jo24_banner
jo24_banner

ماء الحياة

م. روند اسماعيل
جو 24 :


الكلام الطيب أصله ثابت و فرعه في السماء، الكلام الليّن و الهيّن اللطيف، يزهر أشد النفوس جفافاً، يذيب أصعب القلوب المتحجرة، يليّن أكثر العقول صلابة، ينير أشد الأرواح ظلمة، و يفتح القلوب المقفلة، فالكلام الطيب مثل الماء يجعل كل شيء حيّ. على عكس الكلام الخبيث، الذي يحجّر القلوب، و يقسي العقول و يجفف النفوس و يظلم الارواح و يقفل القلوب.

لغة التواصل الأولى في حياتنا هي الكلام، نحتاج الكلام في كل تصرف صغيراً كان أم كبيراً، لتشرح و لتعبر عن ما تريد!
فيا حبذا لو كنا نستطيع ان نستخدم الكلمات الطيبة ذات الوقع اللطيف، وان نبتعد عن تلك الكلمات القاسية التي تحفر في وجدانك أحافير، التي قد تهز كيانك لعشرات السنين، التي تفقدك صوابك و اتزان مشاعرك أمام الكثيرين، التي قد تعكر صفو حياتك وتقلب الموازين.

فالكلام الطيب كالسحر لطيف المأخذ خفي السبب، يسحر عقلك و قلبك، و تبدأ بفعل أمورٍ قد لا تكون تريد ان تفعلها؛لكن طيب الكلام و قوته هي من فعلت، قد لا تكون مقتنعاً به لكن لطف الكلام غير اتجاه تفكيرك برقته وغير قناعاتك. يُطلب منا الكثير من الأشياء التي لا وقت و لا جهد لدينا لتلبيتها، لكن عندما تُطلب بكلام مُنمق و اسلوب ليّق، لا تقوى حينها على قول لا، بل سوف تجد لها وقتاً و تلغي بعضا من اهتماماتك، و تلبيها بكل حبٍ و تقدير. فهنا يظهر سحر الكلمات و وقع أثرها علينا!

لا اجرؤ على قول انها تخدعنا! بل في باطن الأمر هناك بعض منه و لكن بموافقتنا و مباركتنا له!

الكلام الطيب ينبت نباتاً حسناً في نفوسنا و ارواحنا، يعطيك املاً بغد اجمل، يعطيك البصيرة لايجاد الحلول، يمنحك القوة في أضعف الأوقات، ينير دربك في احلك الليالي، يمدك بطاقة في اقنن الأوقات، يسحب منك السواد و يبدله بالبياض، يغير منهج تفكيرك بالحياة، يجعلك قادرا على ان تعد للعشرة بل للمئة قبل ان تتفوه بالكلمات، يبدل احزانك بأفراح،ينقلك من مكانٍ لمكان، يجعلك اكثر مرونة و الطف فؤاداً.

لم و لن ننسى كلمات قد قيلت لنا من أعوام، بعضها كان سيئاً و بعضها كان جيداً. حين تطري على بالنا تقلب مزاجنا رأساً على عقب، وتغير من تسلسل الاحداث.

حين نمر بوقتٍ عصيب فأول شخص نلجأ إليه هو من يخفف عنا بأقواله من يريح قلوبنا بكلماته، من يمسح على فؤادنا بحروفه الطيبة اللطيفة. ونبتعد عن من يؤذينا و يجرحنا و يزيد من غصة قلوبنا! لان وقع كلماتهم يجد له مقراً في قلوبنا و ذاكرتنا، يأخد منها مستقرا الى ابد الأبدين.

الكلام الطيب أثره كبير على الإنسان، يطول الوصف و يعجز التشبيه و التعبير عنه، ففي كل الأديان و الشرائع السماوية يوصى دائما أن تكون خفيف الظل و لطيف الكلام.

فالكلام ليس سهماً لكنه يخترق القلوب.

و الكلام الطيب صدقة جارية لا يكل و لا يمل سامعيها من الدعاء لك.

واخيراً فالكلام الطيب هو ماء الحياة و مفتاح القلوب، تخيروا كلماتكم و انتقوا حروفكم فليس هناك الكثير من الوقت لنصلح ما قد أفسده الدهر ، و نمحي ما قد خُطَّ في كتاب حياتنا.

تابعو الأردن 24 على google news