"البغددة" في المال العام
د. رحيّل الغرايبة
لا أدري من ادخل إلينا وعلينا، ثقافة السطو على المال العام، وسهولة التفريط بأموال الخزينة "وبعزقتها" يميناً وشمالاً، بلا وخزة من ضمير ولا جرد حساب ذاتي عند الخلود الى النوم، فقد أوردت وسائل الإعلام المحلية، أن المسؤول عن أحد المشاريع العامة انفق في العام المنصرم (50.000) خمسين ألف دينار أردني وزيادة على (المناسف) التي تم تقديمها للزوار وخاصة من فئة كبار الموظفين، وموقع هذا المشروع في أقصى الشمال، ويتم التوصية على (المناسف) من مأدبا، فيضاف الى قيمة (المنسف) مصاريف النقل لمسافة تزيد على (150)كم ويتم قطع أربع محافظات من محافظات الأردن حتى يتم توصيل هذه الوجبة الأردنية التراثية الأصيلة.
الأصل في ثقافة العربي الإسلامي، الحفاظ على المال العام، ومن ابتلاه الله بالمسؤولية عن هذا المال فهو في وضع حساس ودقيق وخطير، ولذلك يجب أن تكون قرارات الصرف مشروعة وصحيحة ودقيقة، وتخضع لدراسة مستوفية، بحيث لا يتم وضع قرش في غير محله، وأن لا يكون هناك قرش واحد زيادة تتحملها جيوب المواطنين الذين يقتطعون الضرائب من قوتهم وقوت عيالهم، فضلاً على أنها مغمسة بالعرق والدم.
إن الذي يتنعم بأموال المواطنين على النحو الذي نشاهده ونسمعه، إنما هو إنسان فاقد لإحساسه السليم وفاقد لمروءته، فضلاً عن حس المسؤولية البليد، أين نحن أيها المسؤولون من عمر بن عبد العزيز الذي كان يطفئ السراج العام، عندما كان يتم الحديث بشأن خاص، وأين نحن من عمر بن الخطاب الذي حظر على نفسه أكل (اللحم) حتى يأكله عامة المسلمين، واقتصر على أكل (الزيت) متفرداً، حتى لا يتنعم ولا يتبغدد على حساب المواطنين المنكوبين والمقهورين الذين يدعون ويبتهلون الى الله على آكل أموالهم في الليل والنهار بالويل والثبور وعظائم الأمور.
العرب اليوم