الإسلام والنهوض الحضاري
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : النهوض الحضاري لا يتم ولا يتحقق بمجرد الانتساب إلى الإسلام، أو بمجرد الادعاء وحمل الإسلام، دون امتلاك القدرة على فهم روحه، وتمثل قيمه، وفقه مقاصده، والوقوف على علله وحكمه، ومن ثم امتلاك القدرة على النسج على منواله.
قد يكون أحياناً أكثر ما يضر الدين ويسيء إليه، فئة من أدعيائه والمنتسبين إليه، تلك التي لا تستطيع أن تدرك مراميه، وتعجز عن فهم حقائقه ودقائقه، ويتمسكون بظواهره وقشوره، بقدر كبير من الجهل المصحوب بوهم التدين وسوء الفهم، فتجد أحياناً بعض المتدينين الذي يحرصون على أداء الصلوات، وفي الوقت نفسه يتساهل في الكذب، أو حلف الأيمان الكاذبة، أو لا يتورع عن إلحاق الأذى بالجيران، ولا يصدق الوعد، ولا يفي بالعهد، ويتمتع بقدر كبير من الأنانية المفرطة.
أول درجات التدين امتلاك الفهم، ومن امتلك الفهم أحسن التصرف، وأدرك الحقائق، وأجاد فن التعامل مع النفس ومع الآخر ومع بقية موجودات الكون، بأيسر الطرق وأسهلها وأكثرها سلامة وأقربها إلى الصحة، وهذه تمثل الخطوة الأولى نحو البناء الحضاري.
بناء الحضارة يحتاج إلى مجتمع إنساني متحضر يفقه عوامل التحضر ووسائله ويفقه جوهره وأسراره، ويمتلك أدوات البناء، ويبدع في تطويرها وتحسينها ومواصلة الاستمرار في تجديدها بشكل لا يتوقف ولا يتراجع، ولا يتم ذلك إلا من خلال تجديد العقل الجمعي، القادر على خوض معركة التنافس مع العقل الأممي على مستوى العالم.
الدين يأمر بالجد والاجتهاد، ومغادرة الكسل والعجز والقعود عن طلب المعالي، ويحارب التواكل المفضي إلى البحث عن الرضى النفسي عن الفشل والتخاذل من خلال التعلق السطحي بمظاهر الدين الزائفة، لأن الدين يدعو إلى حسن التخطيط، وضرورة الأخذ بأسباب القوة من خلال إعمال الذهن وبذل الجهد في البحث والنظر من أجل اكتشاف مجاهيل الكون وإدراك أسرار القوة الكامنة في نواميسه وتكوينه، وفي أعماق جزيئاته.
العلم يطلب بذل أقصى غايات الاجتهاد في طلب العلم، عن طريق المواظبة وامتلاك آداب التعلم وأخلاق التلمذة، الممزوجة بالتواضع وعلو الهمة، وحسن الإنصات، وتوسيع مدارك العقل وآفاق الروح، ومن ثم الاستعانة بالله وحسن عبادته.
إن الذين ينتظرون المعجزات، وتنزل الكرامات، وهم يمارسون البلادة الذهنية، ويتفننون في تضييع الوقت، ويقعون فريسة للكسل والعجز فهؤلاء لا يدركون معنى الدين ولا جوهر الإسلام، وهم يسيئون إلى دينهم وأنفسهم وأمتهم ولا يحسنون، وإن الذين لا يحسنون التخطيط، ولا يمتلكون القدرة على التفكير العلمي المنهجي الصحيح، ويعجزون عن إدراك أسرار الكون، ولم يكلفوا أنفسهم عناء طلب العلم والبحث العميق الدائم، فهؤلاء ليسوا متحضرين، ولن يستطيعوا بناء حضارة ولا نصف حضارة، حتى لو قالوا عن أنفسهم ملمين ومتدينين.
الإسلام يدل على الطريق، ويهدي إلى الصراط المستقيم، ولكن في الوقت نفسه لا تتم الهداية إلا بالمجاهدة، فقد قال تعالى: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا»، فلا يمكن أن تتحصل الهداية وامتلاك القدرة على سلوك طريق الحق، إلا بالمجاهدة، التي تعني كثرة الجهاد واستمراره ودوامه، وأعلى درجات الجهاد مجاهدة النفس حتى تستكمل درجات الرقي والصعود في معارج الكمال البشري، الذي يتم تتويجه بحسن الخلق واتقان العمل.
من أشد المصائب التي تصيب الأمة، أن يتصدى لحمل الدين الجهلاء، وأن يبشر به العاجزون عن إدراك معاني التحضر فيه، وأن يتحدث باسمه من كان سبباً في تخلف الأمة والعودة بها إلى الخلف، فهؤلاء ليسوا أمناء على الدين، وليسوا أمناء على الأمة ولا على الوطن ولا على المستقبل.
الإسلام يدل على عوامل النهوض ويدل على مقومات النصر ولكن الله لا يقاتل نيابة عن القاعدين، ولا ينزل النصر على المتخاذلين كما قال بنو اسرائيل لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون)، والإسلام ليس أداة للوصول إلى السلطة، وليس سلّما للصعود إلى موقع إدارة الدولة، إنما الإسلام روح تسري في الأمة فتعلمها كيف تصنع النهوض وكيف تنشىء الحضارة، وكيف نختار من الرجال من يحسن السلطة ويحسن إدارة الدولة، ويحسن البناء ويحسن تجميع الطاقات واستثمارها، ويحسن استغلال الوقت ويحسن التخطيط ويحسن التنفيذ ويحسن المتابعة، ويحسن امتلاك أسباب القوة وأدوات التحضر.
(الدستور)
قد يكون أحياناً أكثر ما يضر الدين ويسيء إليه، فئة من أدعيائه والمنتسبين إليه، تلك التي لا تستطيع أن تدرك مراميه، وتعجز عن فهم حقائقه ودقائقه، ويتمسكون بظواهره وقشوره، بقدر كبير من الجهل المصحوب بوهم التدين وسوء الفهم، فتجد أحياناً بعض المتدينين الذي يحرصون على أداء الصلوات، وفي الوقت نفسه يتساهل في الكذب، أو حلف الأيمان الكاذبة، أو لا يتورع عن إلحاق الأذى بالجيران، ولا يصدق الوعد، ولا يفي بالعهد، ويتمتع بقدر كبير من الأنانية المفرطة.
أول درجات التدين امتلاك الفهم، ومن امتلك الفهم أحسن التصرف، وأدرك الحقائق، وأجاد فن التعامل مع النفس ومع الآخر ومع بقية موجودات الكون، بأيسر الطرق وأسهلها وأكثرها سلامة وأقربها إلى الصحة، وهذه تمثل الخطوة الأولى نحو البناء الحضاري.
بناء الحضارة يحتاج إلى مجتمع إنساني متحضر يفقه عوامل التحضر ووسائله ويفقه جوهره وأسراره، ويمتلك أدوات البناء، ويبدع في تطويرها وتحسينها ومواصلة الاستمرار في تجديدها بشكل لا يتوقف ولا يتراجع، ولا يتم ذلك إلا من خلال تجديد العقل الجمعي، القادر على خوض معركة التنافس مع العقل الأممي على مستوى العالم.
الدين يأمر بالجد والاجتهاد، ومغادرة الكسل والعجز والقعود عن طلب المعالي، ويحارب التواكل المفضي إلى البحث عن الرضى النفسي عن الفشل والتخاذل من خلال التعلق السطحي بمظاهر الدين الزائفة، لأن الدين يدعو إلى حسن التخطيط، وضرورة الأخذ بأسباب القوة من خلال إعمال الذهن وبذل الجهد في البحث والنظر من أجل اكتشاف مجاهيل الكون وإدراك أسرار القوة الكامنة في نواميسه وتكوينه، وفي أعماق جزيئاته.
العلم يطلب بذل أقصى غايات الاجتهاد في طلب العلم، عن طريق المواظبة وامتلاك آداب التعلم وأخلاق التلمذة، الممزوجة بالتواضع وعلو الهمة، وحسن الإنصات، وتوسيع مدارك العقل وآفاق الروح، ومن ثم الاستعانة بالله وحسن عبادته.
إن الذين ينتظرون المعجزات، وتنزل الكرامات، وهم يمارسون البلادة الذهنية، ويتفننون في تضييع الوقت، ويقعون فريسة للكسل والعجز فهؤلاء لا يدركون معنى الدين ولا جوهر الإسلام، وهم يسيئون إلى دينهم وأنفسهم وأمتهم ولا يحسنون، وإن الذين لا يحسنون التخطيط، ولا يمتلكون القدرة على التفكير العلمي المنهجي الصحيح، ويعجزون عن إدراك أسرار الكون، ولم يكلفوا أنفسهم عناء طلب العلم والبحث العميق الدائم، فهؤلاء ليسوا متحضرين، ولن يستطيعوا بناء حضارة ولا نصف حضارة، حتى لو قالوا عن أنفسهم ملمين ومتدينين.
الإسلام يدل على الطريق، ويهدي إلى الصراط المستقيم، ولكن في الوقت نفسه لا تتم الهداية إلا بالمجاهدة، فقد قال تعالى: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا»، فلا يمكن أن تتحصل الهداية وامتلاك القدرة على سلوك طريق الحق، إلا بالمجاهدة، التي تعني كثرة الجهاد واستمراره ودوامه، وأعلى درجات الجهاد مجاهدة النفس حتى تستكمل درجات الرقي والصعود في معارج الكمال البشري، الذي يتم تتويجه بحسن الخلق واتقان العمل.
من أشد المصائب التي تصيب الأمة، أن يتصدى لحمل الدين الجهلاء، وأن يبشر به العاجزون عن إدراك معاني التحضر فيه، وأن يتحدث باسمه من كان سبباً في تخلف الأمة والعودة بها إلى الخلف، فهؤلاء ليسوا أمناء على الدين، وليسوا أمناء على الأمة ولا على الوطن ولا على المستقبل.
الإسلام يدل على عوامل النهوض ويدل على مقومات النصر ولكن الله لا يقاتل نيابة عن القاعدين، ولا ينزل النصر على المتخاذلين كما قال بنو اسرائيل لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون)، والإسلام ليس أداة للوصول إلى السلطة، وليس سلّما للصعود إلى موقع إدارة الدولة، إنما الإسلام روح تسري في الأمة فتعلمها كيف تصنع النهوض وكيف تنشىء الحضارة، وكيف نختار من الرجال من يحسن السلطة ويحسن إدارة الدولة، ويحسن البناء ويحسن تجميع الطاقات واستثمارها، ويحسن استغلال الوقت ويحسن التخطيط ويحسن التنفيذ ويحسن المتابعة، ويحسن امتلاك أسباب القوة وأدوات التحضر.
(الدستور)