2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

محاكمة رئيس وشعب ومنهج

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : محاكمة الرئيس المصري المنتخب تعبر عن انعطافةً كبيرة وخطيرة في مسيرة القضاء المصري! والحالة السياسية المصرية من حيث المضمون و الدلالات والإشارات، ومن حيث النتائج والآثار المترتبة على مستقبل الأوضاع السياسية في مصر والإقليم والمنطقة، وعلى مستقبل الشعوب العربية إزاء تطوير مسيرة الربيع العربي برمتها .
الرئيس المصري المختطف قبل اختطافه كان يمثل حالة مصرية غير مسبوقة عبر تاريخ مصر منذ نشأتها، فهو أول رئيس مدني منتخب بإرادة مصرية حرة، عبر نتائج انتخابات نزيهة بإقرار العالم كله وكان يؤمل من دولة مصر الديمقراطية المتوقعة أن تقود قاطرة الدول العربية كلها نحو الديمقراطية، والتخلص من حقب الاستبداد والأنظمة الديكتاتورية المتسلطة، التي جعلت من العالم العربي بقعة سوداء مظلمة ومتخلفة، غارقة في الفساد، تعاني من اقتصادات متدهورة ومديونيات عالية، وعجز بأرقام قياسية، وتبديد للثروات والموارد، وقتل لروح الإبداع، وامتهان لكرامة الإنسان.
محاكمة الرئيس المختطف المعزول ليست إلا ضربا من ضروب الهرطقة والاستخفاف بالعقل، وإهانة لروح القانون ومضمونه وشكله، واعتداء على منطق العدالة، وسيسجلها التاريخ كإحدى نوادر البشرية، وستكون محلاً للتندر، ونكتة عظيمة تتداولها الأجيال في المستقبل، رغم التواطؤ الكبير والهائل من الخصوم السياسيين و جميع الدول والأنظمة المرعوبة من هاجس التغيير، وما يحيط بها وما يعيش على هوامشها من منتفعين وطفيليات، وما يقبع خلفها من قوى خفية وخارجية.
محاكمة الرئيس «مرسي» تدور على حول تهمة التحريض على القتل بحادثة هجوم على القصر الرئاسي الذي يقيم فيه، حيث قتل عشرة أشخاص، منهم ثمانية من الإخوان المسلمين، أي من أتباع الرئيس، واثنان من غيرهم، واقتصرت المحكمة على النظر بمقتل هذين الشخصين فقط، والمفارقة الأخرى في مضمون هذه المحاكمة أنها لم تكن موجهة ضد المسؤولين الرسميين عند مجريات الحدث في السلطة المصرية القائمة المتمثلة بشخص وزير الداخلية، وشخص وزير الدفاع الذين يتحملان مسؤولية ما جرى رسميّا بحكم موقعيهما ، ويعود هذا الخلل الى أن هذين الشخصين ركنان أساسيان في السلطة الانقلابية القائمة التي تتولى الإشراف على ادارة ملف الاعتقال والمحاكمة للرئيس المختطف ! أما التهمة الأخرى فتتمثل بالتخابر مع حركة حماس التي تدير قطاع غزة المجاور لمصر، حيث تتولى السلطات المصرية قديما وحديثا الإشراف على معبر غزة الرئيس إن لم يكن الوحيد !! مضمون القضية مدعاة للسخرية والتهكم من كل الوجوه.
أما من حيث دلالات المحاكمة ومؤشراتها فهي كثيرة ومتشعبة، أهمها تلك المتعلقة بموقف الطيف الواسع من أغلب السياسية التي تنتسب في أغلبها للخطين اليساري والقومي، ومقدار مصداقية خطابها المتعلق بالديمقراطية الحقيقية، والمتعلق بحرية الشعوب ومقاومة الديكتاتورية والاستبداد، وتبين بطريقة واقعية وعبر امتحان متكرر أتها تتعلق بشعارات رنانة لا تحمل مضمونا فعليا متصلا بجوهر الحرية والديمقراطية، بل جعلوا من أنفسهم أدوات قمع بيد الأنظمة البائدة، وأقلاما تجيد هجاء الاسلاميين وتشويههم، وتضليل العامة والضحك على الشعوب، بل إن بعضهم طلب صراحة إنشاء تحالف غير مقدس مع هذه الأنظمة في مواجهة الموجة الإسلامية الحديثة،التي تقود حركة التغيير والإصلاح الجماهيري في المنطقة، وذلك لأنهم يملكون خبرة تنظيمية في حركة الشارع ويملكون مخزونا هائلاً من الحقد ضد الاسلاميين يشكل وقوداً للمعركة القادمة .
أما من حيث الآثار والنتائج المستقبلية فتتمثل بمحاولة إغراق دول المنطقة العربية بمخطط يقضي بدخول الأنظمة والشعوب في معارك (الطحن الذاتي ) التي ستفضي الى مزيد من التقسيم والتفتيت وإثارة النزاعات التي تستهلك الموارد في مواجهات داخلية مرعبة، تأتي على الأخضر واليابس، إذا لم تتدارك الشعوب المستقبل وتحول دون وقوع الكارثة، بالتعاون مع العقلاء والمخلصين من كل الفئات والأطراف الوطنية التي تنتمي للوطن والأمة بطريقة بعيدة عن الانتهازية وقصر النظر وسوء التقدير
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير