مخاطر تهدد حياة العاملين في مصفاة بترول العقبة
ما زال مستوى تطبيق شروط ومعايير الصحة والسلامة المهنية في مستودعات شركة مصفاة البترول /العقبة، ضعيفة بالرغم من خطورة وحساسية المهام التي يقوم فيها العاملين في موقع العمل المذكور، الأمر الذي يهدد حياة العاملين وسلامتهم المهنية، بالرغم من سياسات الصحة والسلامة المهنية المعلنة من قبل إدارة الشركة.
ورغم مرور ما يزيد عن عام من إثارة هذه القضية من قبل المرصد العمالي الأردني إلا إن الانتهاكات ما زالت مستمرة في مجال معايير الصحة والسلامة المهنية، فيما نفى الرئيس التنفيذي للشركة المهندس عبدالكريم علاوين هذه الاتهامات وأكد على حرص الشركة على سلامة العاملين في الشركة وسلامة المعدات.
وكان العاملون في مستودعات المصفاة قد أثاروا هذه القضية للمرصد العمالي العام الماضي حيث أكدوا أنهم يعملون وسط غياب تام لكافة معايير وشروط الصحة والسلامة المهنية لجهة عدم توفر أدوات السلامة الشخصية الخاصة بالاطفاء مثل: ملابس الاطفاء، و القفازات، والجاكيت الواقي "فزت" من الحريق، وقبعة الحريق.
كما شكا العاملون آنذاك عدم وجود مياه نقية للشرب ولا أماكن للاستراحات وتناول الطعام خاصة أن العمل في "مصفاة البترول /العقبة" يقوم على نظام الورديات "شفتات"، حيث قامت إدارة المصفاة بحل هذه الجزئية من المشكلة إلا أن القضية الاساسية ما تزال عالقة.
وأفاد العلاوين للمرصد العمالي وفيما يتعلق بموضوع السلامة العامة أن الشركة قامت بتوفير موظفي سلامة عامة في كل مجموعة من المجموعات العاملة على مدار الساعة ووظيفتهم المحافظة على سلامة العاملين في الشركة، كما أن سجلات دائرة مستودعات العقبة تُبين تسليم جميع العاملين أدوات السلامة العامة مثل ( افرهول، حذاء سلامة، خوذة )، وبشكل دوري ومنتظم، وكان العاملون قد جددوا تأكيدهم في آب الماضي انهم لا زالوا يفتقرون لأدوات السلامة الشخصية الخاصة، وحسب ما افاد بعض موظفي السلامة والاطفاء العاملين في "مصفاة البترول/ العقبة" أنهم عندما يطالبون بتوفير أدوات الصحة والسلامة المهنية الخاصة بحمايتهم، ترفض الإدارة توفيرها لهم دون توضيح أسباب الرفض، الأمر الذي يتعارض مع جوهر معايير الصحة والسلامة المهنية الأردنية والعالمية، ويتعارض كذلك مع سياسات الشركة بهذا الخصوص والمدونة نظريا والتي تؤكد على سلامة موظفيها ومنشآتها وتعتمد شعار "السلامة اولاً".
وحسب تأكيدات العاملين لا تزال هذه المنشأة رغم خطورة بيئة العمل فيها تفتقر إلى توفر واستخدام اساليب الصحة والسلامة المهنية، حيث تم رصد العديد من الممارسات التي تخالف معايير الصحة والسلامة المهنية المنصوص عليها في التشريعات الأردنية سواء الصادرة عن وزارة العمل أو المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أو المديرية العامة للدفاع المدني، والتي تتوافق مع المعايير الدولية ذات العلاقة لاتزال قائمة، فقد تبين أن تطبيق شروط الصحة والسلامة المهنية في شركة مصفاة البترول/ العقبة لا تتلائم مع المتطلبات الأساسية الواجب توفرها في موقع عمل مثل مصافي وموانئ البترول التي تتعامل مع مواد خطرة وسريعة الاشتعال، ولا تتوافق مع معايير الصحة والسلامة المهنية المنصوص عليها في القوانين والأنظمة والتعليمات الأردنية الصادرة عن الجهات الرسمية ذات العلاقة.
ويشار الى ان عملية تدريب العاملين على أداء مهمات السلامة العامة يتم مرة واحدة عند التعيين في الوظيفة، ولا يتم تجديد التدريب بعد ذلك بحسبهم ، الأمر الذي يتعارض مع مبادى عمل السلامة المهنية الذي يتطلب اخضاع العاملين في الصحة والسلامة المهنية لبرامج تدريبية دورية واجراء تمارين على ممارستها.
فرص الإصابة بالامراض التنفسية مرتفعة
وأكد العلاوين أن إدارة المصفاة حريصة على صحة العاملين لديها من خلال تأكيدها على ضرورة إستلام كافة العاملين الكمامات الواقية وقال " أنه تم توزيع بلاغات على الموظفين من أجل مراجعة المستودع واستيلام الكمامات"، مشددة على أنها تطبق عقوبات بحق العاملين المخالفين الذين لا يرتدون أداوت السلامة وحسب نوعية العمل الذي يقوم به، الا أن غالبية العاملين رفضوا رواية الإدارة واكدوا على عدم تسلمهم ادوات للوقاية من الأبخرة او للتخفيف من استنشاقها.
كذلك يتطلب العمل في مصافي البترول عادة أن يقوم العاملين بشرب أكواب من الحليب يوميا للوقاية من بعض الامراض التي يمكن أن يتعرض لها العاملين في هذا النوع من الصناعة، الاّ ان ادارة الشركة لا توفر لهم ذلك، وحسب ما افاد بعض العاملين فإن بعض مسؤوليهم يستهزؤون بطلب العاملين لحقهم في شرب الحليب يوميا، ولا يلتزمون بهذا المعيار.
اصابات العمل
اشتكى العديد من العاملين أنه في حال اصابة احد العاملين غالبا ما يتم نقله الى المستشفى او عيادة طبيب الشركة بواسطة سيارة" بك اب" او ينتظر سيارة الاسعاف حتى تأتي إن كانت الاصابة خطيرة، واستذكر العاملين أثناء مقابلتهم قصص زملاء لهم دفعوا ثمنا غاليا نتيجة عدم وجود وحدة صحية في موقع العمل، إذ سقط العديد من زملائهم أثناء القيام بعملهم وبعد أن يتم اسعافهم من قبل زملائهم تعمل إدارة الشركة على معاقبة من قام بالاسعاف بحجة أنها ليست وظيفتهم.
فيما شدد علاوين على ان الشركة تولي إصابات العمل إهتماما كبيرا، حيث يتم رفع اصابات العمل وبشكل مباشر ودون تأخير للادارة العامة قسم الموارد البشرية لاتخاذ الاجراء المناسب من حيث تبليغ مؤسسة الضمان الاجتماعي موضحا انه يتم متابعة الحالة من خلال التقارير الطبية وانه في حال الانتهاء من العلاج يتم إغلاق اصابة العمل.
وأوضح أن دائرة السلامة والبيئة تجري متابعة شهرية ودورية لجميع دوائر المصفاة ومواقع العمل من حيث عمل احصائية شهرية لحوادث العمل وتحديد الاسباب التي أدت إلى الاصابة والية المتابعة والمعالجة والوقاية لعدم تكرار الحادث.
وفي موضوع التبليغ عن اصابات العمل أكد العديد من العاملين ان هنالك اصابات عمل لا يتم تبليغ مؤسسة الضمان الاجتماعي عنها، حيث أكدوا ان بعض الاداريين يقومون احيانا بإقناع العاملين المصابين بأساليب ترغيبيه أو ترهيبية بهدف عدم تسجيل اصاباتهم كإصابات عمل، أو يتم إخبارهم أن الدفاع المدني وفي حال ارسال سيارة اسعاف ستقوم بخصم 20 دينارا على ذلك، وأكد العاملين أن إدارة الشركة إما لا تقوم بالتبليغ عن إصابة العمل أو تقوم بإغلاقها دون إعلام العامل حتى لا ترتفع نسبة اصابات العمل في الشركة الأمر الذي يترتب عليه تبعات معنوية ومالية اضافية مثل زيادة اقتطاعات اشتراكات الضمان على الشركة، حال اكتشاف عدم التزامهم بالمعايير المعتمدة لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي.
وكان العديد من العاملين افادوا أن السلالم المستخدمة في عمليات تحميل وتنزيل المشتقات النفطية غير آمنة، وأن ذلك تسبب في تعرض العديد من العاملين للإصابات؛ غير أن العلاوين نفى هذه الاتهامات وأكد أنه يتم تفقد السلالم ومنصات التحميل بشكل يومي من قبل موظفي الصيانة، كما يتم تفقد منصات التحميل والسلالم من قبل موظفين السلامة العامة، مشيرا انه يطلب من عامل التحميل عدم الصعود على منصات التحميل واستخدام السلالم اذا لم تكن سليمة حيث يوجد نماذج وتعليمات بهذا الخصوص.
أما فيما يتعلق بوجود وحدة طبية في موقع مصفاة البترول في العقبة فتبين لفريق المرصد عدم وجودها في موقع العمل على الرغم من أن عدد العاملين فيها يقارب (350) عاملا، وهذا مخالف لنظام العناية الطبية الوقائية والعلاجية للعمال في المؤسسات رقم (42) لسنة 1998 والذي يشترط وجود وحدة طبية (عيادة) مع طبيب متفرغ في موقع العمل وممرضين اثنين للمؤسسات التي يعمل فيها (101 الى 500) عامل، اما صندوق الاسعافات الأولية فهو متوفر للعاملين في الوردية الصباحية فقط حسب العديد من العاملين، ولا يتوفر فيه حسب العاملين سوى القطن والشاش واليود، الأمر الذي يتعارض مع قرار وزير العمل الخاص بوسائل واجهزة الاسعاف الطبي للعمال، الذ حدد 17 مادة طبية لازمة للاسعافات.
ويجدر التنبيه في الختام الى ضرورة الاخذ بعين الاعتبار شروط الصحة والسلامه المهنية لحماية العاملين ومنشأتهم.
(المرصد العمالي)