jo24_banner
jo24_banner

الإسلاميون ليسوا ملائكة ولا شياطين

جمانة غنيمات
جو 24 : في محاضرة حول حرية الصحافة ودور الإعلام في صناعة الرأي العام والوعي الشعبي، عقدت قبل أيام في "مركز شراكة من أجل الديمقراطية" في محافظة مأدبا، سألني أحد الحضور إن كانت صحيفة "الغد" ستهاجم الإسلاميين إن تمكنوا من الحصول على الأغلبية النيابية مستقبلا، وتشكيل حكومة تمثل الأغلبية.
إجابتي كانت واضحة مباشرة، ولا تقبل القسمة على اثنين، وتتمثل في أن الصحافة الحرة تحترم نتائج صناديق الاقتراع والعملية الانتخابية الديمقراطية، أما الهجوم على الإسلاميين من عدمه فمرهون باحترام هذا التيار لفكرة مدنية الدولة، والحريات العامة وتحديدا تلك المتعلقة بالمرأة.
فالإعلام المؤمن بالإصلاح لا يهاجم إرادة أغلبية الشارع والمجتمع، لا بل يحترمها ويخضع لها، شريطة أن تحترم هذه الأغلبية حقوق الأقليات، وتسعى إلى تطبيق فكرة مدنية الدولة والتعددية، وإلا سنهاجم الإسلاميين -أو أي تيار سياسي آخر- إن هم أتوا إلى السلطة ولم يقدموا أداءً مُرضيا للمجتمع وأطيافه المختلفة، تماما كما ننتقد الحكومات اليوم.
فالسياسات خاضعة للنقد والتحليل أيا كان واضعها أو مطبقها، ودور الإعلام كسلطة رقابية يجب أن لا يختلف تبعا للتيار المسيطر على السلطة. دور الصحافة في نهاية المطاف يتمثل في الرقابة على السلطة التنفيذية وباقي السلطات، حماية لحقوق المجتمع، وسعيا وأملا في تقويم بعض الاعوجاج القائم.
الهواجس التي يعيشها المجتمع اليوم حيال السياسات التي سيطبقها الإسلاميون تتزايد، وهم يُسرّونها كثيرا ويعلنونها في حالات أخرى، ما يجعل الإجابة عنها واجبا، وتقديم التطمينات أيضا ضرورة حتى نتمكن من دفع الإصلاح إلى الأمام دون إعطاء الفرص لأي طرف لاستثمار الجو العام بهدف تعطيل الإصلاح.
تجربة الأردنيين مع الديمقراطية قصيرة ومتقطعة، والتدريب على مهارات الديمقراطية مسألة تتطلب وقتا ووعيا خاصا. ونحن مجتمع متسلط بطبيعته، ولربما نستغرق وقتا حتى تستوي لدينا التجربة، ويصبح لدينا خبرة في ثقافة احترام الآخر.
رياح الإسلاميين تهب على المنطقة، والهواجس التي تثيرها الفكرة لدى الآخرين كثيرة، وربما تكون مبنية على معطيات غير واقعية، لكن تقديم تطمينات وضمانات ضرورة وحاجة ماستان، خصوصا أن الإسلاميين ليسوا ملائكة ولا شياطين، وصورتهم النهائية في الأذهان مرتبطة بهم لا بغيرهم.
في دول أخرى، لم يقدم الإسلاميون ضمانات تحمي معتقدات الآخر وحرياته، ما تسبب في انحراف الثورة عن مسارها، ويهدد بضياعها، تماما كما يحدث في مصر. ومن ثم، فإن صون نتاج الربيع العربي بحاجة إلى هذه الخطوة من قبل التيار الأقوى في الشارع.
فالخوف المتزايد الذي يهمس به البعض، ويستخدم من بعض مراكز القوى، قد يكون أداة لضرب الاندفاع نحو الإصلاح. وحتى لا يكون تدمير الفكرة نابعا من أدواتها في النهاية وقواها، فان الواجب يقتضي من الإسلاميين التخفيف من المخاوف التي تجلبها تجربة سيطرتهم.
دور الإعلام المهني لا يختلف في علاقته مع السلطة أياً كانت توجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومهمته في نهاية المطاف تقوم على متابعة سياساتها وقراراتها وخططها، وإخضاعها للبحث والتدقيق والتمحيص؛ إذ لا سلطة معصومة من الخطأ، وهي بالتالي خاضعة للنقد المهني.
للإعلام دور يجب بالضرورة أن لا يتغير، حتى تبقى الأمور في نصابها. وثمة دور آخر على النخب والمجتمع، لناحية لعب دور حقيقي في ضبط إيقاع التغيير بحيث يصب في صالح الجميع وليس لفئة بعينها.
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير