jo24_banner
jo24_banner

عودة ترامب: تأثيرات على السياسة الدولية والأزمات الإقليمية مع تصاعد الدور الصيني

الكابتن اسامة شقمان
جو 24 :


في مفاجأة انتخابية، فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، متحدياً كل التوقعات التي كانت تشير إلى تفوق منافسته، نائبة الرئيس كامالا هاريس. يأتي هذا الفوز في سياق محاكمات وتهم جنائية متعددة يواجهها ترامب، مما يجعله أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يفوز بانتخابات وسط اتهامات جنائية قد تصل إلى 34 تهمة. ومع ذلك، فإن الدعم الشعبي لترامب يعكس إيمانًا بقدرته على تحقيق وعوده، خاصة في مجالي الاقتصاد والسياسات الداخلية التي تعتمد على مبدأ "أمريكا أولاً".

يُعرف ترامب بأسلوبه الصارم ونهجه المباشر، والذي أثر بشكل واضح على سياساته الخارجية خلال فترته الرئاسية الأولى. من المتوقع أن يتبع ذات المسار في ولايته الثانية، مركزًا على تقليص التدخلات الخارجية والتركيز على التفاوض بدلًا من المواجهة، ما قد يغير بشكل كبير في ملفات عالمية حساسة مثل الشرق الأوسط، الملف الإيراني، النزاع الأوكراني-الروسي، وتزايد النفوذ الصيني.

التوجه نحو الشرق الأوسط وإسرائيل: تأثيرات محتملة

من المرجح أن يعيد ترامب التزامه القوي تجاه إسرائيل، الذي تجلى سابقًا في قراراته بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل. ومع سعيه لتوسيع "اتفاقيات أبراهام" لتشمل مزيدًا من الدول العربية، يمكن أن تتزايد حدة التوترات مع الفلسطينيين، خاصة إذا استمرت السياسات الأمريكية في إظهار انحياز واضح لصالح إسرائيل. هذا الدعم القوي قد يساهم في تصعيد العمليات العسكرية في غزة وجنوب لبنان، حيث قد يؤدي هذا التحول إلى مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وحلفائها المحليين.

سياسة "الضغوط القصوى" تجاه إيران: مواجهة متصاعدة

بالنسبة لإيران، من المتوقع أن يعيد ترامب تطبيق استراتيجيته التي تقوم على "الضغوط القصوى"، من خلال فرض عقوبات اقتصادية قاسية وتجفيف مصادر التمويل الإيرانية. تهدف هذه السياسة إلى إضعاف دعم إيران لجماعاتها الحليفة في المنطقة، مثل الفصائل المسلحة في العراق وسوريا وحزب الله في لبنان. لكن في الوقت ذاته، قد يؤدي ذلك إلى تصاعد التوتر في الخليج العربي، حيث تسعى دول مثل السعودية والإمارات إلى الحصول على دعم أمريكي ثابت لمواجهة النفوذ الإيراني، ما قد يضع واشنطن في موقف حساس يتطلب توازنًا بين التهديدات والمصالح الاستراتيجية.

الملف الأوكراني ومواجهة النفوذ الروسي

يتبنى ترامب موقفًا خاصًا بشأن النزاع الأوكراني، إذ تعهد بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة من توليه منصبه، مقترحًا حلاً تفاوضيًا دون الكشف عن تفاصيل واضحة. يُحتمل أن يتضمن ذلك حوارًا مباشرًا مع روسيا وأوكرانيا للتوصل إلى اتفاق قد يُرضي الطرفين. ومع أن هذا النهج التفاوضي قد يبدو جذابًا، إلا أنه يثير قلق حلفاء أمريكا في أوروبا الذين يعتمدون على استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا كوسيلة رئيسية لردع التوسع الروسي. هذا الموقف قد يخلق حالة من عدم الاستقرار داخل التحالف الأطلسي، خصوصًا إذا شعر الحلفاء بأن الولايات المتحدة تتراجع عن التزاماتها التقليدية تجاههم.

الصين: الخصم العالمي والتحدي الأكبر

فيما يخص الصين، فمن المتوقع أن تستمر علاقات الولايات المتحدة معها في مسار تصادمي، خاصة في ظل توجه ترامب نحو السياسات الحمائية والضغوط الاقتصادية. من المرجح أن يعيد ترامب فرض التعريفات الجمركية والعقوبات على الشركات الصينية، كما قد يسعى لتقليص الاعتماد الأمريكي على السلع والتقنيات الصينية، وهو ما قد يدفع بكين لتسريع جهودها في تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتعزيز شراكاتها التجارية مع دول أخرى.

تحركات ترامب المناهضة للصين قد تشمل أيضًا ضغوطًا في بحر الصين الجنوبي، حيث تعتبر الولايات المتحدة حرية الملاحة في تلك المنطقة أمرًا استراتيجيًا، بينما ترى الصين فيها جزءًا من أراضيها السيادية. قد يؤدي هذا التصعيد إلى توترات عسكرية في منطقة المحيط الهادئ، حيث قد تحاول واشنطن تعزيز تحالفاتها مع دول آسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين لردع التوسع الصيني.

وفي سياق مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين لتعزيز نفوذها الاقتصادي عالميًا، قد تتجه إدارة ترامب إلى إضعاف هذه المبادرة من خلال تشجيع استثمارات بديلة للدول المشاركة فيها. وقد تشهد أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وآسيا الوسطى تنافسًا كبيرًا على النفوذ، حيث تسعى الولايات المتحدة لتعزيز حضورها الاقتصادي والسياسي في تلك المناطق لمنع الهيمنة الصينية.

التركيز على الداخل الأمريكي وتقليل التدخلات الخارجية

بناءً على تصريحات ترامب ونهجه السابق، يبدو أنه سيولي اهتمامًا أكبر للقضايا الاقتصادية المحلية وتقليص الإنفاق العسكري في الخارج، ما قد يؤدي إلى إعادة توجيه الموارد المالية نحو تطوير البنية التحتية الأمريكية ودعم الاقتصاد. لكن هذا التوجه يطرح تحديات جديدة، حيث يمكن أن يؤدي الانسحاب الأمريكي النسبي من الأزمات الدولية إلى خلق فراغ سياسي تستغلّه دول مثل روسيا والصين لتوسيع نفوذها في مناطق استراتيجية، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.

في ظل عودة ترامب للرئاسة، قد يشهد العالم تحولات ملحوظة في السياسة الأمريكية، حيث سيتراجع التركيز على التدخلات العسكرية المباشرة لصالح حلول تفاوضية وعلاقات ثنائية محسوبة. لكن هذه التحولات قد تأتي بتكاليف غير متوقعة على الاستقرار العالمي، وخصوصًا في المناطق الحساسة التي طالما كانت تحت تأثير الهيمنة الأمريكية.

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير