وصفة تصعيد
جمانة غنيمات
جو 24 : في الوقت الذي نشهد تباطؤعجلة الإصلاح السياسي حد التوقف، نكتشف أن الجهات المرتدة عن الفكرة نجحت في إضعاف مسيرة الإصلاح.
وفيما نجد الحكومة ماضية في رفع الأسعار لحل مشكلة السيولة التي تعاني منها الخزينة، يعلن النواب أن النظام الانتخابي سيبقى كما هو، مضافا إليه قائمة وطن بعدد 17 مقعدا، الأمر الذي يظهر الاختلاف جليا بين النوايا حيال الإصلاح السياسي ونظيره الاقتصادي.
المشكلة أن الحكومة تبخل في المطلوب سياسيا، وتختزل المطلوب اقتصاديا في قرارات رفع أسعار سلع وخدمات، فيما تعديل قانون الضريبة يؤجل إلى حين، وفي هذا خطأ كبير، وانحراف مع سبق الإصرار والترصد عن تطلعات المجتمع.
المفارقة الجلية تتمثل في سرعة اتخاذ قرارات تمس حياة الناس، لا تقابلها جدية في ملف الإصلاح السياسي؛ إذ نرى الحكومة والنواب يعدون وصفتهم الأخيرة لإعدام فكرة الإصلاح السياسي من خلال خلطة مؤهلة لتحقيق الهدف، تتمثل في قانون انتخاب لا يمكن وصفه إلا انه تشريع يعيد إنتاج الصوت الواحد وبصيغة مشوهة.
النواب والحكومة يظنون أنهم اللاعبون الوحيدون، وأن من حقهم التنظير والتخطيط لمستقبل البلد، مسقطين من الحساب كل رغبات القوى المجتمعية والسياسية الحديثة والتقليدية.
فبعد التباحث مع أطراف كثيرة حزبية ومجتمعية تطالب بإسقاط قانون الصوت الواحد، نرى الحكومة والنواب يعقدون الاجتماعات ويقررون إسقاط كل ما طالبت به القوى السياسية في القانون، والذهاب في اتجاه آخر يعيد البلد الى نقطة الصفر؛ فلا يمت بصلة للإصلاح الحقيقي، ويعيد تدوير العجلة فقط.
نتائج القرارات الاقتصادية والخطوات السياسية تؤدي ذات الدور في توسيع الفجوة بين الشارع والدولة، وتضاعف حالة الاحتقان الشعبي وعدم الرضا. وفي هذا تهديد كبير يبدو أن الحكومة لا تدركه.
والظاهر أن كل ما قيل، وما سيقال، حول محاولات الردة عن الإصلاح السياسي، لم ولن يثني الجهات المعنية عن قرارها، ولن يؤثر في مراكز صنع القرار. الحكومة والنواب ما يزالون يظنون أنهم الأوصياء على الأردن، وأن بإمكانهم تسيير المملكة بالاتجاه الذي يرغبون.
لكن ما يغيب عن بالهم أن كل ما يفعلونه من زيادة أسعار، وتحميل المواطن كلفا إضافية، ومساعي سن نظام انتخابي هزيل، لن يجلب الخير، وسيقتل كل الطموحات بالانتقال بالأردن إلى مرحلة جديدة من الإصلاح، ويصعد من حالة التوتر الشعبي.
الحكومة بهذا النمط من الأداء نأت بنفسها عن تنفيس تبعات الاحتقان، وامتصاص الغضب الناجم عن أسباب اقتصادية بحلول سياسية، ما يزيد المزاج العام سوءا، خصوصا وأنها تخلت عن الوصفة السحرية التي قدمت واقترحت في أكثر من مرة، وهي أن السبيل لإجراء إصلاح اقتصادي حقيقي وتمريره بيسر يحتاج إلى إصلاح سياسي جوهري.
أن يتخرج الأردني من الربيع العربي خالي الوفاض، وكل ما لديه هو قانون انتخاب رجعي يضعف الحياة السياسية، ويجفف الأمل بإحداث تغيير في ماهية السلطتين التنفيذية والتشريعية، إلى جانب حزمة من القرارات الصعبة لم تقابلها محاربة حقيقية للفساد، وفاسدون ما يزالون يسرحون ويمرحون، ففي هذا ظلم كبير للمواطن.
بعد عام ونصف العام من الوعود، يجد الأردنيون أن كل ما تحقق هو شعارات مرتفعة في الشارع، وكأن الهدف منها "فشة خلق"! ونفقات إضافية كبيرة لا يقدرون على تحملها، وإصلاح سياسي حكم عليه بالإعدام في لحظة الحسم.
الغد
وفيما نجد الحكومة ماضية في رفع الأسعار لحل مشكلة السيولة التي تعاني منها الخزينة، يعلن النواب أن النظام الانتخابي سيبقى كما هو، مضافا إليه قائمة وطن بعدد 17 مقعدا، الأمر الذي يظهر الاختلاف جليا بين النوايا حيال الإصلاح السياسي ونظيره الاقتصادي.
المشكلة أن الحكومة تبخل في المطلوب سياسيا، وتختزل المطلوب اقتصاديا في قرارات رفع أسعار سلع وخدمات، فيما تعديل قانون الضريبة يؤجل إلى حين، وفي هذا خطأ كبير، وانحراف مع سبق الإصرار والترصد عن تطلعات المجتمع.
المفارقة الجلية تتمثل في سرعة اتخاذ قرارات تمس حياة الناس، لا تقابلها جدية في ملف الإصلاح السياسي؛ إذ نرى الحكومة والنواب يعدون وصفتهم الأخيرة لإعدام فكرة الإصلاح السياسي من خلال خلطة مؤهلة لتحقيق الهدف، تتمثل في قانون انتخاب لا يمكن وصفه إلا انه تشريع يعيد إنتاج الصوت الواحد وبصيغة مشوهة.
النواب والحكومة يظنون أنهم اللاعبون الوحيدون، وأن من حقهم التنظير والتخطيط لمستقبل البلد، مسقطين من الحساب كل رغبات القوى المجتمعية والسياسية الحديثة والتقليدية.
فبعد التباحث مع أطراف كثيرة حزبية ومجتمعية تطالب بإسقاط قانون الصوت الواحد، نرى الحكومة والنواب يعقدون الاجتماعات ويقررون إسقاط كل ما طالبت به القوى السياسية في القانون، والذهاب في اتجاه آخر يعيد البلد الى نقطة الصفر؛ فلا يمت بصلة للإصلاح الحقيقي، ويعيد تدوير العجلة فقط.
نتائج القرارات الاقتصادية والخطوات السياسية تؤدي ذات الدور في توسيع الفجوة بين الشارع والدولة، وتضاعف حالة الاحتقان الشعبي وعدم الرضا. وفي هذا تهديد كبير يبدو أن الحكومة لا تدركه.
والظاهر أن كل ما قيل، وما سيقال، حول محاولات الردة عن الإصلاح السياسي، لم ولن يثني الجهات المعنية عن قرارها، ولن يؤثر في مراكز صنع القرار. الحكومة والنواب ما يزالون يظنون أنهم الأوصياء على الأردن، وأن بإمكانهم تسيير المملكة بالاتجاه الذي يرغبون.
لكن ما يغيب عن بالهم أن كل ما يفعلونه من زيادة أسعار، وتحميل المواطن كلفا إضافية، ومساعي سن نظام انتخابي هزيل، لن يجلب الخير، وسيقتل كل الطموحات بالانتقال بالأردن إلى مرحلة جديدة من الإصلاح، ويصعد من حالة التوتر الشعبي.
الحكومة بهذا النمط من الأداء نأت بنفسها عن تنفيس تبعات الاحتقان، وامتصاص الغضب الناجم عن أسباب اقتصادية بحلول سياسية، ما يزيد المزاج العام سوءا، خصوصا وأنها تخلت عن الوصفة السحرية التي قدمت واقترحت في أكثر من مرة، وهي أن السبيل لإجراء إصلاح اقتصادي حقيقي وتمريره بيسر يحتاج إلى إصلاح سياسي جوهري.
أن يتخرج الأردني من الربيع العربي خالي الوفاض، وكل ما لديه هو قانون انتخاب رجعي يضعف الحياة السياسية، ويجفف الأمل بإحداث تغيير في ماهية السلطتين التنفيذية والتشريعية، إلى جانب حزمة من القرارات الصعبة لم تقابلها محاربة حقيقية للفساد، وفاسدون ما يزالون يسرحون ويمرحون، ففي هذا ظلم كبير للمواطن.
بعد عام ونصف العام من الوعود، يجد الأردنيون أن كل ما تحقق هو شعارات مرتفعة في الشارع، وكأن الهدف منها "فشة خلق"! ونفقات إضافية كبيرة لا يقدرون على تحملها، وإصلاح سياسي حكم عليه بالإعدام في لحظة الحسم.
الغد