تحريك المياه الراكدة
جمانة غنيمات
جو 24 : يعد إهمال استراتيجية التشغيل دليلا قويا على عدم جدية الحكومات في حل مشكلة البطالة المستعصية، وبرهانا على ضعف المتابعة والجدية في الحد من معضلة طالما أرّقت المجتمع بشكل عام والشباب بشكل حصري وخاص.
الاستراتيجية التي وضعها الخبير الاقتصادي عمر الرزاز قبل أكثر من عام ما تزال حبرا على ورق، ونتائجها مهملة رغم قدرتها السريعة على إحداث أثر واضح في معدلات البطالة، التي تصنف اليوم ضمن أحد أهم دوافع الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح.
ارتفاع معدلات البطالة وفشل الحكومات المتعاقبة في توفير فرص عمل للشباب حركت مشاعرهم، وأشعرتهم بعجزهم عن تحسين أوضاعهم ما دفعهم إلى رفع أصواتهم للمطالبة بفرص عمل، وأدت بطالة الشباب الى تقوية عزيمتهم وإصرارهم على الخروج الأسبوعي للشارع للقول أن لا رجعة عن مطالبهم.
بعد الربيع الأردني وضعت الاستراتيجية وتضمنت خطوات واضحة ومحددة تقدم بعض الحلول العملية التي تساهم بامتصاص جزء من احتقان الشباب، ورغم ذلك أهملت الدراسة ووضعت على الرف، وما ذلك إلا دلالة إهمال وعدم إدراك لحجم هذه المشكلة وتبعاتها السياسية والاقتصادية.
ولربما تسبب رحيل الحكومات المتكرر ووجود ثلاث حكومات في الدوار الرابع خلال عام، في جعل الاستراتيجية طي النسيان، لتضاف إلى آلاف الدراسات والخطط والتقارير التي أنفقت عليها أموال ضاعت بلا طائل، ولم نستفد منها شيئا.
وللتذكير تتضمن الاستراتيجية أرقاما حول سوق العمل بما في ذلك نسب المشاركة الاقتصادية، وتوزيعها، وقوة العمل، وتفاصيل حول العمالة المهاجرة التي تؤكد أنه لا توجد أرقام دقيقة حولها، ولكن التقديرات تتراوح ما بين 250 إلى 350 ألفا في دول الخليج فقط، عدا عن العمالة الأردنية الموجودة في دول كثيرة من العالم.
أما العمالة الوافدة فقدرت، بحسب بيانات وزارة العمل، بحوالي 336 ألف عامل، حيث يشكل هذا الرقم ما يقارب ضعف إجمالي المتعطلين عن العمل في الأردن.
وتقدم دراسة الرزاز حلولا للتشوهات التي يعاني منها سوق العمل، ووصفات للمشكلات المستعصية التي لن يقدر الاقتصاد على توليد فرص العمل بدونها، طالما ظل يعاني من غياب الشفافية وسوء التخطيط، وفشل خطط جذب الاستثمار.
اليوم تعيش الدولة أزمة سياسية واقتصادية خانقة، وتتهم كل الحكومات بالبحث عن الحلول السهلة المتمثلة برفع الأسعار، لحل جزء من المشكلات المالية العامة من عجز ودين، فيما تسقط حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، رغم أن قليلا من الإرادة وحسن التخطيط وقليلا من العمل كفيلان بإحداث فرق ملموس من خلال مراجعة التشريعات والأنظمة الناظمة لسوق العمل، وتوسيع دائرة انتشار الضمان الاجتماعي.
صحيح أن مشكلة البطالة هيكلية، بيد أن تقليصها والتخفيف من حجمها الذي بات خطيرا اليوم ممكن، والاستمرار في التعامل مع هذه المشكلة وفق مبدأ الفزعة لن يحدث تقدما لخطوة واحدة في حلها، وسيبقى الشباب يئنون تحت وطأتها، ويخزنون مزيدا من الغضب بدواخلهم نتيجة شعورهم بإهمال الحكومات لهم، فيما الحلول مؤجلة، والدراسات على الرف.
نتمنى أن تعيد الحكومة دراسة أوراقها، والبحث عن المفيد في أدراجها، لعلها تنتفع بعلم ومعرفة خبرائها، حتى لا ينتقل الإحباط للخبراء والعلماء قبل الشباب."الغد"
الاستراتيجية التي وضعها الخبير الاقتصادي عمر الرزاز قبل أكثر من عام ما تزال حبرا على ورق، ونتائجها مهملة رغم قدرتها السريعة على إحداث أثر واضح في معدلات البطالة، التي تصنف اليوم ضمن أحد أهم دوافع الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح.
ارتفاع معدلات البطالة وفشل الحكومات المتعاقبة في توفير فرص عمل للشباب حركت مشاعرهم، وأشعرتهم بعجزهم عن تحسين أوضاعهم ما دفعهم إلى رفع أصواتهم للمطالبة بفرص عمل، وأدت بطالة الشباب الى تقوية عزيمتهم وإصرارهم على الخروج الأسبوعي للشارع للقول أن لا رجعة عن مطالبهم.
بعد الربيع الأردني وضعت الاستراتيجية وتضمنت خطوات واضحة ومحددة تقدم بعض الحلول العملية التي تساهم بامتصاص جزء من احتقان الشباب، ورغم ذلك أهملت الدراسة ووضعت على الرف، وما ذلك إلا دلالة إهمال وعدم إدراك لحجم هذه المشكلة وتبعاتها السياسية والاقتصادية.
ولربما تسبب رحيل الحكومات المتكرر ووجود ثلاث حكومات في الدوار الرابع خلال عام، في جعل الاستراتيجية طي النسيان، لتضاف إلى آلاف الدراسات والخطط والتقارير التي أنفقت عليها أموال ضاعت بلا طائل، ولم نستفد منها شيئا.
وللتذكير تتضمن الاستراتيجية أرقاما حول سوق العمل بما في ذلك نسب المشاركة الاقتصادية، وتوزيعها، وقوة العمل، وتفاصيل حول العمالة المهاجرة التي تؤكد أنه لا توجد أرقام دقيقة حولها، ولكن التقديرات تتراوح ما بين 250 إلى 350 ألفا في دول الخليج فقط، عدا عن العمالة الأردنية الموجودة في دول كثيرة من العالم.
أما العمالة الوافدة فقدرت، بحسب بيانات وزارة العمل، بحوالي 336 ألف عامل، حيث يشكل هذا الرقم ما يقارب ضعف إجمالي المتعطلين عن العمل في الأردن.
وتقدم دراسة الرزاز حلولا للتشوهات التي يعاني منها سوق العمل، ووصفات للمشكلات المستعصية التي لن يقدر الاقتصاد على توليد فرص العمل بدونها، طالما ظل يعاني من غياب الشفافية وسوء التخطيط، وفشل خطط جذب الاستثمار.
اليوم تعيش الدولة أزمة سياسية واقتصادية خانقة، وتتهم كل الحكومات بالبحث عن الحلول السهلة المتمثلة برفع الأسعار، لحل جزء من المشكلات المالية العامة من عجز ودين، فيما تسقط حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، رغم أن قليلا من الإرادة وحسن التخطيط وقليلا من العمل كفيلان بإحداث فرق ملموس من خلال مراجعة التشريعات والأنظمة الناظمة لسوق العمل، وتوسيع دائرة انتشار الضمان الاجتماعي.
صحيح أن مشكلة البطالة هيكلية، بيد أن تقليصها والتخفيف من حجمها الذي بات خطيرا اليوم ممكن، والاستمرار في التعامل مع هذه المشكلة وفق مبدأ الفزعة لن يحدث تقدما لخطوة واحدة في حلها، وسيبقى الشباب يئنون تحت وطأتها، ويخزنون مزيدا من الغضب بدواخلهم نتيجة شعورهم بإهمال الحكومات لهم، فيما الحلول مؤجلة، والدراسات على الرف.
نتمنى أن تعيد الحكومة دراسة أوراقها، والبحث عن المفيد في أدراجها، لعلها تنتفع بعلم ومعرفة خبرائها، حتى لا ينتقل الإحباط للخبراء والعلماء قبل الشباب."الغد"