هيئة وطنية مستقلة لإدارة الشأن الحزبي
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : يدور الجدل حول مرجعية الأحزاب السياسية في قانون الأحزاب الجديد، إذ ذهب فريق من السياسيين وأصحاب الاهتمام بهذا الشأن إلى ضرورة تغيير مرجعية الأحزاب من وزارة الداخلية إلى وزارة التنمية السياسية، بوصفها الوزارة صاحبة الاختصاص والعلاقة، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن نقل تبعية الأحزاب أو مرجعيتها من وزارة الداخلية يمثل إشارة إلى تغيير سمة التعامل من المستوى الأمني إلى المستوى السياسي.
ما ينبغي الالتفات إليه في هذه المسألة، هو الجوهر الفلسفي في النظرة إلى الأحزاب ووجودها وحقيقة دورها، إذ ما زالت الأغلبية السياسية من الفريقين أسيرة لتراث تاريخي سلبي ينظر إلى الأحزاب أنها أجسام غريبة عن الدولة ومؤسساتها ، وأن هدف القانون ينحصر في كيفية تحجيمها وتقليل آثارها المدمّرة على المجتمع دون أن يصل الأمر إلى الحظر والمنع الذي يجعلها تمارس أعمالها وأنشطتها بالسر وتحت الأرض، وهناك عدد كبير من الحزبيين أنفسهم تكيفوا مع هذه الفلسفة، ومع طول الأمد تسلل الشعور بالاغتراب إلى نفوس معظم المنخرطين في سلك الأحزاب، واصبحت مطالبهم لا تخرج عن هذه الفلسفة، ولاتتعدى حدود هذه الدائرة، ولذلك نجدهم يطالبون بتحسين مستوى التعامل مع الأحزاب عبر الانتقال بالتبعية والمتابعة من وزارة الداخلية ذات البعد الأمني الصارم، إلى وزارة التنمية السياسية التي وجدت أصلاً للقيام بهذا الدور.
وتصديقاً لما سبق فإن هذه الأحزاب تصر على الإنطواء الدائم تحت مسمى احزاب المعارضة، باعتبار المعارضة وصفاً دائماً لموقع دائم في مواجهة حكومة دائمة بوصفها مؤسسة دائمة بإدارة دائمة وعقلية دائمة، مع أن وصف المعارضة في الدول الديموقراطية هو وصف مؤقت لمن هو خارج الفريق الحكومي، وربما بعد دورة أخرى، تصبح المعارضة في الحكومة، ومن كان في الحكومة السابقة في صف المعارضة وهكذا، لكن ما نلحظه في بلداننا أن وصف المعارضة له مدلول مختلف تماماً، وهذا ينطبق على مصطلح الأحزاب كذلك، فما يقبع في ذهن المواطن الأردني والمسؤول الأردني والحزبي الأردني، أن رجال الأحزاب أشخاص غير عاديين فهم خارج إطار الدولة وخارج مؤسساتها وما يجري أحياناً عبارة عن تدجين ومحاولات تطبيع مع بعض الأفراد لمحاولة دمجهم وتأهيلهم في سلك الدولة بطريقة حذرة ومحسوبة بدقة، ولذلك تجد الدولة ومؤسساتها تخلو من الحزبيين الّا ما ندر وعلى سبيل الاستثناء.
ما نطمح إليه أن يكون محلاً للنقاش والحوار الوطني المكثف في هذا السياق، الإجابة على مجموعة من الأسئلة الكبيرة والمهمة والواضحة والمحدّدة:
- هل نحن نريد وجود أحزاب حقيقية في الأردن وفي الحياة السياسية بشكل فعلي ؟
- هل نريد للأحزاب أن تكون جزءاً من النظام السياسي الأردني وتمارس دوراً أصيلاً في إدارة الدولة؟
- هل سيتم السماح للمواطنين بمن فيهم الشباب والطلاب، الإنخراط في الأطر الحزبية دون أن يشكل ذلك عائقاً أمام وصول الحزبي إلى أي موقع في الدولة ومؤسساتها؟
وهناك أسئلة أخرى مطروحة من جهة مقابلة:
- هل الأحزاب تعتبر نفسها جزءاً من الدولة، وجزءاً من نظامها السياسي؟
- هل الأحزاب تخضع للدستور والقانون، وتمارس رغبتها بالإصلاح بطرق دستورية وقانونية؟
- هل تؤمن بشكل قاطع بالمنهج السلمي الديمقراطي، والتعددية السياسية والأغلبية الصحيحة والنزيهة، وحق جميع المواطنين بالمشاركة العادلة؟
أما بخصوص مرجعية الأحزاب، وبناءً على هذه الفلسفة فمن الأفضل أن يتم إنشاء هيئة وطنية مستقلة تشكل مرجعية دائمة للأحزاب، من حيث الترخيص والمتابعة والنظر في التمويل والنزاعات الحزبية وأنشطتها الوطنية وذلك من أجل ترسيخ تبعية الأحزاب للدولة، لأن لا تكون خاضعة لإرادة فريق حكومي يمثل وجهة نظر محددة، وبرنامجا سياسيا معينا.
(الدستور)
ما ينبغي الالتفات إليه في هذه المسألة، هو الجوهر الفلسفي في النظرة إلى الأحزاب ووجودها وحقيقة دورها، إذ ما زالت الأغلبية السياسية من الفريقين أسيرة لتراث تاريخي سلبي ينظر إلى الأحزاب أنها أجسام غريبة عن الدولة ومؤسساتها ، وأن هدف القانون ينحصر في كيفية تحجيمها وتقليل آثارها المدمّرة على المجتمع دون أن يصل الأمر إلى الحظر والمنع الذي يجعلها تمارس أعمالها وأنشطتها بالسر وتحت الأرض، وهناك عدد كبير من الحزبيين أنفسهم تكيفوا مع هذه الفلسفة، ومع طول الأمد تسلل الشعور بالاغتراب إلى نفوس معظم المنخرطين في سلك الأحزاب، واصبحت مطالبهم لا تخرج عن هذه الفلسفة، ولاتتعدى حدود هذه الدائرة، ولذلك نجدهم يطالبون بتحسين مستوى التعامل مع الأحزاب عبر الانتقال بالتبعية والمتابعة من وزارة الداخلية ذات البعد الأمني الصارم، إلى وزارة التنمية السياسية التي وجدت أصلاً للقيام بهذا الدور.
وتصديقاً لما سبق فإن هذه الأحزاب تصر على الإنطواء الدائم تحت مسمى احزاب المعارضة، باعتبار المعارضة وصفاً دائماً لموقع دائم في مواجهة حكومة دائمة بوصفها مؤسسة دائمة بإدارة دائمة وعقلية دائمة، مع أن وصف المعارضة في الدول الديموقراطية هو وصف مؤقت لمن هو خارج الفريق الحكومي، وربما بعد دورة أخرى، تصبح المعارضة في الحكومة، ومن كان في الحكومة السابقة في صف المعارضة وهكذا، لكن ما نلحظه في بلداننا أن وصف المعارضة له مدلول مختلف تماماً، وهذا ينطبق على مصطلح الأحزاب كذلك، فما يقبع في ذهن المواطن الأردني والمسؤول الأردني والحزبي الأردني، أن رجال الأحزاب أشخاص غير عاديين فهم خارج إطار الدولة وخارج مؤسساتها وما يجري أحياناً عبارة عن تدجين ومحاولات تطبيع مع بعض الأفراد لمحاولة دمجهم وتأهيلهم في سلك الدولة بطريقة حذرة ومحسوبة بدقة، ولذلك تجد الدولة ومؤسساتها تخلو من الحزبيين الّا ما ندر وعلى سبيل الاستثناء.
ما نطمح إليه أن يكون محلاً للنقاش والحوار الوطني المكثف في هذا السياق، الإجابة على مجموعة من الأسئلة الكبيرة والمهمة والواضحة والمحدّدة:
- هل نحن نريد وجود أحزاب حقيقية في الأردن وفي الحياة السياسية بشكل فعلي ؟
- هل نريد للأحزاب أن تكون جزءاً من النظام السياسي الأردني وتمارس دوراً أصيلاً في إدارة الدولة؟
- هل سيتم السماح للمواطنين بمن فيهم الشباب والطلاب، الإنخراط في الأطر الحزبية دون أن يشكل ذلك عائقاً أمام وصول الحزبي إلى أي موقع في الدولة ومؤسساتها؟
وهناك أسئلة أخرى مطروحة من جهة مقابلة:
- هل الأحزاب تعتبر نفسها جزءاً من الدولة، وجزءاً من نظامها السياسي؟
- هل الأحزاب تخضع للدستور والقانون، وتمارس رغبتها بالإصلاح بطرق دستورية وقانونية؟
- هل تؤمن بشكل قاطع بالمنهج السلمي الديمقراطي، والتعددية السياسية والأغلبية الصحيحة والنزيهة، وحق جميع المواطنين بالمشاركة العادلة؟
أما بخصوص مرجعية الأحزاب، وبناءً على هذه الفلسفة فمن الأفضل أن يتم إنشاء هيئة وطنية مستقلة تشكل مرجعية دائمة للأحزاب، من حيث الترخيص والمتابعة والنظر في التمويل والنزاعات الحزبية وأنشطتها الوطنية وذلك من أجل ترسيخ تبعية الأحزاب للدولة، لأن لا تكون خاضعة لإرادة فريق حكومي يمثل وجهة نظر محددة، وبرنامجا سياسيا معينا.
(الدستور)