا يؤيد قرار مجلس النواب بخصوص فرض الرواتب التقاعدية لأعضائه, وتقول الأغلبية الكبيرة من العينة الوطنية وقادة الرأي في المجتمع الأردني انّ مجلس النواب غير قادر على محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين, كما ترغب الأغلبية الساحقة من المواطنين برحيل المجلس في أقرب فرصة, وإجراء انتخابات نزيهة قادرة على ايجاد مجلس نواب يمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً.
إضافة إلى قول الأغلبية المطلقة, بعدم قدرة الحكومة على حمل ملف الإصلاح وغير قادرة على تحقيق تطلعات المواطنين, أمّا الأمر الأكثر خطورة والذي يمثل الإشارة الحمراء لنا جميعاً أنّ أغلبية واضحة تقول انّ الأمور في الأردن تسير بالاتجاه الخطأ. وهذا يحتم على مؤسسات القرار في الدولة أن تعيد تصحيح المسار بمشاركة كل قوى الشعب الفاعلة, وينبغي عدم الاطمئنان للقراءة الخاطئة للمشهد السياسي المحلي والإقليمي.
العرب اليوم