ارحل
ارحل .. تلك الكلمة التي لامست قلوب الشعوب العربية، بعد سنوات طوال من الظلم والفقر، فكانت شمعتهم التي أضاءت الكون نورا وأملا يحرق الطواغيت.
لم تعد هذه الكلمة اليوم سوى خوف يبدد أحلام المقهورين الذين يقبعون خلف أسوار الألم بانتظار ولادة الربيع العربي لينجب لهم بعد دهر من العقم شوكا ويخطف الورد إلى بلاد بعيدة.
ارحل .. صارت تعني الدمار والإستبداد أكثر وأكثر ولم ينجو أحد .. ربيع تونس لم ينشر رائحة الياسمين وإنما مضى محلقا برائحة الموت إلى دول لم تعرف معنى العدل يوما.. وبتنا نحن أمة الأمم نقتل بعضنا.. نرفض الرحمة وحجتنا الحكم والسلطان .. وصارت الشعوب نارا يحاول المستبدون إخمادها في سوريا ومصر وليبيا والعراق ولبنان واليمن، وفي كل بقاع العُرب من المشرق إلى المغرب .
لست ألوم أحدا سوى نفوسنا الضعيفة التي ما فتئت تستذكر ذلك الإستقرار الزائف وتخشى أن تحل عليها مزيدا من الصواعق.. أمة الأمم لم تتغير بعد، وجل ما نخافه أن تكون " لن " هي الأقوى.. وعيوننا نحو الجزائر تنظر وتخاف دمارها بعد أن بدأت همسات الرحيل منها تنطلق.. وأرواحنا أمام المسجد الأقصى علّنا نحرسه عقب أن غابت أجسادنا وفقد المسؤولون الضمير.
لماذا علينا أن نكون بين خيارين دائما ولا ثالث لهما؟ لماذا لا يرحل المستبدون بصمت دون دمار وقتل وعنف؟ هل كانت نفوسنا المرهقة هي السبب؟؟؟ ... أسئلة ساذجة تخطر على بالي كلما جاوز المنطق خرافة الأساطير ونحن نرى كل يوم على شاشات التلفاز مشاهد قتل وتعذيب لم نر مثلها في دور السينما ولا في أفلام الرعب الأشد قسوة.
أمتي أنبكي ضياعك أم نرثي موت قلوبنا ؟ .. أنناجي ماضيك أم نستصرخ عروبتنا ؟.. هل سنظل نفتقدك أم أننا سنفقدك؟.. يقولون ارحل للاستبداد .. وأقول : ليرحل الوهن المستشري في نفوسنا أولا..