خبر إصدار قرار بإعدام (526) مواطنا
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لا أدري مقدار جدية الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام حول صدور قرار عن بعض المحاكم المصرية بإعدام (526) مواطنا من رجال جماعة الإخوان المسلمين، على خلفية الأحداث الجارية في مصر، وهل فعلاً يعد قراراً قضائياً من محكمة مختصة حقيقية.
أشعر أن القرار ضرب من الخيال، ولم أستطع أن أجري عملية استقراء حول صدور مثل هذا القرار في تاريخ البشرية، لأني أعلم أنه صدر قرارات قضت بإعدام مجموعات من الإخوان في مصر عام (1954)، وفي عام (1966)، وربما كانت كل موجة اعدام ربما تصل إلى حدود العشرة أشخاص، ولكن لا أعلم إصدار أحكام بالجملة على (526) شخصاً، كانوا قبل فترة وجيزة نواباً في البرلمان، وأعضاء في الوزارة وبعضهم كان رئيساً لمجلس الشعب.
أجد نفسي عاجزاً عن وصف هذا القرار، وأجد نفسي عاجزاً عن اطلاق العنان لمخيلتي في أبعاد هذا القرار، وفي أبعاد التعامل الشعبي مع القرار على مستوى القطر المصري، وعلى مستوى بقية الأقطار العربية، وعلى مستوى الأحزاب والقوى السياسية بكل اتجاهتها وأفكارها، وبغض النظر عن حجم الخلاف بينها وبين الإسلاميين على وجه العموم.
أجد نفسي عاجزاً مرة أخرى أمام الصدمة في وجود أشخاص يتربعون على قمة هرم العدالة، ويمكن أن يطاوعه ضميره ويخط قلمه مثل هذه الأحكام، لأني أشعر بالصدمة لو أن شخصاً أطلق النار على هرة، فكيف لو جمع (526) هرّاً في صف واحد وبدأ بإطلاق النار عليها واحداً واحداً.
لا زلت أشك في قرارة نفسي فيما يسمى بمذابح النازية، وأشك في قرارة نفسي بالأخبار التي تقول عن اعدامات جماعية بهذه الأعداد، فوقفت أمام صراع نفسي طويل حول امكانية العيش والتعايش في هذا السجن العربي الكبير.
عندما استجاب بعض الإعلاميين لمقولات هؤلاء حول المبالغات في الوصف، والمبالغات في قلب الحقائق، والمبالغات في اطلاق الأحكام على هذا النحو المنفلت، لم يخطر ببالهم أنهم بهذه الاستجابة يمعنون في اشعال حرب داخلية ضروس في أوساط المجتمعات العربية، ليس لها نهاية وليس لها أفق، ولن تتوقف الأمور عند هذا الحد، وإنما يعملون على حفر خنادق من نار تستعصي على الوصف، وتستعصي على الخيال.
هذا الأمر يحتاج إلى تحكيم العقل لدى كل زعيم ولدى كل حاكم، ولدى كل صاحب مسؤولية، ولدى كل كاتب ومفكر، ولدى كل سياسي وإعلامي وصاحب قلم، لوقف هذه الحرب المجنونة.
(الدستور)
أشعر أن القرار ضرب من الخيال، ولم أستطع أن أجري عملية استقراء حول صدور مثل هذا القرار في تاريخ البشرية، لأني أعلم أنه صدر قرارات قضت بإعدام مجموعات من الإخوان في مصر عام (1954)، وفي عام (1966)، وربما كانت كل موجة اعدام ربما تصل إلى حدود العشرة أشخاص، ولكن لا أعلم إصدار أحكام بالجملة على (526) شخصاً، كانوا قبل فترة وجيزة نواباً في البرلمان، وأعضاء في الوزارة وبعضهم كان رئيساً لمجلس الشعب.
أجد نفسي عاجزاً عن وصف هذا القرار، وأجد نفسي عاجزاً عن اطلاق العنان لمخيلتي في أبعاد هذا القرار، وفي أبعاد التعامل الشعبي مع القرار على مستوى القطر المصري، وعلى مستوى بقية الأقطار العربية، وعلى مستوى الأحزاب والقوى السياسية بكل اتجاهتها وأفكارها، وبغض النظر عن حجم الخلاف بينها وبين الإسلاميين على وجه العموم.
أجد نفسي عاجزاً مرة أخرى أمام الصدمة في وجود أشخاص يتربعون على قمة هرم العدالة، ويمكن أن يطاوعه ضميره ويخط قلمه مثل هذه الأحكام، لأني أشعر بالصدمة لو أن شخصاً أطلق النار على هرة، فكيف لو جمع (526) هرّاً في صف واحد وبدأ بإطلاق النار عليها واحداً واحداً.
لا زلت أشك في قرارة نفسي فيما يسمى بمذابح النازية، وأشك في قرارة نفسي بالأخبار التي تقول عن اعدامات جماعية بهذه الأعداد، فوقفت أمام صراع نفسي طويل حول امكانية العيش والتعايش في هذا السجن العربي الكبير.
عندما استجاب بعض الإعلاميين لمقولات هؤلاء حول المبالغات في الوصف، والمبالغات في قلب الحقائق، والمبالغات في اطلاق الأحكام على هذا النحو المنفلت، لم يخطر ببالهم أنهم بهذه الاستجابة يمعنون في اشعال حرب داخلية ضروس في أوساط المجتمعات العربية، ليس لها نهاية وليس لها أفق، ولن تتوقف الأمور عند هذا الحد، وإنما يعملون على حفر خنادق من نار تستعصي على الوصف، وتستعصي على الخيال.
هذا الأمر يحتاج إلى تحكيم العقل لدى كل زعيم ولدى كل حاكم، ولدى كل صاحب مسؤولية، ولدى كل كاتب ومفكر، ولدى كل سياسي وإعلامي وصاحب قلم، لوقف هذه الحرب المجنونة.
(الدستور)