jo24_banner
jo24_banner

نعتذر لك يا أحمد!

حلمي الأسمر
جو 24 : الرصاصات التي أطلقها ذلك الجندي الصهيوني المجرم إلى صدر القاضي رائد زعيتر، لم تقتل الشهيد رحمه الله، بل توجهت مباشرة إلى كرامة هذا الوطن، وأصابت كبرياءه بأذى بالغ، بل إنها وضعت على المحك، كل هذه العلاقة التي ترتبت على اتفاقية وادي عربة، ولم تخرج عن إطار البعد الرسمي وظلت ملفا كريها رائحته تزكم أنوف الأردنيين كلهم، على مختلف مشاربهم وآرائهم!

نتذكر هذه الأيام كلمات الملك الحسين رحمه الله، حينما تعرض خالد مشعل لمحاولة اغتيال صهيونية: حياة خالد في كفة ومعاهدة السلام في كفة أخرى، وخضع الصهاينة أيامها، وأرسلوا الترياق الذي أنقذ حياة مشعل، ما أشبه اليوم بالبارحة، فالمشاعر اجتاحت أبناء الشعب الأردني، الذي يشعر بالإهانة، ويتحرق شوقا للرد على جريمة الصهاينة بما يستحقون، ليس فقط «ثأرا» لقتل مواطن بريء بدم بارد، بل ثأرا للكبرياء الوطني الذي مرغته الجريمة، وجرحته أيما جرح..

ليس صحيحا اننا لا نملك من أمرنا شيئا، ولا في وارد إعلان الحرب على العدو الصهيوني، ولا فتح باب «الجهاد» للانتقام، لا ولا أقل من ذلك، كل ما هو مطلوب منا أن نفعل شيئا يوازي حجم هذه الجريمة، وأقل ما يمكن فعله اليوم، ليس إطلاق سراح الجندي أحمد الدقامسة فقط، بل ترقيته والاعتذار له وطلب الصفح منه، على السنوات التي قضاها وراء القضبان، في حين لم يسجل تاريخ إسرائيل كله معاقبة جندي صهيوني واحد جراء قتله عربيا، سواء كان مصريا أو أردنيا أو فلسطينيا أو سوريا او لبنانيا، فدم كل هؤلاء مستباح على مدار العقود الطويلة الماضية، حتى ولو تم القتل بدم بارد، فلمَ نعاقب جنديا أردنيا قتل من استهزأ به أثناء صلاته؟

حسب مصدر دبلوماسي أردني، لم يذكر اسمه، يبدو أن «الأردن أخبر إسرائيل أنه سيلجأ لإطلاق سراح الجندي أحمد الدقامسة الذي قتل وأصاب العديد من المجندات الإسرائيليات في منطقة الباقورة المحتلة، على الحدود بين الأردن وفلسطين، بعد استهزائهن به خلال الصلاة عام 1997 في حال لم يتم التحقيق ومعاقبة قاتل المواطن الأردني» هذا كل ما قرأناه بهذا الشأن.

الأردن اليوم، بحاجة للقيام بفعل ما، على المستوى الرسمي يعيد التوازن النفسي لأبناء الأردن، ويشعرهم بأن الإهانة التي وجهت إليهم من عدوهم الأزلي، تم الرد عليها بما تستحق، فـ «البراءة» جاهزة للقاتل، وليس مستبعدا أن تتم ترقيته وتكريمه، فكم من قاتل كرمته سلطات العدو، جراء قتله عربيا أو أكثر، بدعوى الدفاع عن النفس، وأنه «تصرف وفق الأوامر»!!

تمنينا أن يكون للحكومة ممثل في التحقيق، تماما كما فتحت الأبواب لوجود ممثل إسرائيلي في مقتل الفتيات الصهيونيات في الباقورة، ويبدو أن مثل هذا الطلب قد تم، وفق الإذاعة الإسرائيلية، التي قالت أمس في سياق إعلان «أسف» نتنياهو عن الجريمة، إن إسرائيل «قبلت طلبا أردنيا بتشكيل طاقم مشترك من (البلدين!) للتحقيق فيه . وسيبدأ الطاقم أعماله فورا» وهذا أمر محمود للحكومة، وإن كنا تمنينا أن نسمع هذا الخبر من مصدر أردني، قبل أن نسمعه من إسرائيل، ومهما يكن من أمر، فنحن ننتظر إجراء حكوميا عمليا يشفي الغليل، قبل أن نقرأ نتائج «التحقيق المشترك» لأننا نكاد نتكهن بنتائجه!


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news