على ايدي القتلة..الاشجار لم تعد تموت واقفة !!
حاتم الأزرعي
جو 24 :
يشكو مواطنون من لواء بني كنانة من الاعتداء على الغابات الحرجية في محمية اليرموك الطبيعية بمنطقة ملكا وفي المناطق الاخرى التي تشتهر بالغابات الطبيعية في اللواء .
وقال المواطنون في تصريحات ل جو ٢٤ "انهم تقدموا بشكاوى الى كافة الجهات المعنية مثل مديرية الزراعة والمتصرفية ووزارة الزراعة ولايوجد اي نتيجة والاعتداءات مستمرة .. ولم يتحرك اي منهم لوقفها ".
وكما في لواء بني كنانه ، الغني بالثروة الحرجية ، كذلك في العديد من المحافظات اعتداءات صارخة على ثروتها الحرجية ، حيث تتركز كثافة الغابات الحرجية في محافظات الوسط والشمال (البلقاء وجرش وعجلون واجزاء من محافظة اربد ).
وعلى الرغم من الجريمة المنظمة والاغتيال اليومي لهذه الثروة على ايدي " مافيا تجارة الحطب " كما تصفها تحقيقات وتقارير صحفية منشورة، فإن الجهات الرسمية المعنية تلتزم الصمت ، ولا تحرك ساكنا ولا تقوم بأي فعل رادع ، ولذلك تستمر الجريمة وتتشابك خيوطها ، والضحية أشجار تتساقط على ايدي قتله لا يأبهون بالقانون ، فهل هناك عقوبات رادعه؟؟.
ينص قانون الزراعة على ان الاعتداء على الأراضي الحرجية سواء بإزالة أو بتخريب علاماتها وأسيجتها الحدودية بالحبس لمدة ثلاثة أشهر وبغرامة مقدارها 100 دينار، كما يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة مالية قدرها 50 دينارا، عن كل شجرة أو شجيرة حرجية أتلفها الحريق، ويلزم المتسبب بدفع تكاليف إطفاء الحريق، فهل هذه العقوبات رادعة ؟
يرى كثيرون من ذوي الاختصاص ان العقوبات التي يرتبها القانون على هذه الجريمة غير رادعة اذا ما قورنت بالمبالغ المالية التي يجنيها المعتدون على الثروة الحرجية وقتلة الأشجار التي لم تعد تموت واقفة بآنفه وتحد كما أرادت لها الطبيعة !! .
ويعاني الاردن من غطاء نباتي هزيل يقدر بـ 3.7% من المساحة الكلية للمملكة في حين أن مساحة الأراضي الحرجية تقدر بـ 1.5% من المساحة الكلية للمملكة ، وبالرغم من ذلك تَغيب الاستراتيجيات الوطنية لزيادة المساحة الحرجية ، او بشكل أدق تُغيب ، ولا نسمع الا جعجعه الجهات المعنية ولا نرى طحنا ، فيتعمق التصحر وتُكشف عورة اراضينا .
إن واقع الثروة الحرجية ، يوجب على الجهات المعنية ، الحفاظ على المتوفر من الأشجار الحرجية وحمايتها والنأي بها عن الأيدي الشريرة التي تغتالها نهارا جهارا ، دون رقيب او حسيب ، والأدهى ان الطوافون لم يعودوا يتجرأوا على اداء دورهم ، ويتعرض للاعتداء من يجرؤ منهم على التصدي للمعتدين على حرمة الأشجار .
والغريب المريب إن اغتيال الثروة الحرجية ، ليس عملا فرديا معزولا ، بل هو اغتيال موجه ، ترعاه وتحميه ‐على ما يبدو‐ قوى متنفذة وتجار كبار وأثرياء يستثمرون في بناء الفلل السياحية والقصور الفخمة ، كما خلص الى ذلك تحقيق نشرته إحدى الصحف اليومية ، فيما يحاول هؤلاء الصاق تهمة اغتيال الأشجار بالفقراء ، الذين يحطبون من أجل لحظة دفء في زمن البرد القارص ، في ظل إستحالة توفير اي شكل آخر من وسائل التدفئة !!.
وقد طور طغاة التحطيب في الغابات ادواتهم ووسائلهم ، ويستخدمون تقنيات حديثة تحول دون اكتشاف أمرهم بقطع الأشجار باستخدام ماتورات النشر الكاتمة للصوت، ورافعات حديثة ، ويحتالون على الجهات المعنية بإضرام الحرائق المفتعلة، وهم أنفسهم من يحطبون الأشجار بعد أن تقوم الجهات المعنية بإطفاء الحرائق.
ولا تتوفر معلومات دقيقة موثقة حول الخسائر المادية جراء الاعتداء على الثروة الحرجية ، لكن الأكيد أن الغابات تحتوي على تنوع حيوي وخسارتها نتيجة التقطيع الجائر والحرائق تعتبر كارثة بيئية بكل المعايير ناهيك عن إلحاق الضرر بالسياحة والقضاء على واحدة من اهم مقوماتها وهي الغابات الجميلة المعمرة التي تستقطب السياح ، فضلا عن أهمية الغابات في تنقية البيئة بامتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون والغازات الضارة الاخرى من الجو واطلاق الاكسجين النقي وفلترة الهواء وترسيب الغبار والاجزاء الضارة .
ويبقى السؤال الاخير مطروحا بقوة ، هل فشلت مؤسسات الدولة المعنية حتى اللحظة في حماية ثروتنا الحرجية على شحها وندرتها؟ أكاد أجزم انها فشلت ، والدليل القاطع استمرار تخريب ونهب هذه الثروة ، دون أن يرمش لطغاة اغتيال الأشجار جفن!!.