jo24_banner
jo24_banner

الحراك الشعبي يتسلل شمالاً وجنوباً ويقلق النظام

الحراك الشعبي يتسلل شمالاً وجنوباً ويقلق النظام
جو 24 :

في قاع المدينة القديمة بالعاصمة عمان، حمل إبراهيم الخوالدة الجمعة - وهو أحد نشطاء الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح - لوحة خشبية كتب عليها "أين أنت يا عزيزي؟!" في إشارة إلى مفجر الثورة التونسية محمد البوعزيزي، الذي قضى بعد أن أشعل النار في جسده.

مصرّون على مواصلة الحراك حتى تحقيق الإصلاح الشامل والعدالة الاجتماعية، حرص الخوالدة على القول.

أما الناشط في حراك حي الطفيلة محمد القبالين الذي حمل على الأكتاف، فكان يرفع هو الآخر لوحات مماثلة كتب عليها: "جهاز المخابرات يهدف لخراب الأردن، ويحاول استفزاز الناس ليصلوا إلى رفع شعار لا يحمد عقباه".

ومع مرور عام على الحراك الشعبي الذي انطلق مع الشرارة الأولى لموجة الربيع العربي؛ تتفاوت المكاسب والإخفاقات التي حققها على مستوى الإصلاحات السياسية والاقتصادية ومحاربة الفساد.

لكن هذا الحراك الذي غلب عليه الطابع السياسي شكّل - وفق مصادر مقربة من دوائر القرار العليا - مصدر قلق للنظام، بعد أن تسلل نحو مدن الشمال والجنوب التي اعتبرت تاريخياً بمثابة العمود الفقري للعرش الهاشمي.

منذ العام 1989 عندما شهد الأردن تحولاً ديموقراطياً بعد أحداث العنف في مدينة معان الجنوبية احتجاجاً على رفع أسعار المحروقات، ينظر المسؤولون إلى الجنوب باعتباره مصدر قلق أمني، وبنظر المعارضة فإن هذا القلق هو الذي يدفع الأنظمة للتغيير. وقد تفاقم هذا القلق بعد الربيع العربي بشكل متسارع.

خلط هذا التطور أوراق السلطات، فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع احتجاجات الشارع، وبرزت خيارات رسمية للتعامل مع المتظاهرين، منها التجاهل، والاحتواء، واستخدام القبضة الأمنية في كثير من الأحيان.

وعلى الرغم من أن الحراك لم يتبنَّ إسقاط النظام كما حدث في دول عربية أخرى، إلا أنه حقق جملة من الاختراقات الهامة، بحسب سياسيين بارزين، إذ خلق للمرة الأولى معارضة سياسية داخل التجمعات الشرق أردنية، وأنتج حراكات شبابية تبنت رؤية نقدية بخطاب صريح لم يلامس الخطوط الحمراء فقط، بل تعداها بكثير.

وأصدر الديوان الملكي بياناً يوضح فيه ملابسات موضوع تسجيل الأراضي الأميرية باسم الملك، وأجلت الانتخابات البلدية، وأقرت الدولة بأحقية المعلمين "المتمردين" في تشكيل نقابة لهم، كل ذلك تم في سياق اعتبر من قبل المحتجين ردود فعل على مطالبهم.

"الحراك أضعف المطبخ السياسي الرسمي، وكشف عجزه عن إدراك المتغيرات" يقول سياسي بارز لـ"السبيل".

ويضيف أن "الدولة سارعت في بداية الأمر إلى إنكار الحراك، ثم تعاملت معه ببعد أمني، قبل أن ترضخ لتحقيق جملة من المطالب بأسلوب القطعة".

تجاوز الحراك الشعبي سقف المعارضة التقليدية للأحزاب والنقابات، وطالت هتافاته القصر، وهو الأمر الذي ظهر جليا في بيانات تجمع الـ36 الذي يضم شخصيات عشائرية، وخطابات المعارض البارز ليث شبيلات، الذي وجه أكثر من رسالة للملك ضمنها انتقادات صريحة، خصوصاً ما يتعلق بملف تسجيل أراضي تابعة لخزينة الدولة باسم الديوان الملكي.

كما سارع المحتجون إلى اتهام جهاز المخابرات العامة بالفساد بعد أن كان محصنا طيلة السنوات الماضية.

بيد أن الحراك عانى جملة من الإخفاقات، بحسب الدكتور محمد المصري الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، أهمها التشتت وضعف التنظيم، فرغم أن الحراك غطى أغلب محافظات المملكة، إلا أن فعالياته دائماً ما وصفت أعداد المشاركين فيها بالمحدودة، وأكبر رقم سجل في المظاهرات المطالبة بالإصلاح كان 15 ألفا في مسيرة للحركة الإسلامية.

التنسيق بين مختلف مكونات الحراك كان ضعيفاً، فحركة 24 آذار شهدت تفككاً، وتجمع الـ36 تعرض لتجربة مشابهة، وهو ما أكده منشقون عن هذين الإطارين.

المكوّنان اليساري والإسلامي لم يكونا على توافق، خصوصاً فيما يتعلق بالموقف من الثورة السورية، إذ نحى أغلب القوميين واليساريين تجاه تأييد النظام السوري، الأمر الذي دفع الإسلاميين الذين أيدوا انتفاضة الجارة الشمالية إلى القول بتناقض مطالبات اليساريين بالحرية على الساحة الأردنية، واتخاذ موقف النقيض فيما يخص حرية الشعب السوري.

ويرى سياسيون أن الدولة تواجه جملة من السيناريوهات المستقبلية من الصعب القطع بحصول أحدها، فمن الممكن أن تستعين المملكة بالتجربة المغربية فتلجأ إلى حكومة برلمانية وتقليص لصلاحيات الملك، لكن السيناريو الأخطر أن تدخل البلاد في أتون "ثورات مناطقية" على غرار هبة نيسان عام 1989. فيما يرجح مراقبون أن يكون لنجاح الثورة في الشمال نتائج ملموسة قد تدفع النظام لتقديم مزيد من التنازلات لاحتواء الشارع الغاضب، الذي ينظر باهتمام لما ستؤول إليه الأوضاع بسوريا.

محمد المصري "المنهمك" بإعداد دراسات بحثية عن الثورات العربية، يرى أن الحراك الأردني "لعب دوراً أساسياً في إعادة التوازن بين الشارع والسلطة".

ويقول لـ"السبيل" إن "الدولة مضطرة للتعامل مع أي مطالبات يتبناها الشارع، الذي طالت هتافاته تابوهات الاقتراب من رؤوس الدولة".

ويحاجج أن الحراك تطرق لموضوعات هامة تتعلق بالهوية الأردنية، ودولة المواطنة، كما خلق مجموعات هائلة من الأطر الشبابية، حاكت ثورات دول طالبت بالتغيير الجذري.

لكن المصري ذهب إلى حد القول إن الحراك الشعبي "ولد مقسوماً، وبقي مقسوما على برنامج وطني وآخر خدماتي، ما جعله أشبه بلوحة مهشمة ارتهنت للمناطقية والعشائرية".

ويعتقد الباحث بأن الخروج من المأزق الذي تمر به البلاد، يحتاج إلى "برنامج إصلاحي عميق تقوده الدولة وتلتزم بمخرجاته".

يشار إلى أن الأردن يشهد منذ عام احتجاجات متصاعدة تطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومحاربة الفساد، وسط تأكيد الحكومة سعيها إلى إحداث التغيير وإجراء تعديلات دستورية تضمن تلبية مطالب المعارضة. السبيل

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير