النسور وسيناريو الرحيل
جمانة غنيمات
جو 24 : لم يجرِ مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية استطلاع الـ 100 يوم للحكومة الثانية للدكتور عبدالله النسور، رغم مرور أكثر من 200 يوم على تشكيلها؛ حيث أدت الحكومة ورئيسها اليمين الدستورية بتاريخ 30 آذار الماضي.المركز لم يعلن القرار ولم يفسره، رغم الأهمية الكبيرة التي يكتسبها هذا الاستطلاع تحديدا، لناحية إصدار تقييم عام يحدد مدى الرضا عن عمل الحكومة، وأصبح جزءا من تقاليد تقييم الحكومات وعملها.ربما يبررعدم إجراء الاستطلاع تدني شعبية رئيس الوزراء بشكل مطّرد، بعد مرور نحو عام على وجوده في الدوار الرابع، وفريقه أيضا، وتوقعات بأن تنال الحكومة أقل تقييم، مقارنة بالحكومات السابقة.ونظرا لكثرة الانتقادات واتساع مداها، يظهر أن قياس الرأي العام حيال الحكومة ليس بالمهمة الصعبة، فاستطلاع غير علمي "لجسّ" نبض الشارع كفيل بكشف النتيجة دون الحاجة لعينة وطنية، وأخرى من قادة الرأي.شعبية الحكومة، وتحديدا رئيسها في تراجع، المزاج الشعبي السيئ لم يأتِ من فراغ، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي تعج بانتقادات لا تتوقف للرئيس بالدرجة الأولى، والفريق بمستوى أقل، بسبب توالي القرارات الاقتصادية الصعبة التي ألحقت الضرر بحياة الناس، ونتيجة تراجع منسوب الحريات العامة والتضييق على حرية التعبير عن الرأي في كثير من الممارسات، التي أدت إلى تراجع تصنيف الأردن كبلد غير حرّ. وبالحديث عن إمكانية إجراء تغيير حكومي، يتطلب الأمر التفكير بالبدائل الممكنة لحكومة عبدالله النسور، والتي تبدو محدودة، كون البحث عن رئيس وزراء في الأردن، بات مهمة غاية في الصعوبة، وتسبب الصداع.كما أن التغيير يحتاج إلى التفكير مليا في الأسباب التي تدفع به، وهل بالإمكان زوال مسبباته برحيل النسور؟ مع الأخذ بعين الاعتبار حجم الاحتقان والنقد الذي لم يبلغه المزاج الأردني تجاه أية حكومة من قبل، ما يلزم طرح سؤال ما الذي ستأتي به أي حكومة لاحقة؟سياسيا؛ الرؤية واضحة، وما يميز حكومة النسور أنها لم تتقدم خطوة في هذا المجال، باستثناء الاجتماعات التي عقدها وزير التنمية السياسية خالد كلالدة مع الأحزاب والقوى السياسية، وكلها في إطار ترطيب الأجواء، وليس إحداث فرق أو اختراق في اللعبة السياسية.معظم دواعي الرحيل اقتصادية، والحكومة الحالية كبّلت الأردن باشتراطات جديدة لصندوق النقد ضمن برنامج التصحيح الذي خضع لمراجعة ثانية، خلال الاجتماع الأخير للصندوق في واشنطن. الحكومة تعهدت بسنّ قانون جديد لضريبة الدخل ليشمل 70 -80 % من الأردنيين، ورفع أسعار المياه، والمضي في حل مشكلة مديونية شركة الكهرباء.التغيير بات مطلبا شعبيا، لكنّ ذلك لا يمنع من التساؤل حول الغاية منه، وهل الهدف شراء مزيد من الوقت، أم تكليف شخصية وفريق جديد يمتلك رؤية خاصة للإصلاح تحديدا الاقتصادي؟ وهل يتوفر هذا الشرط في الشخصيات التي يتم تداول أسمائها لشغل هذا الموقع؟ وهل تغير القرار بخصوص خريطة الإصلاح السياسي؟.الحديث مجددا عن تغيير حكومي، حتى لو كان نابعا من قراءة لمزاج الشارع ومدركا لهمومه، ومدى كرهه لأداء الحكومة الحالية التي أثقلت كاهل الناس بالضرائب والرسوم وزيادات الأسعار، بحاجة لدراسة أعمق، حتى من قِبَل العامّة ممن يتطلعون لرحيل النسور، إذ ما المتوقع تغيره، فيما لو جاءت حكومة جديدة ولم يكن ثمة نوايا بتغيير النهج؟التغيير الحكومي ليس حلا بذاته، بل الحل في رؤية مختلفة، ما تزال الحكومة الحالية تفتقد لها.يبدو أن الأسباب التي تغذي رغبة الشارع بمغادرة الحكومة الحالية، على أهميتها، غير كافية في الوقت الحالي؟
(الغد)
(الغد)