jo24_banner
jo24_banner

المرصد العمالي: السوريون أوجدوا منافسة غير عادلة مع طالبي العمل الأردنيين

المرصد العمالي: السوريون أوجدوا منافسة غير عادلة مع طالبي العمل الأردنيين
جو 24 : دعا مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية الحكومة الأردنية للعمل على تصويب أوضاع سوق العمل الأردني وتنظيمه، بما يحفظ مصالح الأردنيين ويحافظ على حقوق السوريين كلاجئين وغير لاجئين،مؤكداً أن دخول اللاجئين السوريين إلى سوق العمل الأردني زاد من حدة الاختلالات التي يعاني منها سوق العمل في الأصل.

وفي دراسة أصدرها المركز اليوم السبت في إطار برنامج المرصد العمالي بعنوان "تأثيرات العمالة السورية على سوق العمل الأردني" بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت استعرض التأثيرات التي تركها دخول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين على سوق العمل، التي تركزت في ثلاثة محاور رئيسية تمثلت بـالمنافسة غير العادلةعلى العمالة الأردنية حيث اكدت الدراسة أن كثافة العمالة السورية في سوق العمل الأردني خلقت شكل من أشكال المنافسة غير المحسوبة وغير العادلة، بينها وبين العمالة الأردنية من جهة، والعمالة الوافدة (المصرية) من جهة أخرى وان كان ذلك بدرجات متفاوتة تبعاً لطبيعة القطاع الاقتصادي الذي دخلت إليه.

وحسب الدراسة فقد كان واضحا ان درجة تأثر العمالة الوافدة (المصرية) كان بشكل أكبر من العمالة الأردنية في العديد من القطاعات وعلى وجه الخصوص قطاع الإنشاءات غير المنظم (تبليط، دهان، قصارة، حدادة البناء وغيرها)، وظهر ذلك جلياً في إقليم الشمال وبدرجة اقل في إقليم الوسط.وأشارأن العمالة الأردنية العاملة في هذه المهن تأثرت سلبا أيضا، إذ أن العديد منهم فقد عمله بسبب دخول السوريين للعمل في هذه القطاعات بكثافة.

وتابع التقرير بالقول ان ذات التأثير كان مشابها على قطاع المطاعم والحلويات على اختلاف أنواعها، حيث تكثفت العمالة السورية في هذا القطاعات بشكل ملفت وفي مختلف المحافظات مع تمركزها في إقليمي الشمال والوسط.

أما في قطاع الزراعة تشير الدراسة على أن تكثف وجود العمالة السورية بهذا القطاع كان في بداية دخول السوريين للأردن، الإ انه ومع التجربة بدأ أصحاب الأعمال في القطاع الزراعي بالاستغناء عن العمالة السورية والعودة لتشغيل العمالة المصرية بسبب ارتفاع مهارتها عن نظيرتها السوريةواستقرارها في هذا القطاع،وأكدت الدراسة ان نسبة السوريات اللواتي دخلن إلى سوق العمل الأردني كانت نسبة متواضعة مقارنة مع العمالة السورية من الذكور، ولا يتوفر أية إحصاءات في هذا الصدد، وهن يتركزن في محلات بيع الملابس وبالمكاتب التجارية الصغيرة ومكاتب المهنيين.

أما المحور الثاني فقد تمثل بالضغط على مستويات الأجور باتجاه تخفيضها، فأوضحت الدراسة أن انتشار العمالة السورية بهذه الكثافة في مختلف قطاعات العمل أدى إلى ضغوط كبيرة على مستويات الأجور باتجاه تخفيضها استنادا إلى منطق العرض والطلب، اذا ان العمالة السورية لديها استعداد للعمل بأجور منخفضة بسبب الظروف الصعبة التي يواجهونها، حيث وجد العديد من أصحاب العمل انفسهم أمام أعداد كبيرة من طالبي العمل في مختلف المهن، الأمر الذي دفعهم إما لتخفيض أجور العاملين لديهم أو الاستغناء عن العديد منهم وتوظيف عمالة سورية بأجور اقل.

ويؤكد التقرير أن القطاعات المنظمة في منشآت الأعمال المتوسطة والكبيرة لم تتأثر في هذا الجانب، حيث ان دخول السوريين لهذا القطاع كان محدودا نتيجة عدم حصول العمالة السورية على تراخيص عمل رسمية للعمل فيه.

ومن جانب آخر أدى دخول السوريين الى سوق العمل الى الضغط على مستويات العمل اللائق باتجاه تراجعه، وفي هذا الإطار اعتبرت الدراسة أن الوجود المكثف للعمالة السورية في الأردن أدى وبشكل ملموس إلى تراجع العديد من مؤشرات وشروط العمل اللائق والحقوق الأساسية في العمل في غالبية القطاعات الاقتصادية غير المنظمة والقطاعات الاقتصادية المنظمة الصغيرة والمتوسطة التي يعمل بها عاملون وفق علاقات عمل غير منظمة. واثر ذلك التراجع على شروط مختلف العاملين في هذه القطاعات من أردنيين ووافدين سواء كانوا مصرين أو سوريين، اذا ازدادت ساعات العمل في العديد من هذه القطاعات لتصل في بعض الأحيان إلى 12 ساعة عمل يومياً لدى العديد من منشآت الأعمال التي يعملون بها، إلى جانب حرمانهم من إجازاتهم بمختلف أنواعها سنوية كانت أم مرضية أم رسمية، كذلك تأخير استلام الأجور إلى فترات زمنية تزيد عن ما نص عليه قانون العمل الأردني. بالإضافة إلى تراجع مستويات الاستقرار الوظيفي لدى غالبيتهم الكبيرة، إذا اصبحوا مهددين بالفصل من العمل دون الاستناد للأليات القانونية لمثل هذا الإجراء، كما ان الغالية الساحقة منهم غير مشمولين بمنظومة الضمان الاجتماعي.

كما أشار التقرير إلى انتشار أعداد الأطفال السوريين في سوق العمل الأردني بشكل ملفت، والذين يعملون في العديد من المهن التي تؤثر سلبا على نموهم السليم.

واستعرضت الدراسة عمل اللاجئين السوريين في الأردن من منظور القانون الإنساني الدولي حيث اشارت أن الأردن لم يوقع على اتفاقية عام 1951 الخاصة بحقوق اللاجئين، إلا انه كالعديد من الدول ملتزم بتطبيق المبادئ العامة الواردة في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومنها الاتفاقية المذكورة. اذ أن الأردن صادق على العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذا يعزز التزامه باحترام الحقوق الأساسية للاجئين في اطار المجالات والأطر التي نصت عليها تلك الاتفاقيات في المجالات المدنية والاقتصادية والاجتماعية، واستنادا إلى هذه الأسس استقبل الأردن مختلف موجات لجوء السوريين على مدار العامين ونصف الماضيين.

ومن هذه المنطلقات اكدتالدراسة أنه ينطبق على العاملين من اللاجئين السوريين في الأردن ما ينطبق على الأجانب العاملين في الأردن من مختلف الجنسيات الأخرى، من حيث ضرورة حصولهم على تصاريح عمل حسب الأصول المتبعة في الأردن، وفي اطار المهن المسموح للأجانب العمل بها، وبما تسمح به القوانين والأنظمة والتعليمات الأردنية، ولأن السوريين المقيمين في الأردن سواء كانوا لاجئين ام غير لاجئين يخضعون لولاية الدولة الأردنية، فإنهم يتمتعون بكامل الحقوق الواردة في العهدين الدوليين لحقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في اطار التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

وعرضت الدراسة لوضع سوق العمل الأردني والاختلالات التي يعاني منها وابرزها، تدني معدلات الأجور اذا ما اخذ بعين الاعتبار مستويات الأسعار المرتفعة لمختلف السلع والخدمات، وارتفاع معدلات البطالة عند مستويات تتراوح بين 12 و 14 بالمائة، والأعداد الكبيرة من العمالة الوافدة غير المنظمة (غير القانونية) فعدد العمال الوافدين المسجلين لدى وزارة العمل يقارب (275) الف عامل وافد، وهذه الأرقام لا تشمل العمالة الوافدة غير القانونية، التي تشير تقديرات رسمية وغير رسمية ان حجمها يبلغ ضعفي حجم العمالة القانونية ان لم يكن أكثر،والتوسع المتواصل للقطاع غير المنظم (غير الرسمي)، إضافة إلىضعف المشاركة الاقتصادية.

واكد المدير العام للمركز احمد عوض ان دخول العمالة السورية بشكل كبير إلى سوق العمل الأردني زاد من حدة الاختلالات الموجودة فيه والتي جاءت نتيجة للسياسات الاقتصادية الانتقائية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الأخيريين، خاصة فيما يتعلق بتحرير التجارة الخارجية والأسعار وتنفيذ سياسات ضريبية غير عادلة وسياسات الخصخصة وغيرها من السياسات الاقتصادية غير الملائمة لسياق تطور المجتمع الأردني، واعتمد تطبيق وصفات معدة مسبقا من قبل بعض المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية.

وتم تطبيقها بشكل انتقائي إذ تم تطبيق العديد من السياسات الاقتصادية التي يتحمل المواطنين أعبائها مثل تحرير الأسعار وارتفاع مستويات الضريبة وغيرها، بينما لم يتم تنفيذ العديد من السياسات الاقتصادية المتعلقة بتخفيض الإنفاق الحكومي، الأمر الذي أدى إلى حدوث حالة من النهم في الإنفاق العام الجاري دون الرأسمالي، وبالتالي ارتفاعات متتالية في عجز الموازنة العامة للدولة الأمر الذي نتج عنه زيادات كبيرة جديدة في مستويات الدين العام.

وشددت الدراسة على ضرورة قيام المجتمع الدولي بزيادة مساعداته المتنوعة إلى الأردن لتمكينه من مواجهة التحديات الجديدة التي فرضها كثافة اللجوء السوري إلى الأردن، موضحا أن حجم المساعدات المقدمة حتى الآن لا يغطي كافة احتياجات السوريين سواء كانوا لاجئين أم غير لاجئين، الأمر الذي يضطرهم للدخول إلى سوق العمل بشكل غير نظامي وخلق حالة من المنافسة غير العادلة مع العمالة الأردنية.


(المرصد العمالي)
تابعو الأردن 24 على google news