ماذا بعد حرب غزة.. والخيارات المطروحة؟؟
جو 24 :
بقلم المحامي : محمد المأمون ابو رمان
على الرغم من الفشل الذريع الذي صاحب الجيش الاسرائيلي منذ الحرب على غزة وحتى يومنا هذا رغم القصف العنيف على سائر المرافق العامة والمساكن والمستشفيات كضربات انتقامية تهدف الى جعل الحياة شبه مستحيلة، تمهيدا للقادم الذي تهدف اليه اسرائيل بعد ان تبين لها ان القضاء على حركة حماس امر غير ممكن عسكريا ، وان لا بد من الاعتراف بذلك والرضوخ لشروط الحركة والدخول في مفاوضات مباشرة لتبادل الاسرى والمعتقلين بعد وقف شامل لإطلاق النار، ولكن هل تكتفي اسرائيل بذلك ام ان هناك خططا وخيارات متاحة امامها لتبدو انها قد حققت اهدافا من الحرب التي تكبدت فيها خسائر فادحة لم تكن تخطر ببالها وللظهور بمظهر المنتصر، يبدو ان الخيارات المتاحة في هذه المرحلة تتمحور حول الخيارات التالية:
الخيار الاول: التعايش مع حماس وفرض حصار خانق.
بعد وقف اطلاق النار وتبادل الاسرى والمعتقلين ستلجأ اسرائيل الى حصار قطاع غزة حصارا خانقا بعد اقتطاع شريط حدودي من الواجهة الشمالية للقطاع بهدف تأمين مستعمرات محيط غزة من الهجمات الحمساوية بعد ان تنشئ فيه كافة التحصينات التي تحول دون تجاوزه، ومع استمرار الحصار شبه الكامل للقطاع يتعين على اسرائيل في هذه المرحلة التعايش مع حماس، بعد تعزيز سيطرتها العسكرية والاستخباراتية على الارض والجو والبحر واغلاق جميع المعابر الحدودية المؤدية الى غزة بشكل دائم، وهذا يحول دون وجود واردات وصادرات من والى القطاع وستقطع اسرائيل الماء والكهرباء الامر الذي سيجبر القطاع الى اللجوء الى مصر لتلبية هذ الاحتياجات، ونتاجا لهذا الحصار الخانق ستكون انشطة اعادة الاعمار والتعافي الاقتصادي مستحيلاً الامر الذي سيجعل اهل القطاع يعتمدون بالكامل على المساعدات الانسانية، وستبقى غزة منعزلة عن الضفة الغربية الامر الذي يشكل بيئة طاردة وخصوصا لفئة الشباب الذين سيفتح لهم الباب نحو الهجرة ومنحهم حق اللجوء في المجتمعات الغربية المضيفة وسيصبح حل الدولتين ضمن هذا السياق في عداد النسيان.
الخيار الثاني: التهجير
قد تلجأ اسرائيل الى سيناريو تهجير الغزيين الى سيناء وهو خيار استراتيجي لها قابلا للتنفيذ يحقق نتائج استراتيجية ايجابية طويلة المدى ، ولقد حاول نتنياهو التواصل مع القادة الغربين بغية الضغط على مصر لفتح المعابر لقبول الفارين من القطاع، الا ان هذه الخطوة رفضت من الجانب المصري خشية ان يصبح ذلك تهجير دائم في ظل عدم تقديم اسرائيل اية ضمانات تسمح بعودتهم في هذه المرحلة، الامر الذي حال دون طرح هذا الخيار على الطاولة.
الخيار الثالث: عودة الاحتلال الى غزة
حتى عام 2005 كانت اسرائيل تسيطر على قطاع غزة عسكريا ، الا ان الرئيس الاسرائيلي الاسبق ارئيل شارون المعروف بغطرسته وشراسته فضل ترك القطاع تحت وطأة الضربات القوية والصفعات المهينة التي كان قد تلقاها من فصائل المقاومة، وعلى فرض انها عادت لاحتلال القطاع وادارته من جديد فأن مثل هذه الخطوة لن تحول دون تجدد الصراع وتلقي الضربات من المقاومين الامر الذي سيحرج القيادة الاسرائيلية ويجهض مفهوم الامن المنشود كنتيجة للحرب التي شنتها اسرائيل لهذه الغاية، هذا من جانب ومن جانب اخر فأن اسرائيل ان عادت وسيطرت على القطاع من جديد فأنها ملزمة وفقا للقانون الدولي الانساني تحمل المسؤوليات تجاه السكان المحليين وهو ما لا تريده .
الخيار الرابع: وضع غزة تحت الادارة الدولية
ان هذا الخيار يتطلب نشر قوات دولية لضمان نزع سلاح حركة المقاومة ووضع غزة تحت ادارة دولية مؤقتة، الا ان هذا الخيار غير مطروح الان ومرد ذلك يعود لعدم وجود التناغم والقبول ما بين الدول دائمة العضوية في مجلس الامن، فهذا الخيار بحاجة الى قرار من مجلس الامن لنشر هذه القوات وهو ما لن تسمح به روسيا والصين الامر الذي سيجهض اي قرار يسير بهذا الاتجاه.
الخيار الخامس: اعادة ضم غزة الى الضفة الغربية
اعادة ضم قطاع غزة الى الضفة الغربية وانضواء فصائل المقاومة تحت مظلة السلطة الفلسطينية بعد احداث تغيير في شكل السلطة وقيادتها السياسية والامنية، والدخول في مفاوضات جادة برعاية دولية ، واجراء انتخابات تشريعية تحت اشراف دولي وبروز قيادة فلسطينية جديدة قادرة على المواجهة، وتفكيك المستوطنات المقامة على اراضي الضفة الغربية ضمن جدول زمني محدد، للوصول الى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية ، وهذا بحاجة الى تظافر كافة الجهود الدولية لإرغام اسرائيل على الجلوس وجها لوجه مع القيادة الجديدة وصولا الى حلول معقولة ومقبولة من سائر الاطراف، ويبدو لي ان المجتمع الدولي وبعد الحرب الاخيرة على غزة وتكشف حقيقة الكيان الغاصب وعنتريته الضاربة بكل المعايير المقبولة في الحروب، وتعمد قصف المدنيين واهلاك الحرث والنسل واعتماد سياسة الارض المحروقة، الامر الذي فسر تضامن كل شعوب العالم مع قضية الشعب الفلسطيني واعادة وضعها على الواجهة من جديد، كما ان الجهد المبذول والمقدر لجلالة الملك عبدالله الثاني الذي لم يألو جهدا في مخاطبة المجتمع والمنظمات الدولية بالطريقة التي يفهمونها، كان له الاثر الكبير في تغيير مواقف العديد من الدول الاوروبية والمؤثرة على الساحة الدولية باتجاه حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية واعطاء الشعب الفلسطيني كل حقوقه ، بعد ان كشفت الحرب الاخيرة استحالة القضاء على حركة المقاومة في عسكريا ،الامر الذي غير المواقف الدولية ضمن هذا السياق كما بات هذا الامر مطلبا للمواطن الاسرائيلي الذي طوعته ضربات حماس وهدت معنوياته.