jo24_banner
jo24_banner

غصتان في رزنامة ٢٠٢١ .. نهاية بطل ومخاوف على وطن

حاتم الأزرعي
جو 24 :
 


 
 
يقترب عام ٢٠٢١ من نهايته ، وكما ودعنا سابقه بكسر الجرار خلفه ، يبدو اننا سنودع العام الحالي بذات المشهد ،وفي القلب غصات ، زرعها عام يمضى الى آخر أيامه ، ونأمل ان لا يحصد احد ثماره الخَمِجَة في العام المقبل ، ويحدونا الرجاء ان يكون مشرقا يبدد ظلمة عام اتعبتنا مصائبه ونكباته واتعستنا احداثه المتتالية في حياة هي قصيرة مهما طالت أيامها.

وغصات العام الحالي توجع القلب وتضخم عضلته لتضخ الدم ثقيلا بطيئا في شرايين سدها القلق والتوتر والانفعال واليأس والاحباط والترقب والصدمات الواحدة تلو الأخرى ، دون وقت كاف لالتقاط الأنفاس في زمن عز فيه الاكسجين ،وبات سلعة يَحكُم العرض والطلب سعرها في سياق تغلغل قوانين الرأسمالية الجشعة المتوحشة وانتهاكها لابسط حقوق الإنسان .

وفي رزنامة الايام ، يختلط الخاص بالعام ، وتضيع الفواصل ، وتسود علامات التعجب والاستفهام والاستنكار الجُمَل ، وتتساقط حركات التنوين على الحروف خجولة كئيبة ، ويدهش اللغة المطواعة عبء اسئلة تُحمَل طويلا على ظهر الزمن وتتوه اجاباتها في غياهب النسيان في دول وأنظمة وكيانات متكبرة متسلطة متجبرة ، لا ترى ،لا تسمع ، ولا تتكلم ،وتمعن في ارتكاب الجرائم بحق البشر .

واقلب آخر صفحة من رزنامة العام على وجع فقدان الوالد ، وإن كان ذلك شأنا خاصا لكن فيه بعدا عاما ، فقد كان بطل المملكة في الملاكمة لسنوت عديدة وحاز على كؤوس ومداليات مرموقة في بطولات محلية وعربية ، ولعله آخر الرياضيين من الرعيل الاول عموما والملاكمين خصوصا ، وغرس غيابه غصة في دولة لا تكرم أبطالها ويفقدون حياتهم في نظام صحي متهالك ، لا يمنح الانسان حقه في رعاية صحية تحفظ الكرامة وتصونها !!.
ومن اول يوم الى آخر يوم في رزنامة العام ، ما زال وباء كورونا يلقي بظلاله القاتمة الثقيلة على مناحي الحياة كافة ، وخَلَف دمارا اقتصاديا واجتماعيا وصحيا بالغا وحصد آلاف الأرواح ، وأبى الفيروس الا ان يودع العام " بنيو لوك" ليعيدنا الى المربع الاول ويبث في النفوس مزيدا من الخوف والهلع ويعزز انعدام الثقة بالحكومة واجراءاتها العقيمة .

وشهد عام ٢٠٢١ احداثا جساما ، جسدت في عديد من جوانبها واظهرت تعابير شتى عن حالة السخط والرفض الشعبي لاجراءات الحكومة وقراراتها الارتجالية المتسرعة ونهجها المتخبط في إدارة شؤون الدولة ، فعمت الاحتجاجات والمسيرات والاعتصامات انحاء المملكة كافة، ورفعت خلالها شعارات تجاوزت في مضامينها الخطوط الحمراء، وهدمت بجرأة غير مسبوقة كل السقوف وتجاوزتها لتطاول عنان السماء في سبيل الحرية والكرامة والحياة الفضلى .

وعلى وقع الاحتجاجات والاعتصامات والمسيرات ، اطلقت الحكومة اذرعها الأمنية، وتمادت في التوقيف والاعتقال وحجز الحريات بالاكراه ، تحت ذرائع واهنة ، ولم تخجل من قطع الأرزاق، فأحالت عشرات المعلمين إلى التقاعد المبكر، ومن ضمنهم أعضاء في مجلس نقابة المعلمين ، بعد أن كانت قد حلته .

ومن بلد حر جزئيا عام 2020 إلى بلد غير حر عام 2021 هكذا صنفت منظمة فريدوم هاوس الأمريكية الاردن، الذي سجلت حكومته حالة غير مسبوقة من الاشتباك السلبي مع وسائل الإعلام ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي .
وفي ذاكرة رزنامة عام ٢٠٢١ حدث لم يكن احد ليتوقعه ، وشكل صدمه للنظام السياسي المستقر الى حد كبير ، وللناس الذين هالهم حجم الحدث وتداعياته ، التي طالت رموزا سياسية متأهبة للسلطة ،خارج أطر النظام الذي احتضنها ، وقادتهم إلى السجن بتهم السعي لإحداث الفوضى والفتنة داخل الدولة.

ويتبدى في ذاكرة الرزنامة بوضوح شديد نبض الشارع وقوى مقاومة التطبيع مع كيان الاحتلال ، على خلفية اتفاق "الماء مقابل الكهرباء " الذي قوبل كما غيره من الاتفاقات والتفاهمات ،السرية والعلنية على حد سواء، برفض شديد وإصرار عنيد على نسفها ، وطي صفحتها الى غير رجعة .

ومع آخر العام وعلى رزنامته تتكشف بجلاء ملامح العداء لكل جميل مقاوم في حياتنا ، تشوهه صورة " أميرة " ويُطعَن النضال من أجل الحرية بحربة الجهل وعبثية افلام لا ترى الواقع وتطمس الحقائق فتسرح وتشطح في خيال اقل ما يقال عنه انه مريض ، عالجه الناس وطلائعهم الواعية بالصدمة الكهربائية ، فعاد قلب القضية ينبض بالحياة .

ومع كل يوم مُر يَمُر في ذاكرة رزنامة عام المآسي ، والأحداث الجسام ، والصفقات والاتفاقات ، تحت الطاولة وفوقها ، يزداد غضب الناس ، وتبلغ الغصات ذروتها على وطن تفتك بشبابه البطالة ، ويعض الفقر بأنيابه شيابه ، ويتكالب عليه هواة السياسة والتجار والسماسرة ، وتدار وزاراته ومؤسساته بعقلية عثمانية ، ما زالت اختام تخلفها " تُطَجُ" وتُدمَغ بها كل معاملتنا الرسمية .
وهكذا ..نودع الايام الاخيرة من عام ٢٠٢١ ، غير المأسوف عليه ، وفي القلب غصة وخوف وأسى على وطن ييمم نحو عام جديد مثخنا بالجراح ، محملا بأثقل أوزان الهموم ، يمزق الفساد احشائه ، ويئن الإصلاح الما تحت وطأة أكاذيب ساسته وبطلان اقوالهم بسوء أفعالهم.

بين واقعتي امير "واميرة" ، وقبلهما وبعدهما ، احداث ومصائب ، تحت رمادها على رزنامة عام ٢٠٢١ جمر ايام لم ينطفىء .


تابعو الأردن 24 على google news