jo24_banner
jo24_banner

حمّام ع الناشف!

حلمي الأسمر
جو 24 : قد لا يعرف كثير من سكان هذا الكوكب أن الحمّام في الأسرة الأردنية معضلة، فلا يستطيع أن يدخل أحد افراد الأسرة الحمّام قبل ان تستنفر العائلة ويذهب «مندوب» منها إلى خزان المياه للتأكد أن فيه ما يكفي للحمّام، وفيه أيضا ما يكفي لما بعد الحمّام، فضلا عن أن توقيت الحمّام بخاصة في فصل الصيف، يخضع لعملية حساب دقيقة، حيث لا يستطيع كل أفراد الأسرة «أخذ دوش» بارد أو ساخن مرة واحدة، بل تخضع العملية لتقنين شديد، وغالبا ما يتم توقيت الحمّام مع جريان الماء الأسبوعي من الصنابير، أما إذا احتاج أحد افراد الأسرة لحمّام في منتصف الأسبوع، فتلك معضلة تحتاج فيثاغورس لحلها!

سررت أخيرا حين قرأت خبرا عن شاب جنوب إفريقي نال اعترافا عالميا لاختراعه طريقة للاستحمام دون مياه، بعد شهور من البحث على الانترنت.

ويتمثل الاختراع بتصنيع منتج يدعى «الحمّام الجاف» Dry Bath وهو عبارة عن (جيل) Gel يوضع على البشرة ويعمل على النظافة مثل الماء والصابون.

وابتكر لادويك ماريشين البالغ من العمر 22 عاما، الطالب بجامعة كيب تاون الفكرة بمنزله الريفي الفقير في الشتاء، عندما قال له صديقه إن الاستحمام عبء ثقيل بخاصة مع عدم توافر مياه ساخنة!

الجل عديم الرائحة مرطب وقابل للتحلل، وهو يصنع تجاريا وتستخدمه شركات طيران عالمية كبيرة في الرحلات الجوية الطويلة، كما تزود بعض الحكومات جنودها به في الميدان.

حسنا، لماذا لم يصل هذا الجل العظيم إلى الأردن، علما بأننا من أشد البلدان حاجة له، بخاصة في فصل الصيف، وفي ظل شح الماء المتزايد، وبالتحديد في بعض المناطق التي لم تصلها المياه منذ أشهر؟!

تبشرنا وزارة المياه هذا العام إن حصة الفرد من المياه انخفضت من 3600 متر مكعب العام 1946 إلى أقل من 150 مترا مكعبا في العام الحالي، أي بانخفاض قدره نحو 96%، خلال الستين عاما الأخيرة، متوقعة زيادة الطلب على المياه بحلول عام 2020 ليصل الى حوالي 1671 مليون متر مكعب، نتيجة توقع الاستمرار في زيادة عدد السكان من نحو 5.6 مليون نسمه إلى نحو 7 ملايين نسمة بحلول عام 2020.

فضلا عن الهجرات القسرية، وما يشهده الأردن من حركة نمو متزايد أدت الى ارتفاع مستوى المعيشة والانتشار السكاني والعمراني، إضافة الى ما يستخدمه قطاع الزراعة من المياه والذي يزيد على 62 في المائة من إجمالي المياه، إضافة إلى ما تعانيه طبقات المياه الجوفية من ضغط شديد واستنزاف نتيجة استغلال ضعفي ما تتم تغذيته، ما يترتب عليه انخفاض مستوى المياه الجوفية في جميع أنحاء المملكة.

السبب الأهم الذي لم يذكر للشح المائي هو سرقة اسرائيل للمياه العربية، إذ ليس الاردن وحده من يعاني من القرصنة المائية الاسرائيلية, فسوريا ولبنان يعانيان من نفس المشكلة وإن كان بدرجة اقل, فحصة الأردن من المياه بحسب معاهدة (السلام) هي ما تجود به اسرائيل علينا من مياه مسابح الفنادق والنوادي بعد الاستعمال!

الجل العظيم، أو الحمّام الجاف، علينا أن ننتجه في الأردن، كي يكون في متناول أيدي الجميع، فهو لن يساعد فقط في السيطرة على شح الماء، بل ربما يساعد بتخفيف الضغط النفسي عن الأزواج، بخاصة العرسان الجدد، وربما يسهم هذا الأمر بسيادة السلم الأهلي، وصرف الناس إلى التكاثر، بدلا من الانشغال بالحراكات السياسية، بخاصة يوم الجمعة!
تابعو الأردن 24 على google news