jo24_banner
jo24_banner

نعم لإرادة الحياة .. لا للانتحار احتجاجا !!

حاتم الأزرعي
جو 24 :


برزت في المجتمع الأردني خلال العقد الاخير عديد من حالات الانتحار الفردي، التي لم يألفها المجتمع من قبل على هذا النحو، وتزايد عددها ، وتأخذ منحى جديدا بأعلان عديد من الافراد عزمهم الانتحار بشكل جماعي .
وبحسب إحصائيات رسمية، سجلت الوفيات الناتجة عن حالات الانتحار خلال عام 2020 في الأردن ارتفاعا ملحوظا لتصل إلى 152 حالة بزيادة 33 حالة عن عام 2019، الذي وصل فيه عدد حالات الانتحار إلى 119.
ويعزو عديد من ذوي الاختصاص ارتفاع نسب الانتحار لعدة أسباب أهمها الظروف الاقتصادية الصعبة والبطالة والفقر، والظروف الاجتماعية والنفسية، فضلا عن انتشار وباء كوفيد ١٩ الذي فاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية سوءا .
وتتداول اليوم بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي رسالة موجهة الى من يهمه الأمر حملت توقيع أربعة شباب متعطلين عن العمل، من لواء ذيبان، حددوا فيها الثالث عشر من شهر أيلول الحالي موعدا لانتحارهم جماعيا .
ولست بحال من الأحوال مع الانتحار ، أكان فرديا ام جماعيا ، ولاي سبب او تحت أي ذريعة ، ولا أراه تعبيرا لائقا عن الاحتجاج ، فيا المحمدان ومعاوية وعناد ، وقد حملت الرسالة توقيعاتكم، عبروا عن الرفض والاحتجاج والاستنكار والغضب بإرادة الحياة وقوة فعلها في مواجهة الموت .
والرسالة قصيرة ومقتضبة، لكن اسطرها العشر ، تعكس حالة عامة من يأس الشباب ، من امكانية الحصول على فرص العمل ، وهو حق كفله الدستور ، كما جاء في رسالة الشباب التي تضج الما وتقطر دما .
وفي الرسالة تعبير واضح صريح ، عن احساس عميق تشكل لدى الشباب ، بعدم اهتمام الجهات الرسمية واكتراثها بصوتهم ، وعدم الاصغاء لهمومهم، والاستجابة لمطالبهم وتجاهلها.
ويؤشر الشباب في رسالتهم الى مدى خطورة تسويق "الاوهام" ودغدغة العواطف "بالوعود الكاذبة " والدعوة "للتحلي بالصبر " ، فحين تكشفت الحقائق ،وبأن زيف الوعود ، ونفذ الصبر ، "قرر "الشباب الانتحار ، كما جاء
جاء في رسالتهم ، وفيها الكثير مما يعبر عن لسان حال اقرانهم .
ويحمل الشباب "المسؤولين " المسؤولية ، فقد "ارغمونا
على الانتحار ولم يتركوا لنا مجال سواه " ، كما جاء في رسالتهم التي تقطع نياط القلب ، وتزرع في النفس أسى يحصد المجتمع ثماره القاتلة .
ما لخصه الشباب ،واختزلوه في بضعة أسطر ، يمثل صرخة صاخبة ، وجرس إنذار ينبه الى حجم الخطر الذي يتهدد شباب الاردن ، اذ يشير تقرير حديث للبنك الدولي إلى أن نسب البطالة بينهم تقدر بنحو 50 بالمئة، وهي نسبة غير مسبوقة ، والاخطر انها مرشحة للزيادة ، اذا لم تبادر الحكومة الى إجراءات وحلول ناجعة تحد من انتشارها وتفشيها.
وتشير تصريحات حكومية منشورة إلى وجود 260 ألف عاطل عن العمل بين الشباب، منهم 26 ألف شخص في الفئة العمرية 15-19 عاما، و122 ألفا في الفئة 20-24 عاما، و114 شخصا في الفئة 25-29 عاما فيما يبلغ إجمالي عدد العاطلين عن العمل في الأردن 400 ألفا .
وتقر الحكومة بأن وجود 260 ألفا (العاطلين عن العمل بين الشباب) من 400 ألف (الإجمالي) " نسبة عالية جدا".
مطلوب اليوم ان تلتفت الدولة بجميع مؤسساتها ومكوناتها باهتمام بالغ الى الشباب ، وتصغي الى مناشداتهم ونداءاتهم ، وترتقي الى مستوى طموحاتهم ،وتلبي احتياجاتهم ومطالبهم، وفي مقدمتها ايجاد فرص العمل التي تكفل لهم حياة كريمة ، فمجتمع لا تبنيه سواعد الشباب مصيره الموت انتحارا .
ومطلوب اليوم التعامل مع مثل رسالة شباب ذيبان بمنتهى الوعي ، والتحرك العقلاني المدرك للابعاد والدلالات من قبل الجهات المعنية ، فهذه ليست المرة الأولى التي يعبر فيها شباب عن عزمهم تنفيذ انتحار جماعي ،فلا نريد بحال من الأحوال ان تصبح رسائل الانتحار الجماعي او حتى الفردي ظاهرة في بلدنا الغالي العزيز بأهله .

 
تابعو الأردن 24 على google news