دور الملك عبدالله الثاني في تعزيز العدالة الدولية
الدكتور المحامي محمد الزبيدي
إن دور جلالة الملك عبد الله الثاني كقائد حكيم ومؤثر يتجلى في استجابته للأزمات الإنسانية ودعوته المستمرة للمساواة والعدالة، وهي دعوة تتطلب من المجتمع الدولي التحرك بفعالية لحماية حقوق الإنسان وتحقيق السلام المنشود.
ولقد كان خطاب الملك عبد الله الثاني بمثابة خريطة طريق للعمل الجماعي الدولي لوقف التصعيد وحماية الشعب الفلسطيني، مع التأكيد على أن استمرار التوترات سيقود إلى كوارث إنسانية أوسع نطاقًا. وبهذا، يعكس جلالته الدور القيادي الحكيم للأردن كوسيط للسلام والاستقرار في منطقة مضطربة.
جاء الملك عبد الله الثاني كمصدر إلهام لرؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز دور الأمم المتحدة واستعادة الثقة بمبادئ العدالة الدولية وبوضوح، أكد جلالته أن تجاهل الحقوق الفلسطينية لن يؤدي إلا إلى مستقبل مليء بالعنف والاضطرابات.
فالقضية الفلسطينية كانت وستبقى في قلب اهتمامات جلالة الملك عبد الله الثاني، حفظه الله، الذي جسد في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية شاملة للأزمة الحالية التي تمر بها منطقتنا، وفي هذا السياق، أكد جلالته على الوضع الإنساني الكارثي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي المستمر، وأشار بوضوح إلى العلم الأممي لم يعد يشكل ضمانًا لحماية المدنيين كما كان يجب أن يكون.
إذن وبصوت يعكس ضمير الإنسانية، استعرض جلالته الجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، مقدّمًا شواهد واضحة حول تراجع القيم الإنسانية، وحاثا المجتمع الدولي على التحرك الفوري لوقف القتل الأعمى الذي يستهدف الأبرياء من أطفال ونساء وعاملين في المجال الإنساني، ومحذرا من أن الصمت الدولي يزيد من تفاقم المأساة.
وفي تحذير قوي، شدد جلالته على أن الفشل في معالجة القضية الفلسطينية سياسيًا يهدد بشكل مباشر نزاهة الأمم المتحدة ويفقدها مكانتها كمنظمة تسعى للسلام، حين أوضح أن العدالة الدولية الانتقائية تشكل خطرًا كبيرًا على الاستقرار العالمي، ودعا إلى مراجعة شاملة للآليات الدولية في التعامل مع الأزمات الإنسانية.
من ناحية أخرى، أكد جلالته على موقف الأردن الراسخ في رفض التهجير القسري للفلسطينيين، وعدم قبول فكرة التوطين، مشيرًا إلى أن الشعب الأردني يقف بجانب الحقوق المشروعة للفلسطينيين، ومن هنا جاءت دعوة جلالته إلى إحياء المبادرات العربية للسلام، منتقدًا سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي اختارت الحرب على حساب السلام.
جلالة الملك لم يكتفِ بانتقاد الوضع الراهن، بل قدم دعوة صريحة لاستعادة شرعية الأمم المتحدة من خلال إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن هذه الدعوة ليست مجرد خطاب دبلوماسي، بل انعكاس لالتزامه العميق بالعدالة والقيم الإنسانية.
كما ألقى جلالته الضوء على تداعيات التهجير القسري على أمن المنطقة بأسرها، مؤكداً أن الأردن لن يقبل أبداً بأن يكون بديلاً عن الوطن الفلسطيني، مشيرًا إلى أن سياسة المملكة تستند إلى الحكمة والتوازن في تعاملها مع الأزمات الإقليمية.
في ظل الأوضاع المتشابكة في الشرق الأوسط، حيث تتفاقم الأزمات السياسية والتاريخية، تبقى القضية الفلسطينية في صدارة المشهد، وقد أسهم فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل عادل في زيادة التوترات، مع تصاعد الأزمات في لبنان واستمرار الصراع في سوريا واليمن.