هل يحق للرئيس الامريكي اعلان الحرب دون الرجوع الى الكونجرس؟
جو 24 :
في خضم الاحداث الاخيرة والحرب الغاشمة على غزة، والتي اسفرت حتى يومنا هذا عن استشهاد ما يزيد عن 23 الفا وستون الف مصاب والكثير ما زال تحت الانقاض ولم يتم حصر عددهم ، وتدمير البنية التحتية من المستشفيات ودور العبادة وسائر المرافق المدنية ، الامر الذي جعل الحياة في غزة مستحيلة في ظل هذه الاوضاع، وانتصاراٍ للغزيين وفي خطوة لرفع الظلم عنهم هدد الحوثيون السلطة الفعلية القائمة في اليمن، باعتراض اية سفينة تعبر باب المندب متوجهة الى الكيان الغاصب حتى وقف الحرب على غزة، الا ان الحليف الامريكي لم يرق له الامر، فشكل حلفاً من دول عديدة ونشر بوارجه الحربية في البحر الاحمر وقام بتوجيه ضربات عديدة للحوثيين وهذا يعتبر اعلان حرب من جانب امريكا دون موافقة الكونجرس.
والسؤال الذي يثور في هذا الصدد هو ما مدى دستورية اعلان الحرب من الرئيس دون موافقة الكونجرس..؟ بالرجوع الى احكام الدستور الامريكي نجد ان واضعوا الدستور في عام 1798 كانوا يدركون تماماً مخاطر وضع سلطة اعلان الحرب بيد الرئيس، ولهذا حددوا في المادة الاولى منه (ان الكونجرس وحده المخول بإعلان الحرب وتنص ذات المادة على ان الرئيس قائداً اعلى على الجيش وبحرية الولايات المتحدة ولمليشيات مختلف الولايات عندما يستدعون للخدمة الفعلية)، وهذا يعني وبوضوح ان الرئيس هو من يقود القوات المسلحة ولكنه لا يستطيع اعلان الحرب دون موافقة الكونجرس، وعلى الرغم من ذلك لم يسبق ان اعلن الكونجرس الامريكي الحرب بعد ان دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية، وعلى النقيض تماماً قام رؤساء الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس ترومان بإرسال القوات المسلحة الامريكية للحروب عبر العالم دون موافقة مسبقة من الكونجرس، الا انه وبعد هزيمة امريكا في فيتنام تبنى الكونجرس قرار سلطات الحرب الذي استعاد بموجبه السلطة بإعلان الحرب الذي يحدد اين ومتى ترسل القوات المسلحة الامريكية للحرب.
في عام 2001 وعقب اعتداءات 11 سبتمبر تبنى الكونجرس قراراً فوض بموجبه الرئيس سلطة اعلان الحرب في اي حالة طوارئ وطنية نتيجة لاعتداء على الولايات المتحدة الامريكية، او عندما يصدر الكونجرس تفويضاً محدداً، وهذا القانون كان موجهاً ضد تنظيم القاعدة، وفي عام 2002 عاد الكونجرس وفوض الرئيس سلطة اعلان الحرب مرة اخرى واعلن الرئيس الامريكي بوش الحرب على العراق بالاستناد اليه ، وعلى الرغم من خصوصية هذين القانونين وارتباطهم بحالات محددة استغل الرؤساء كل من بوش واوباما وترامب هذين القانونين من اجل تبرير مهاجمة اي بلد في العالم ، وقد استند الرئيس بوش اليهما في غزو افغانستان واستند اليهما الرئيس اوباما في حربه ضد ليبيا وسوريا .
ويبدو ان التفويض بالحرب في عام 2001 و 2002 الصادرين من الكونجرس كان لهما ظرفهما الخاص حيث تعرضت امريكا في حينه لهجوم 11 سبتمبر وتعرض الامن الامريكي للخطر، وكانت امريكا تسعى نحو استعادة كرامتها ومعاقبة من مس امنها وارسال رسالة للعالم اجمع انها ما زالت السيد القوي الذي يردع كل من تسول له نفسه مس امن الولايات المتحدة الامريكية، الا ان الرؤساء الأمريكيين لاحقاً حملوا هذين القانونين اكثر مما يجب وهم بذلك اعتدوا وانتهكوا الدستور انتهاكاً صارخاً، وفي هذا الصدد يقول عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي بنجامين كاردن في عام 2017 في جلسة استماع ( .. ان قانوني تفويض الحرب في عامي 2001 و 2002 اصبحا مجرد تبرير يستخدمه الرؤساء للقيام بعمليات عسكرية في اي مكان في العالم ، وهذا يعني ان تفويض 2002 و 2001 لم يعودا يوفران اساساً قانونيا للقيام بعمليات عسكرية...).
وخلاصة الامر ان الهجوم الاخير على الحوثيين والذي يعتبر بمثابة اعلان حرب على دولة عضو في الامم المتحدة وذات سيادة، لا يستند الى اي اساس دستوري سليم حسب نص المادة الاولى من الدستور الامريكي، التي ربطت اعلان الحرب منوط بالكونجرس وحده لا ينازعه به احد، وان تفويضي اعلان الحرب من الكونجرس للرئيس في عامي 2001 و 2002 لهما خصوصية ومرتبطين بوقائع معينه تعرضت فيها امريكا لاعتداء، وان الامن الامريكي تعرض للخطر واستدعى الظرف اتخاذ اجراءات مستعجلة لا تحتمل التأخير، وان اعلان الحوثيين منع واعتراض السفن المحملة بالأسلحة والبضائع للكيان الغاصب الا بعد وقف الحرب على غزة، لا يهدد الامن الوطني الامريكي، وان الرئيس جو بايدن عندما امر القوات المسلحة الامريكية بتوجيه ضربات للحوثيين لا يستند الى اساس صحيح من الدستور الامر الذي يستوجب المساءلة كما حصل عندما امر الرئيس الامريكي توجيه ضربات لنيكارجوا دون تفويض .