2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

أين عقلاء العرب وحكماؤهم؟

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : صوت العقل والحكمة يكاد يختفي في معمعة القتل ودوامة العنف العربي، ولا تكاد تسمع إلا نداءات الثأر، وصيحات التشفي والاستمتاع في منظر الدماء والاشلاء والجثث المتفحمة، والتلذذ باستنشاق رائحة الموت التي تملأ المكان.

إذا كان الفرقاء المختلفون منهمكين في إدارة معركة الفناء، وغير قادرين على لملمة جراحاتهم، ولا تسعفهم ظروفهم في البحث عن الحلول ولا يستطيع أحدهم سماع الآخر، وغير قادرين على اللقاء وبحث مشاكلهم بأنفسهم ، أليس من العقل والحكمة أن تهب الأطراف العربية الأخرى التي ترقب المشهد من أنظمة ودول وأحزاب ، الى بذل الحد الأدنى من الجهود من اجل اصلاح ذات البين ، وطرح المبادرات التي تضع حدا لمسلسل الفتنة وسيل الدماء ، وتعمل على وقف طاحونة الموت ، بدلا من اعلان العدميّة في تأييد طرف على طرف ، دون تأمل أو إنعام نظر في حقائق الموقف ، ودون حساب لمآلات المشهد الدموي الذي يفيض ظلما وتعسفا ، وغيظا مكبوتا في صدور الملايين التي سوف تشكل بركانا ثائرا لن يتوقف عن القاء الحمم المحرقة في كل الاتجاهات وفي كل الأفاق ، التي لن يسلم من نارها الأقربون والأبعدون؟!!

عندما يشتد ظلم الأخ لأخيه، ويستخدم كل أدوات البطش والسحق والقتل والتدمير من أجل إفنائه، واجتثاثه من الوجود بقوة آلة القتل، وليس بقوة الحجة والمنطق واتباع سبل الحوار، يعني ذلك بكل بساطة الاستفاف بصوت الحكمة والعقل وتصبح دعوات الحوار العقلاني المنطقي نوعا من العبث والهرطقة التي لا تسمعها الأجيال الجديدة ، ولا تلقي لها بالا حتى يتحول المجتمع العربي الى عصابات كتقاتلة تقود معركة الفناء والإفناء المتبادل، التي سوف تجعل من المجتمعات العربية غارقة في الفتنة العمياء بلا نهاية.

كان من المؤمل من الدول العربية التي ما زالت تنعم بشيء من الاستقرار والأمن، ان تقود مبادرة منصفة تضع الأطراف المختلفة على طاولة الحوار، حتى لو كانت تحمل تأييدا لفريق دون فريق، وذلك من أجل مصلحتها الحقيقية اولا، ومن أجل النظر الى المستقبل المليء بالتقلبات.

من يظن أن المال والثروة كفيلة بحفظ أمنه ومستقبله فهو غارق في الوهم، ومن يظن أن القوة وامتلاك أدوات العنف القادرة على إدامة حكمه فهو واهم ايضا؛ لأن المال يشتري الضمائر الفاسدة والعقول الخاوية فقط، ولأن العنف والقوة لا تستطيع إخفاء الفكر ومطاردة العقائد، وإن استطاعت أن تفعل شيئا فسوف يكون ذلك مؤقتا سرعان ما يتلاشى أمام يقضة العقول وانتشار الوعي ونداء الحرية الذي لن تستطيع كل قوى الطغيان محاصرته.

المال سوف ينفد، والقوة المادية ستؤول الى الضعف اجلا او عاجلا ، والايام دول، ولن تكون العاقبة الا للفكر الصحيح ، والكلمة الطيبة النابعة من معين الحكمة، والمحفوظة في عقول الحكماء الذين ما زاغت أبصارهم ولا طاشت أحلامهم وقت الفتنة وانتفاش الباطل .

أجيال الشباب معنية بادراك أن الامة العربية تمر بمرحلة تحرير ارادة الشعوب وأن المعركة الحقيقية بين فريقين فريق الاستبداد والظلم والفساد الذي يستخدم المال والجيش والاعلام وكل اصناف القوة المادية وحوار الرصاص والدم في فرض نفسه على الجماهير والفريق الثاني الذي يطالب بتحرير الارادة الشعبية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة من خلال الحوار الفكري السلمي الحضاري البعيد عن لغة الرصاص والدم.

المطلوب من الشباب وكل حركات الوعي التي تقود معركة التحرر أن تتجنب الوقوع في فخ العنف واستخدام القوة المادية في الحوار الداخلي، وأن تتجنب الوقوع في منهج تغييب العقل والفكر، تحت وطأة الحرب الظالمة التي تقودها قوى الظلام.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير