jo24_banner
jo24_banner

طوفان الأقصى": نحن و"أسئلة الثغور"

م. أشرف عمايرة
جو 24 :


رقعة كبيرة من "الدمار"، وفضاء واسع من "بشائر وتضحيات"، الأولى تعكس صورة "الاجرام المحتل"، والثاني تخلقه الاكتاف الثابتة والقلوب المؤمنة. المقاومة تملأ وبيدر طوفانها مدانا العربي وعياً وقناعات ومعانٍ كبيرة: إرادة، صمود، عزة، كرامة، كبرياء، بطولة، عزم، بسالة، وإيمان وخلق. ثمة معانٍ لا تجلُ إلا في سياق وجع الأحداث وسخونتها، ثمة قناعات ترسخها الفواصل الاستثنائية، وثمة وعي يخلق في الاستفاقات الصادمة، وثمة استراتيجيات تولد من شرك المفاجآت تلك التي تنغرس في الذاكرة الجمعية للمجتمعات!!
 

وفي "الان".. يبرز سؤال "الاعتماد على الذات" في مشهد عربي بائس وزمن غزيّ مدهش!

وفي "الغد".. تبرز أسئلة الثغور وقد هالنا هشاشة "إعدادنا" وعمق "سباتنا" وهواننا على أنفسنا وعلى العالم!! والأسئلة تتشابك معنا كلنا، وتفرض على "الشعبي" أسئلة قاسية وعلى "الرسمي" أسئلة أقسى!! عيوننا تقرأ "وأعدوا" على اتساع الحقول والميادين والأسباب. وتنظر في أكف فتيتنا اليافعة وسبل التمكين لها زنودا صلبة ذات بأس وتأهيل وقدرة، نعم هي دعوة لعودة التجنيد الاجباري على أساسه العسكري الصرف.
 

نلملم المشهد وثغورنا، كل ما يحيط بنا ضدنا.. طعامنا.. شرابنا.. لباسنا.. مستهلكاتنا.. برمجياتنا.. وبعضنا!! وسائل التواصل الاجتماعي تحاصرنا وتخنق فضاءنا المناصر لقضايانا.. وتحرمنا الكلمة والصورة والتعبير! المنتجات على رفوف متاجرنا تحاربنا ثقافةً واقتصاداً ومستقبل! تقيدنا بسلاسل ثقيلة في حاضر التبعية والاستلاب والهشاشة. وتعيد مالنا رصاصاً وقذائف فوق رؤوسنا وأطفالنا وأحلامنا.
 

نقلب أوراقنا وثغورنا، ننظر في حالنا، نقرأ إضاءات "الطوفان" في أيامنا وما كُشف في ظلالها. كلنا في معركة "الوعي" والأمة متثاقلون، وفي معركة "الإرادة والعزم والصبر" أنفاسٌ قصيرة، نخوضها معارك "فروض كفاية" على أنها من الواجب أن تخاض "فرض عين"!
 

"طوفان الأقصى" إتقادة مبهرة في روح الأمة، تنفض عنا أوهام العجز والاستكانة وتمكن لنا على صعيد الفرد والمجموع من صناعة الفرق، وتعيد فينا ترتيب الغايات والمقاصد. معركة مرتبطة بجغرافيا غزة تفتح كل المعارك في كل الثغور .. والثغور هنا "مجالاتنا الحيوية" و"تفاصيلنا" و"زوايا" النظر.
 

"الطوفان"،وما رفع من روح معنوية وهمم، أداةٌ نهندسها لتحريك طاقاتنا وتوظيف الفعل "المقاوم" في اليومي، وشق مسارات مختلفة في تعاطينا مع "الثغور"، "التمكين للذات الجمعية" أولويتها والمنجز الفردي والربح المادي ضمن مؤكد نتائجها لا أس غاياتها، وفي سياق الأمثلة دعوةٌ لرواد التكنولوجيا ومحترفيها ومبدعيها من أبناء الأمة للتكاتف لانتاج منصة رقمية تستهدف التواصل الاجتماعي، منصةٌ لا تغلقنا على أنفسنا .. تجذب بفكرتها وتفردها "الآخر" ، نحن منها في "السيطرة والتحكم" وهم فيها على قوائم "الاستخدام"، فتستحيل بيدنا سلاحاً، إن آنت اللحظة الفارقة التالية!! وفي قيد الاعتبار نذكر، بفكرة بسيطة أطاحت منصة "تيك توك" الصينية ببضع من منصات التواصل الاجتماعية الغربية الاخرى وتربعت على رأس قائمة المتابعة والجاذبية والتأثير والانتشار!!
 

وفي الاسترسال في مناقشة "الثغور"، نتطلع إلى الصناعة الوطنية ثغراً أساسياً هاماً، وقد فرضت "مقاطعة منتجات داعمي الاحتلال" على القطاع أسئلة كبيرة بقدر ما شكلت له - بحماسة وتصميم - رافعة دعمٍ وترويج. والصناعة من أسباب المنعة للدولة والأمة، وجب على أهلها وغرفها والرأسمال الوطني البناء على الفرصة: نوعاً وكماً واستدامةً وتطويراً واستقلالية، وعلامات تجارية وطنية خالصة.
 

وفي "ثغر" التجارة والتجار، نعيد بناء الواردات، بالحد الأقصى من الإمكان، على قاعدة "الأمة وأصدقائها" وتأسيس بنية تحتية لعادات شرائية منتمية لا تقوم على ثقافة "البراند" و"الاستهلاك"، بناءٌ لا يستغني عن ضمان الجودة وتميز النوعية ويعزز ممارسات وأخلاقيات تجارية ذات إيقاع وأولويات وطنية، تعالوا نبحث شرقاً وجنوباً.
 

ومن قبل ومن بعد، "ثغر" التعليم والثقافة والمعرفة والتنشئة والخطاب.. وهذا حديث له مقام وتفصيل وآوان.
 

نحن، كلنا: أفراداً وقطاعات ومؤسسات، أطرافٌ وإجابات في معادلة القادم.. كي لا يكون "الطوفان" فينا انفعالاً وعاطفةً وحدثاً عابراً وفعلاً غير مستدام .. نبني ما يستوجبه "التمكين" والمنعة والغد وثبات الرايات. مرحلة "ما بعد" الطوفان .. مرحلة "أسئلة الثغور" .. فالزم ثغرك، كي لا يؤتين من قبلك!!


تابعو الأردن 24 على google news