الاعلان عن إنشاء مدرسة أجنبية
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لا أشعر بالسعادة عندما أقرأ اعلاناً كبيراً يحتل الصفحة الأخيرة من صحفنا اليومية، يبشر بإنشاء صرح تربوي حديث في أرقى ضواحي العاصمة، بمبان ضخمة، وملاعب حديثة، ومنهاج أمريكي، وبرنامج(IB) ومدرسين ناطقين باللغة الانجليزية، بل أشعر بالخوف والرعب على مستقبل الأردنيين الذين يرسلون ابناءهم الى مدارس حكومية، ذات مبان متهاوية، وبلا ملاعب وبلا مختبرات، وبلا مدرسين يشعرون بالرضى أو الاستقرار الوظيفي، وبلا تدفئة، وأحياناً بنوافذ زجاجها مكسور.
هذه المدارس الفخمة المجهزة والمدفأة، ذات البرامج الأجنبية والمدرسين الأجانب، لاتحل مشكلة الشعب الأردني، وإنما تغطي حاجة فئة قليلة من الأثرياء الميسورين، والذين باستطاعتهم دفع تكاليف ابنائهم في الروضة التي تعادل أضعاف كلفة الدكتوراة، وهذه المدارس سوف تقسم العرب عربين، وتزيد الفجوة بين شرائح المجتمع، وتخلق الطبقية وترسخها، وتؤسس لتناقض حتمي كبير وعميق بين أبناء الوطن الواحد؛ فئة تتكلم اللغة الانجليزية بلكنة أجنبية، وبطريقة اللفظ والنطق وفقاً لحركات(الحنك) الأجنبية، وفئة أخرى واسعة تقضي الفصل الأول ومعلم اللغة الانجليزية لم يصل المدرسة بعد!.
كلما أقرأ الاعلان الكبير عن المدرسة الفخمة الجديدة كلما شعرت بعمق المأساة، وبعد الشقة، وأشعر بالمتاهة التي يسير بها الحراثون وأبناء الحراثين من هذا الوطن، الذين طال ليلهم، واسودت الدنيا في وجوههم، وأشعر بمقدار الهم الكبير الذي تنوء به ظهورهم نتيجة التفكير في رقم فاتورة الكهرباء القادمة، وفاتورة المواصلات لأبنائهم، والإحساس بالعجز أمام الغلاء الفاحش المستعر لغذائهم الضروري.
لا أتخيّل أن الدول المتقدمة مثل اليابان أو المانيا، أو فرنسا أو بريطانيا، أنها تسمح بإيجاد هذه الفجوة الكبيرة بين التعليم الحكومي والخاص، أو أنها تسمح بتقسيم شعوبها إلى أغنياء وفقراء، وكل شريحة لها مناهجها ولها مدارسها، ولها ثقافتها، ولها لغتها ولها هويتها، ولا يمكن أن تسمح للتعليم العام بأن ينحط ويتخلف عن التعليم الخاص؛ لا من حيث المعلمين ولا من حيث المناهج ولا من حيث البرامج والمختبرات وغيرها.
اعتقد جازماً أن الخطوة الأولى على طريق الاصلاح تبدأ بالتعليم والتربية، ولا أمل بالوصول إلى أدنى درجات القبول على مستوى الاصلاح الوطني الشامل، إذا لم يتم البدء والشروع باصلاح منظومة التعليم الحكومي العام، من حيث المعلم أولاً ومن حيث المباني والمناهج والملاعب والمختبرات والادارة التي ينبغي احاطتها بأعلى درجات الاهتمام وأرقى درجات العناية، وأن يتم زيادة نسبة الانفاق على التعليم وأن يظهر ذلك جلياً بالموازنة العامة بشكل متدرج ينعكس أثره إيجاباً على التلميذ وعلى المعلم وعلى البيئة التعليمية بوجه عام، ويجب أن لا تكون مظاهر العناية على شكل العمل الخيري البائس، الذي ينقص من كرامة الشعب الأردني ويقلل من هيبة الدولة.
ينبغي للحكومة ووزارة التربية على وجه الخصوص، فضلاً عن أصحاب القرار وأهل السياسات العامة أن يضعوا حداً لمسار اتساع الفجوة بين شرائح الشعب الأردني، وينبغي أن يخضع جميع أبناء الأردنيين حراثين ووزراء فقراء وأغنياء إلى منهاج واحد وثقافة واحدة، وبيئة حضارية متقاربة, إذا أردنا الوصول الى تحقيق شعارات الوحدة الوطنية، ومعالجة الاختلالات الاجتماعية التي تسير نحو التعاظم المتزايد الذي ينذر بالخطر القادم .
(الدستور)
هذه المدارس الفخمة المجهزة والمدفأة، ذات البرامج الأجنبية والمدرسين الأجانب، لاتحل مشكلة الشعب الأردني، وإنما تغطي حاجة فئة قليلة من الأثرياء الميسورين، والذين باستطاعتهم دفع تكاليف ابنائهم في الروضة التي تعادل أضعاف كلفة الدكتوراة، وهذه المدارس سوف تقسم العرب عربين، وتزيد الفجوة بين شرائح المجتمع، وتخلق الطبقية وترسخها، وتؤسس لتناقض حتمي كبير وعميق بين أبناء الوطن الواحد؛ فئة تتكلم اللغة الانجليزية بلكنة أجنبية، وبطريقة اللفظ والنطق وفقاً لحركات(الحنك) الأجنبية، وفئة أخرى واسعة تقضي الفصل الأول ومعلم اللغة الانجليزية لم يصل المدرسة بعد!.
كلما أقرأ الاعلان الكبير عن المدرسة الفخمة الجديدة كلما شعرت بعمق المأساة، وبعد الشقة، وأشعر بالمتاهة التي يسير بها الحراثون وأبناء الحراثين من هذا الوطن، الذين طال ليلهم، واسودت الدنيا في وجوههم، وأشعر بمقدار الهم الكبير الذي تنوء به ظهورهم نتيجة التفكير في رقم فاتورة الكهرباء القادمة، وفاتورة المواصلات لأبنائهم، والإحساس بالعجز أمام الغلاء الفاحش المستعر لغذائهم الضروري.
لا أتخيّل أن الدول المتقدمة مثل اليابان أو المانيا، أو فرنسا أو بريطانيا، أنها تسمح بإيجاد هذه الفجوة الكبيرة بين التعليم الحكومي والخاص، أو أنها تسمح بتقسيم شعوبها إلى أغنياء وفقراء، وكل شريحة لها مناهجها ولها مدارسها، ولها ثقافتها، ولها لغتها ولها هويتها، ولا يمكن أن تسمح للتعليم العام بأن ينحط ويتخلف عن التعليم الخاص؛ لا من حيث المعلمين ولا من حيث المناهج ولا من حيث البرامج والمختبرات وغيرها.
اعتقد جازماً أن الخطوة الأولى على طريق الاصلاح تبدأ بالتعليم والتربية، ولا أمل بالوصول إلى أدنى درجات القبول على مستوى الاصلاح الوطني الشامل، إذا لم يتم البدء والشروع باصلاح منظومة التعليم الحكومي العام، من حيث المعلم أولاً ومن حيث المباني والمناهج والملاعب والمختبرات والادارة التي ينبغي احاطتها بأعلى درجات الاهتمام وأرقى درجات العناية، وأن يتم زيادة نسبة الانفاق على التعليم وأن يظهر ذلك جلياً بالموازنة العامة بشكل متدرج ينعكس أثره إيجاباً على التلميذ وعلى المعلم وعلى البيئة التعليمية بوجه عام، ويجب أن لا تكون مظاهر العناية على شكل العمل الخيري البائس، الذي ينقص من كرامة الشعب الأردني ويقلل من هيبة الدولة.
ينبغي للحكومة ووزارة التربية على وجه الخصوص، فضلاً عن أصحاب القرار وأهل السياسات العامة أن يضعوا حداً لمسار اتساع الفجوة بين شرائح الشعب الأردني، وينبغي أن يخضع جميع أبناء الأردنيين حراثين ووزراء فقراء وأغنياء إلى منهاج واحد وثقافة واحدة، وبيئة حضارية متقاربة, إذا أردنا الوصول الى تحقيق شعارات الوحدة الوطنية، ومعالجة الاختلالات الاجتماعية التي تسير نحو التعاظم المتزايد الذي ينذر بالخطر القادم .
(الدستور)