jo24_banner
jo24_banner

الأردن المُفترى عليه.. من حقّ الأردني ان يفخر بهويّته!

بهاء الدين صوالحة
جو 24 :


يشعر الأردنيون بغصّة مع كل أزمة تلوح في المنطقة فتتحول السهام فيها من صدر "العدو الحقيقي" إلى نحر وطنهم، من قبل حفنة متربّصين بالأردن ديننهم الطعن بمواقفه بالتدليس تارة، وبخطاب ممنهج يعج بحقد دفين وثأرٍ موهوم، يتلمّس الأردنيون أنفسهم إثره ظنّاً أنهم هم وليس غيرهم مقترفو الخطيئة، قبل أن يكتشفوا لاحقاً أنهم يدفعون ثمن صمود هذا البلد وتماسك أعضاده من الأردنيين فقط ولن أزيد في التوصيف، في معارك مراهقات الآخرين ونزواتهم التي كان الأردن دون غيره من يلملم شظاياها ويطبطب على ضحاياها بدءاً من فلسطين مروراً بلبنان فالعراق وليس انتهاء بسوريا.

الظاهرة لم تبدأ مع "غزّة" ولن تنتهي بضربة آيات الله الموعودة، بل رافقت الأردن من تأسيسه وستبقى تطل برأسها مع كل ناشئ حتى وإن اختلفت معطياتها طالما بقيت الماكنة الإعلامية الأردنية معطوبة، أو بقيت السردية الأردنية خجولة ومستكنة أمام فُجر الروايات الأخرى وغواياتها بعناوينها البرّاقة الجاذبة لبقايا الأنظمة البالية والأيدولوجيات العفنة وفتات الجهلة.

فالمطل على الشأن الأردني والمتابع لواقعه وإرهاصات حياته اليومية عن كثب، يعرف تماماً كيف عايش الأردنيون مأساة غزة. وكيف منحوا أنفسهم إجازة مفتوحة عن الفرح والابتهاج، ودخلوا في موجة حياء مع الذات تجاه كافة مناسباتهم ومهرجاناتهم وأعيادهم وذكراهم حتى الوطنية منها. لكن حتى في تلك وجد لها "المصطادون" مدخلاً شعاره "طبيعي فأغلبية الأردنيين من أصول فلسطينية"، في إهانة صريحة لا تقبل اللبس للأردنيين وكأنما نحن أمام سفطاطين، وكأنما الأردنيين الأصلاء لا يعنيهم أمر غزة وقضيتها!

الأردن بلد نشأ على عقيدة القومية العربية، ويكاد يكون هو القطر الوحيد عربياً الذي احتوى الأحزاب المرتبطة عقائدياً بأنظمة دول الجوار، والوحيد الذي عقدت فيه دولته صفقات "ترضية وتبادل منفعة" مع تلك الأحزاب، البعثية منها والناصرية والشيوعية والأكثر حتى الفلسطينية ومن ورثة "أيلول". ومع ذلك فإن هذا الحمى لم يسلم من حمم التلميحات والتصريحات التي تشكك بدوره وتطعن في رسالته ونهجه، لماذا؟ لأنه بقي أسير "الدفاتر العتيقة" التي لم يطو صفحاتها، ولأنه آثر طويلاً إدارة خدّه الأيسر أمام صفعات من لا يستحق، ولأنه هويته بقيت خجولة ومكتوب لها الاختباء وراء النقاب طويلاً ..

ولنعد قليلاً إلى الوراء وتحديداً إلى إيلول بغض النظر عن لونه .. هنا؛ لم يفهم العرب حقيقة الأمر على أرض الواقع، وانجرفوا نحو الانحياز للقوى الفلسطينية "حركة الفدائيين" ضد النظام الأردني، وتماشوا مع فرضية أن النظام الأردني يقف حجر عثرة أمام حقهم المشروع في مقارعة العدو الصهيوني، دون وعي بما وراء الأكمة حيث كانت عمّان هي الغاية، ومشروع الدولة داخل الدولة هو العنوان!

لاحقاً، استمتع العرب وأنصت بكل طاعة لقنبلة "السادات" التي أوحى بها لقمة "الرباط" في نوفمبر من 1974 عبر وسيط "الخير" كيسنجر، باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً وحيداً وشرعياً للشعب الفلسطيني، في خطوة لم يرد من ورائها سوى سحب البساط من "الأردني"، وكعادتهم تماشى "العرب" مع نداء الصوت الأعلى "مصر" واعتبرت القوى الفلسطينية أنها بهذا القرار تسدد ضربة قاصمة للنظام الأردني، دون إدراك لماهيته أو اعتبار لما ورائه. فماذا سيكون مصير الاستحقاقات الإدارية والقانونية لسكان "الضفة" الذين يحملون تبعاً لقرار ضم الضفتين 1952 الجنسية الأردنية الخالصة، وتتحمل الدولة الأردنية بفضل هذا القرار كافة المسؤوليات المترتبة على عملية الضم؟! لا يهم .. الأهم أن نسجل نقطة في الهدف الأردني الذي اعتبرته القوى الفلسطينية عدوها الأول عوضاً عن العدو الأصيل، ولتعم الفرحة أوساط "فتح" على هذا الفتح المبين!.

في يوليو 1988م وإبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى، تنتاب الراحل "الحسين" حالة استياء وشعور غير مسبوق من الخذلان تجاه الأصوات والآراء المسمومة الموجهة للحكومة الأردنية جرّاء تعاطيها مع الانتفاضة، ويهمس بها الراحل إلى وزيره المقرّب "عدنان أبو عودة" الذي يوحي إليه بقلع الضرس عبر إعلان فك الارتباط بالضفة الغربية قانونياً وإدارياً والإقرار بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، ودع ما لله لله وما لقيصر لقيصر.

وهكذا تم، وعبر خطاب متلفز أعلن الملك في حينه القرار، إلا أنه وعلى الرغم من القرار الصريح، فإنه بقي دون دسترته ما يعني اللجوء إلى قاعدة أنصاف الحلول مرة أخرى، هذه القاعدة التي أورثتنا وأورثت الأردن أعباء لا يمكن له تحملها، وشقاق مخبّأ تظهر شراراته كل حين.

من حق الأردنيين أن يفخروا بهويتهم، ويطربوا لأهازيجها، من حقّهم أن ينزعوا عنها نقابها ويطلقوا لها العنان لتختال بزينتها وجدائلها. من حقّهم أن يجعلوا وسمها تعويذة لحروبهم وأيقونة في منازلهم وأن يقدموا لها قربانهم لتمنحهم بركتها، من حقّهم أن يختالوا لبرهة إلى حجرتهم الخاصة ويغلقوا الأبواب خلفهم لينعموا بخلوتهم وحلقات نميمتهم الخاصة وقضاء عصرونيتهم وتعاليلهم الليلة .. من حقّهم أن ينزعوا عنهم غبار الآخرين ليأخذوا قسطهم المستحق من الراحة، فحتى "الأنانية" تتحول – في أحيان – إلى فريضة واجبة!

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير