أنا لا أتهم
لست ضد اتفاقية استخراج الغاز الطبيعي وقانون تعديل الامتياز، لكن ما المانع من مناقشة بعض بنود الاتفاقية؟ وما المشكلة في فتح حوار حول القضية التي تشغل الرأي العام، لإقناعه بمضمونها، وتأكيد عدم إجحافها بحق الأردن؟
النقاش ضرورة قبل أن يقر القانون ويدخل حيز النفاذ، ويصبح من الصعب التراجع عنه. وسيكفل البت في القضية، التي بدأت تؤرق كثيرين اليوم، إخماد العديد من الشكوك، وتجنب تكرار ما حدث في ملف اتفاقية الفوسفات وشروطها المجحفة بحق خزينة البلد.
لا مواقف مسبقة لدي من الاتفاقية، وسأضمن المقالة عددا من الأسئلة تحتاج إلى إجابات وتوضيح:
1. تقييم برنامج عمل "بريتيش بتروليوم" في مرحلة الاستكشاف التي بدأت في العام 2010 وتمتد 3 سنوات، يكشف عدم التزام الشركة البريطانية بالمطلوب. إذ التزمت بإجراء مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد، فيما تخلفت عن استصلاح واستكمال 4 آبار، وتحديث وتطوير الحفارات، وإعادة الدخول لـ8 آبار قديمة، وحفر 5 آبار جديدة، وتقديم الدعم الفني والتدريب، ودراسة جدوى تسويق الغاز ورفع مستويات الإنتاج من 18 مليون متر مكعب إلى 50 مليون متر مكعب يوميا.
والسؤال: هل وجهت الحكومة كتبا للشركة البريطانية تحتج فيها على هذا التقصير الكبير، وتطالبها بغرامات تأخير، وتفرض عقوبات عليها كونها خسّرت الخزينة بعض عوائد بيع الغاز؟
كيف ستعوض الشركة تأخر إنجاز كل المتطلبات السابقة، رغم أنها أنفقت كامل المبلغ المخصص لهذه المدة، والمقدر بحوالي 237 مليون دولار، أنفق على بند واحد، فيما أهملت الالتزام بسبعة بنود تبدو أكثر أهمية من المسوحات؟
بموجب الاتفاقية، ستتمكن الشركة من استعادة كل مبلغ أنفقته على المشروع؛ سواء في مرحلة الاستكشاف أو التطوير. لكن السؤال المهم: من سيراقب نوعية الإنفاق من قبل الشركة؟ وما أدرانا أنها ستحافظ على المال العام، خصوصا أنها ستسترجع كل فلس تنفقه؟ ثم من يضمن أن الإنفاق ليس تفاخريا وعلى حساب الخزينة؟!
2. ما مصير شركة البترول الوطنية والعاملين فيها، وعددهم حوالي 150 موظفا؟ هل ستُحفظ حقوقهم أم سيرمون في الشارع، خصوصا أن الاتفاق يعطي الشركة البريطانية كامل الحق في تقرير مصير من يبقى ومن يرحل؟
3. بحسب الاتفاقية، تحصل الشركة المستثمرة على 70 % من عوائد بيع الغاز، أما النسبة المتبقية فتقسم على النحو التالي: 15 % للحكومة، وتقسم نسبة الـ15 % الأخرى بين الشركة الوطنية للبترول والشركة البريطانية بمعدل 1 %، و14 % على التوالي. وبالنتيجة، ستحصل الشركة المستثمرة على 84 % من عوائد بيع الغاز إلى حين استرداد كامل كلف العمليات البترولية. والسؤال: هل هذه النسبة منصفة للأردن وللأجيال القادمة؟
4. مصر كانت تقدم الغاز للأردن بأسعار تفضيلية، وكذلك العراق قدم النفط بذات الميزة، والاتفاقية مع الشركة البريطانية لا تفرض عليها تقديم أسعار تفضيلية للحكومة، فهل هذا عدل وإنصاف؟
5. أنفقت شركة البترول الوطنية مبلغ 30 مليون دينار لتطوير الحقول، وكان من المفترض أن تستعيد أموالها، لكن ذلك لم يحدث. من هي الجهة التي تضمن ذلك والمطلب غير مدرج في الاتفاق أصلا، رغم أنه يحفظ حقوق الشركة الأجنبية بالكامل؟
6. ضريبة الدخل المفروضة على شركة "بريتيش بتروليوم" تبلغ 15 % طوال مدة الامتياز؛ من قال إن تثبيت معدلات الضريبة على الشركة حتى العام 2035 قرار صائب؟
7. الشركة معفاة طوال مدة الامتياز من الرسوم والجمارك وضريبة المبيعات وأي ضرائب ورسوم أخرى لها ولموظفيها. والسؤال: أين هي العدالة التي نتحدث عنها؟ أين هي دعوات توزيع مكتسبات التنمية؟
8. يحق للشركة الاحتفاظ بالغاز مدة تصل 8 سنوات في باطن الأرض منذ لحظة بدء مرحلة التطوير، فكيف سيكون الحال لو قررت الشركة ذلك في بلد يعاني من أزمة طاقة خانقة تكاد تودي باستقراره النقدي؟
السؤال مباح، والحصول على إجابات حق للمجتمع، فهل من مجيب؟ أنا أسال ولا أتهم."الغد"
jumana.ghunaimat@alghad.jo