الأصايل تأبى التطبيع ..!
لا أعتقد أنه قد خطر على بال الكاتب والروائي الكبير إبراهيم نصر الله عندما انتهى من كتابه " زمن الخيول البيضاء " بأنه سيأتي اليوم الذي سوف تتعرض فيه خيولنا العربية الأصيلة إلى الإهانة والمذلة من خلال إقحامها في مستنقع التطبيع العفن مع عدونا الصهيوني ، ولكن هذا ما حصل وللأسف على أرض الحقيقة والواقع ، فقد أقدمت الكثير من وسائل الإعلام المختلفة على نشر الخبر ، وإن كان الفضل بطبيعة الحال يعود إلى إحدى المحطات الناطقة بالعبرية التي أوردت النبأ في نشراتها الإخبارية .
عنوان الخبر المنشور يشير إلى أن لجنة مقاومة التطبيع النقابية الأردنية التي تتكون من مندوبين يمثلون 14 نقابة مهنية تندد وتدين مشاركة خيالة أردنية في " مسار الخيول الإسرائيلي " ، وهذا المسار هو تقليد سنوي تنظمه " وزارة الثقافة والرياضة الإسرائيلية " في منطقة جبل الجلبوع الواقع ضمن المناطق العربية المحتلة والواقعة جنوب محافظة جنين ، ويشارك فيه خيالون أردنيون وفلسطينيون إلى جانب " زملاء إسرائيليون " والذين يشكلون بطبيعة الحال أغلبية المشاركين لأن عدونا يحرص دائما على أن يتمسك بمبدأ الأغلبية والغالبية وفي أية منافسة مع جيرانه العرب حتى ولو كانوا ضيوفا عليه ...!
من هو المسؤول عن هذه المشاركة الأردنية التي لا يرضاها شعبنا وأحراره ؟ وما هو الداعي لها ؟ وإذا كانت الحكومة ووزارة الثقافة التي تتبعها لها يد وعلاقة بهذه " السقطة " فلتتفضل ولتشرح لنا الأسباب والأهداف والفوائد ، خصوصا وأنها المشاركة السنوية الثانية ، وهذا يعني بأن المستقبل قد يحمل ثالثة ورابعة ، ولا أعتقد جازما بأن الحكومة قد حصلت على موافقة خيولنا الأردنية المعروفة بأصالتها وشهامتها وصدق إنتماءها ، وبناء عليه ، فأنا على ثقة ويقين بأن خيولنا قد أجبرت وهي رافضة وكارهة وبالتالي فإن العتب والملامة لا تقع إلا على عاتق وكاهل خيالتها الذين امتطوا صهوتها وقادوها إلى هذا الفعل المذل والمشين .
قد أستوعب وفي حدود قدراتي الوطنية المتواضعة دخول الجزر والمانجا والبطاطا والأفوكادو " الإسرائيلي " بواسطة التجار السماسرة الذين لا ذمة ولا ضمير لديهم ، ولكن عندما تصل الأمور إلى خيولنا فهناك ما يستدعي التوقف أمامه ومن كل مسؤول مخلص في هذا البلد الطيب ، و خصوصاً من اولئك الذين يعرفون الخيل و يقدرون قيمتها ، وهناك ما يستوجب ويفرض على عشائرنا الأردنية التي تعتد بشرف وكرامة خيولها أن تفزع وتهب للدفاع عن أصايلها التي ساقها بعض السماسرة إلى هذا الموقف الذي ألحق بها المذلة والمهانة والعار .
ختاما ، ففي سياق الخبر ما يشير إلى أن وزارة " الثقافة الإسرائيلية " هي التي تشرف وترعى وتنظم مسار الخيول هذا والذي لا أحد يعلم ماذا يريدون أن يجنوا من وراء إقامته ، و لذلك فنحن بدورنا نصرخ وبعالي الصوت وفي وجه كل الشرفاء والأحرار والعارفين جيدا " بثقافة " عدونا الصهيوني القائمة على الإجرام والقتل الإرهاب ، وإرتكاب وإنتهاك كل المحرمات دوليا وإنسانيا أن ينتصروا لخيولهم ، فهذا الكيان الإستعماري والفاشي المصطنع لا يمكن أن يمتلك في يوم الأيام ثقافة تستدعي أو تستحق أن تشاركه فيها الشعوب الأخرى قاطبة وعبر ثقافاتها المتعددة والمختلفة .
خيولنا التي يتحدث التاريخ عن أمجادها وبطولاتها ، خيولنا التي سطرنا ونحن على ظهورها صفحات للعز والفخر لا تستحق أن نجعل منها وسائل للتطبيع المخزي مع عدو لا يعرف سوى الدم وإزهاق أرواح الأبرياء ، ولذلك فسوف تبقى الأصايل الأردنية برئية وحتى قيام الساعة من هذه الجريمة النكراء التي إرتكبت زورا وبهتانا بإسمها .
د.امديرس القادري