jo24_banner
jo24_banner

سلطة رام الله و عضوية دولة الأحلام ..!

د.امديرس القادري
جو 24 :

لا زالت إحتفالات الصيف الماضي الهزلية عالقة في الأذهان ، والأغلبية العظمى من المتابعين للشأن الفلسطيني لا يزالون يتذكرون جيدا أسطورة خطاب الرئيس محمود عباس التاريخي أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، ولم ننسى أيضا مراحل ما قبل الخطاب وبعده ، وكيف أقامت سلطة رام الله الدنيا ولم تقعدها وهي تقرع طبول الحرب من أجل الحصول على المقعد 194 ، على أمل الجلوس إلى جانب دولة جنوب السودان التي تم الإعتراف بها وبسرعة البرق من قبل الحلف الإمبريالي الإستعماري الأمريكي الأوروبي الصهيوني .


في العام الماضي إستنفرت هذه السلطة جميع كتائب قواتها وأرسلتهم إلى مشارق الأرض ومغاربها لحث دول العالم المختلفة على الوقوف إلى جانبها ، ودعم طلبها الذي تقدمت به إلى الأمم المتحدة للحصول على عضوية دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية ، رغم المعارضة القوية من الولايات المتحدة و" إسرائيل " اللتين تصران على أنه لا يمكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط إلا عبر المفاوضات الثنائية المباشرة .


ألقى أبو مازن خطابه الذي جرى تعديله بالحذف والإضافة ولأكثر من مئة مرة ، وقفلَ عائداً إلى مبنى المقاطعة في رام الله ، حيث كان في إستقباله حشد كبير من البؤساء من أبناء شعبنا الذين أجبروهم على التجمهر ، والتصفيق ، وإطلاق الزغاريد وعقد حلقات الدبكة في الساحة ، وبغير ذلك فالتهديد بقطع الأرزاق والرواتب كان كما السيف المسلط على الرقبة .


إنفجرت وبسرعة فقاعة صابون الدولة التي نفختها هذه السلطة ، فاللجان في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحتى وقتنا الراهن لا تزال تواصل دراسة الطلب ، وبالمقابل لم تقم هذه السلطة المرتجفة الأوصال وحتى الآن بالمطالبة الرسمية على إجراء التصويت بمجلس الأمن بهدف البت في طلب عضوية الدولة لأنها لا تمتلك الشجاعة الكافية للإقدام على ذلك ، ولأن النتائج معروفة مسبقا ، قامت هذه السلطة بوضع مطالبتها بالدولة التي تحلم بها في ثلاجتها التي تمتلىء أرففها بالكثير من المشاريع الهزلية المضحكة .


ولأن حليمة لا تعرف شيئا في حياتها سوى الرجوع إلى العادة القديمة ، فها هي سلطتنا العتيدة تستعد في هذه الأيام لتنفيذ خطة التوجه من جديد للجمعية العمومية وتحت عنوان الحصول على صفة " دولة غير عضو " ، فالأخبار والتصريحات تفيد بأنه قد تم إعلان الإستنفار في مقر المقاطعة برام الله وحيث تقيم قيادة هذه السلطة غرف عملياتها في أروقتها وكما جرت العادة في أغلب الأحيان ، وهكذا عاد أشاوس هذه السلطة للحديث عن حشد الدعم والتأييد الدولي ، وصدرت بموجب ذلك الأوامر إلى سفراء فلسطين في كل أنحاء العالم ليكونوا على أهبة الإستعداد ، وألغيت الإجازات الخاصة بكبار موظفي السلك الدبلوماسي لذات الهدف والغرض .


بالمحصلة العامة ، فنحن أمام سلطة لا تقيم وزنا لمبدأ التراجع عن مشاريعها العبثية وابداء الإستعداد للتقهقر العاجل بها إلى الوراء ، نحن أمام سلطة لا تعرف سوى الرضوخ للضغوط الأمريكية ، والإنبطاح أمام العنجهية والتعنت الذي لم تنفك عن ممارسته جميع الحكومات " الإسرائيلية " المتعاقبة ، ولذلك فلا داعي للإندهاش أو الإستغراب لهذا التنازل الجديد عن مطلب الدولة الكاملة العضوية إلى وضعية دولة غير عضو .


الرئيس عباس وبحكم الموقع هو أول العابثين بفلسطين وبقضيتها و بحقها العادل في كامل العضوية ، وهو المسؤول الأساسي عن كل هذه المهازل وما يلفها من تنازلات ، ولذلك وحتى يحافظ على مسار التراجع الذي أدمنت عليه سلطته فلا مانع عند سيادته من القبول بدولة غير عضو و في الوقت نفسه فهو يعترف أن تحقيق ذلك لن يكون سهلا فهناك عقبات كثيرة تعترض طريق الوصول الى هذا الهدف .


ما نحن واثقون منه بأن جميع الطرق التي يحاول الرئيس أبو مازن أن يسلكها لإخراج سلطته من أزماتها التي تغرق فيها ستبقى موصدة في وجهه ، و إنتظار رؤية ضؤء أخضر أمريكي في نهاية نفق دولة أبو مازن المظلم سيظل حلماً و وهم حتى تقوم الساعة ، و عليه ، فليكن السيد الرئيس على يقين بأنه سيرحل عن هذه الدنيا في الوقت المقرر و لن تكتحل عيناه لا برؤية هذا الضؤء و لا برؤية هذه الدولة .


و لكن ، فإن الذي يجب على الرئيس عباس و سلطته أن يعلمانه بأن فلسطين الكاملة و غير المنقوصة كانت و ستظل الدولة التى لن تنتظر عضويتها و شرعيتها من الأمم المتحدة و مجلس أمنها ، فلسطين يا سيادة الرئيس كانت الدولة التي إغتصبت و سرقت منها عضويتها التاريخية على سفلة الأرض من بني صهيون ، و بالتالي ، فإن الإستعادة الطبيعية لن تكون إلا بالكفاح و المقاومة التي ترفضها سيادتك و تخاف منها و تهدد بقمعها ، العالم كله يعلم الحقيقة و يدرك الحق العادل لشعبنا في إستعادة دولته و بكامل عضويتها إلا أنت و سلطتك التي بات في حكم المؤكد أنها بلا عضوية على خريطة الرجال الذين يصنعون التاريخ لشعوبهم ، و أترك للقارئ حق معرفة المغزى و المقصود .. ! .


د. امديرس القادري

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير