الكوليرا .. مطلوب إجراءات عاجلة قبل أن تقع الفأس في الرأس
حاتم الأزرعي
جو 24 :
أعلنت الشقيقة سوريا في الثلث الاول من شهر أيلول الحالي عن تسجيل إصابات ووفيات بالكوليرا، وحذر المتحدث الرسمي للأمم المتحدة من تفشي المرض ودعا الدول المانحة الى تأمين المزيد من التمويل العاجل لاحتواء التفشي وعدم انتقال المرض ،خاصة الى دول الجوار الأقرب جغرافيا لتسجيل الاصابات .
وتحتاج الاستجابة لمواجهة المرض الى الاستعداد واتخاذ الإجراءات الوقائية الاحترازية العاجلة في الوقت المناسب ،قبل أن تقع الفأس في الرأس ، حين يتفشى المرض وتتلاشى فرص المواجهة اوتصبح السيطرة في أدنى حدودها ، في أحسن الأحوال، نظرا لسرعة انتشار الاصابات التي لا تلقي بالا او اي اعتبار للحدود ، ورأينا سرعة انتشار وتفشي كورونا عالميا .
وفي غياب الاعلام الصحي المسؤولة عنه مباشرة بالدرجة الاولى وزارة الصحة يبقى السؤال معلقا في فراغ الخواء : كيف استجاب الاردن لناقوس الخطر المبكر القادم من دمشق ؟؟. حتى اللحظة صمت مريب إن استمر ابعد من ذلك ، ستفتح ابواب جحيم الاشاعة على مصراعيها ، ولن تفلح كل ابواق الحكومة مجتمعة في غلق هذا الباب .
وفي الجانب الاعلامي ، لا تزال الاستجابة معدومة ، أو لنقل محدودة جدا ، وعلى حد علمي ومتابعتي ، فقد اقتصرت الاستجابة على هذا الصعيد ، بنشر خبر يتيم حول لقاء عقد في المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية " لبحث الإجراءات الاحترازية للاستعداد والاستجابة لمواجهة مرض الكوليرا" ، وهو لا لا يسمن او يغني من جوع .فما المطلوب اذا ؟؟.
بداية لا بد من حملة اعلامية عبر وسائل الإعلام والاتصال ، ومنصات التواصل الاجتماعي ، والاتصال الوجاهي في المدارس والكليات والجامعات ، والمساجد والكنائس، وتوزيع النشرات والملصقات، حول اسباب المرض وطرق انتشاره وسبل الوقاية منه ، لرفع الوعي الصحي ، وهو على رأس سلم الأولويات في هذه المرحلة من التفشي ليس بعيدا عن حدودنا .
وواهم من يعتقد ان مثل هذه الحملة تربك المجتمع او تعرض الناس لجرعات اضافية من القلق والخوف والهلع او انها تؤثر سلبا على السياحة وغيرها من مناحي الحياة ، وهي الحجج التي تسوقها الحكومة غالبا في تبرير تلكؤها عن اداء دورها ومهامها في الوقت الاستباقي المناسب ، فتقع في شر أعمالها ، وتتحول مهمتها من مواجهة المرض ومكافحتة الى مواجهة الاشاعة وكبح جماح انتشارها وتغلغلها.
وعليه مطلوب اليوم حملة اعلامية واعية تقودها وزارة الصحة مع الشركاء وفي مقدمتهم وسائل الإعلام، فهل تستجيب الوزارة ؟؟ نأمل ذلك قبل فوات الأوان.
والأهم من ذلك كله ان تطمئن الوزارة الناس بقدرتها على
اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالوقاية والعلاج، ولديها من الحقائق ما يعينها على ذلك ، وفي ظل غيابها الاعلامي نقدم لها المساندة .
منذ عام 1982، والاردن خال من الكوليرا، ويتخذ إجراءات احترازية روتينية كإجراء الفحص على 10 - 15 % من حالات الإسهال المدخلة للمستشفيات ، أو التي تراجع مراكز الطوارئ والعيادات الخارجية للتحري عن جرثومة الكوليرا .
ولا بد أن تجدد الوزارة التأكيد على مواصلتها اتخاذ سلسلة من الإجراءات الاحترازية لمنع وصول وباء الكوليرا إلى الأردن ، بدءا بعمليات الرصد الوبائي وتكثيف الرقابة على مياه الشرب بالتنسيق مع مديرية صحة البيئة، وجمع عينات مخبرية من المياه العادمة، ومطار الملكة علياء الدولي ومخيمات اللاجئين.
ومن الضروري ان تفعل الوزارة بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية والشركاء الآخرين خطة الطوارئ المعدة لمكافحة الاوبئة بشكل عام والكوليرا بشكل خاص ، وأن تثق اكثر بوعي الناس وتصارحهم بالحقائق العلمية والمعلومات الصحية السليمة ، وإن تكف عن سياسة دفن الرأس في الرمال ، وأن لا يكون حالها كمن " يعقب الشتا بفروة " فتقعد حينذاك ملومة محسورة ، وتندم حين لا ينفع الندم.