2024-05-28 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

من المسؤول.. تأملات في الإصلاح

سالم الفلاحات
جو 24 : سؤال حائر هامس يتردد اليوم، هل خسر الاردن مشروع الإصلاح ؟ ومن يتحمل المسؤولية: أهي القيادات الحزبية بمختلف ألوانها؟ أم هي الحركة الاسلامية الاوسع حضورا على الساحة؟أم هي الحراكات الشعبية وبخاصة البارزين فيها؟ أم هو الشعب الذي كانت استجابته للاصلاح محدودة؟ ام هي الشخصيات الوطنية المتنحية عن العمل الوطني اليائسة من كل شيء؟ ام هو النظام الممانع للاصلاح والمستعصي عليه؟ أم هي قوى الشد العكسي وأصحاب المصالح الخاصة؟ أم هي جميعا ولكن بنسب متفاوتة؟ اسئلة لا ليضيع دم الاصلاح بين القبائل واسئلة لا تنتظر الاجابة المعلنة إنما ليوجهها كل الى نفسه.
كادت من اول الطريق تقعدك صراحة بعضهم التي تحفظ الصورة النمطية التي لا تفارقهم من محاولات كثيرة فاشلة سابقة منذ بدايات عام 2011. وكادت تقعد المندفعين الجادين قراءة بعض السياسيين والكتاب والشعراء أمثال أمجد ناصر عندما كتب في القدس العربي بتاريخ 26/11/2011 مقالا مستفزا للإصلاحيين بعنوان (انسوا الإصلاح في الاردن) وأورد الشواهد والدلائل المؤيدة لرؤيته، وليت القارئ يرجع اليه وهو حري بالقراءة حقا. وكادت تقعدك تشككات بعض الاصدقاء والرفقاء (وعظام الرقبة) وانسحابهم الهادئ المبكر من الاندفاع في حمل المشروع الذي كانوا ينادون به منذ عقود خلت.
ولم أنس تأملات الكاتب الاستاذ عاطف الجولاني في مقالته بجريدة السبيل بتاريخ 12/5/2011 والذي كان بعنوان هل توقف الحراك الاصلاحي في الاردن أم هو الهدوء الذي يسبق العاصفة؟ وفي ظني انه كان يستشعر النتيجة وان كان يشحذ الهمم إلا ان القراءة بين السطور ربما كانت شيئا آخر.
وقد وصف الحراك الشعبي بأنه نخبوي فقط، وأن اجهزة النظام تحاول ان تؤثر سلبا على الحزبيين والنقابيين والمفاصل التي تستطيع التأثير عليها، وقد أطلقت العديد من الفزاعات التي تخيف الناس من مشروع الاصلاح، وتزامن ذلك مع تشكيل لجان ملكية وحكومية ظاهرها الاستجابة للمطالب الشعبية، جعلت بعضهم ينتظر منها مخرجات ايجابية حقيقية ويطالب بإعطاء فرصة للنظام ورافق ذلك استخدام البلطجية بل القوة المباشرة لتفريق بعض الفعاليات والإقدام على اعتقالات محدودة في البداية ثم تزايدت فيما بعد.
أما من جهة الحراكيين فقد ذكر الكاتب أن المسيرة الشعبية بدأت تنضج وتتمأسس وتتشكل الواجهات الوطنية، وقد عقدت لقاءات حوارية شعبية للاجابة عن بعض التساؤلات المشككة والمحيرة وبخاصة فيما يتعلق بهوية الدولة متجاوزة خلافاتها المضخمة وغير الحقيقية.
هذا وقد أغرت التصريحات الملكية بشأن الاصلاح كل متأمل بنجاح المشروع والتي لم تكن تختلف كثيرا عما يطالب به الاصلاحيون، وان كانت ترجمتها العملية على الأرض متواضعة ومحيرة ولا تجد اجابات شافية!، قرأها الناس قراءات متباينة بعضها كان يعزز تشاؤمه وبخاصة كبار السن وبعض السياسيين والكتاب المستقلين وبعضهم رآها مؤيدة لتفاؤله وإيجابيته.
وبعد ما يقرب من ثلاث سنين من المجاملات الرسمية والوعود المتلاحقة وإيهام بعض الطيبين بأن الاصلاح هو مشروع النظام قبل أن يكون مشروع المواطنين وإذا بالهجوم العالمي الدولي والاقليمي المبيت على حرية الشعوب يبلغ مداه فتنقلب الحقائق في الاعلام المأجور وتضخ المليارات المشبوهة والحرام للإجهاز على فكرة الحرية والاصلاح والعدالة والكرامة العربية وتلتقي مصالح المستعمرين مع مصالح العدو المحتل لفلسطين ولإرادات القائمين على الشأن العربي مع مصالح الحكام الفرديين او العائليين او العسكريين على حد سواء؛ ليشكلوا جميعا جبهة واحدة ضد شعوب عزلاء بعضها ما يزال يغط في نوم عميق ولا تسمع الا صوت الشخير خمولا ومرضا وجهلا ويأسا لمعظمها.
أما من نذروا أنفسهم لخدمة شعوبهم واوطانهم فقد بان لهم أن قتلهم وسجنهم والتضييق عليهم هو المشروع الذي يحظى بالتأييد العالمي وتصفيق الاعلام المحلي وقوى الشد العكسي.
سؤال بل اسئلة ستحرج الكثيرين على مدى تاريخ طويل هي:
من يتحمل المسؤولية في محاولة إدخال الشعوب العربية عقودا جديدة من الاستعمار والغفلة والتجهيل لتسهيل حياة عدوها الاستراتيجي إضافة لقرن كامل مضى؟ والاخطر والاهم كم هي خسارة الشعوب والاوطان التي تدفع الثمن في جميع الحالات؟
من يتحمل مسؤولية حرمان المواطن العربي من نهضة حقيقية يستثمر فيها مقدراته وكفاءاته وموقعه الجغرافي وحضارته العميقة ليعيش بحرية وكرامة وعدالة كبقية شعوب الارض ويستغني عن الدول المانحة ومن قروضها وهباتها باليد اليسرى بينما هي تكبله وتلطمه وتجبره على "البصم" باليد اليمنى!
كم هي خسارة الانظمة التي لن تمارس اكثر من دور الحامي والحارس والسجان لشعوبها لحساب الاخر الذي يشفي غليله بضعفها وتقسيمها وشرذمتها وبنهب ثرواتها وتجريدها من اسلحتها المؤثرة ووحدتها المنظورة.
الاصلاحيون مستمرون وقناعاتهم بضرورة الاصلاح تتزايد وتتعمق, وليسوا متفاجئين بحجم الهجمة عليهم وعلى مشروعهم مشروع الامة بل يرون في اشتداد الهجوم وحجم المؤامرة صوابية مشروعهم ومنهجهم, فقد اصبح الاصلاح روحا تسري في الاجساد حتى لو لم يره قصار النظر.
إن كانت الكلمات لا توقظ الغافلين فهل ستوقظهم النكبات والصواريخ والمؤامرات العالمية المكشوفة وما سوريا عنهم ببعيد وقبلها العراق وها هي مصر ايضا؟ ولا بد لليل من فجر يعقبه عما قريب.
(السبيل)
تابعو الأردن 24 على google news