الرقص على أنغام النكبة
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : الذكرى السادسة والستون للنكبة الفلسطينية والعربية تأتي لتزيد مخزون الألم لدى الأجيال المحتشدة على حواف الزمن البائس، حيث ما زالت عاجزة عن تلمس طريق النهوض، وما زالت تجلس ترقب المشهد من موقع المتفرج، لا من موقف الفاعل المؤثر والمشارك في توجيه الأحداث على جميع المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
ينبغي أن تكون الذكرى الأليمة دافعاً قوياً للأجيال للشروع في إجراء مراجعة شاملة لكل الجهود التي بذلت، والمنظمات والهيئات التي تأسست لغايات إزالة آثار النكبة وتحرير الأرض، وإعادة الحقوق المغتصبة، ولا بد من إدراك ضرورة الوقوف على كل المسارات وتحديد النهايات وتقويم النتائج، بصراحة ووضوح، ولمس الجروح النازفة التي ما زالت تسكب الدماء غزيرة، وتثير تباريح الألم في كل أوصال الأمة.
ينبغي أن تكون المصارحة كبيرة بالحقيقة بحجم الألم، وأن تكون الجرأة بالنقد عالية بمقدار الأثر وأن يكون العمق في الطرح بمقدار عمق الجرح، وإذا لم تصل الأجيال إلى مشارفة الحقيقة وتشخيص المرض بدقة، سوف نبقى نعد الأعوام وسوف نستمر في الرقص على انغام النكبة ونمارس لعبة النسيان وابتلاع الألم، ونجيد فن التبرير وإلقاء اللوم على المشاجب الوهمية التي نخادع بها أنفسنا، ونضلل العوام والبسطاء من الأتباع والمؤيدين.
السؤال الواضح والبسيط المطروح يحتاج إلى إجابة أكثر وضوحاً ودون مواربة، هل نحن بعد مرور ستة وستين عاماً على النكبة أقرب إلى التحرير؟ وهل نحن في كل عام نتقدم إلى الامام في امتلاك القوة؟ وهل هذه السنوات استطاعت ان تحدث فرقاً واضحاً في موازين القوى بيننا وبين أعدائنا؟
نحن نمتلك رصيداً كبيراً من الشهداء والتضحيات، وكمّاً هائلاً من مخزون الألم، الذي يشحن الذاكرة، ويكفي لصناعة الثار، وإعداد جيل يمتلك وضوحاً في الرؤية، وقدراً كبيراً من العزيمة التي تجعله أهلاً لامتلاك مشروع متكامل للتحرير، وطرح مكتمل قادر على الاجابة وبيان الخطوات والمراحل بدقة.
لقد تم جمع كم كبير من التبرعات والأموال، وتم بناء مؤسسات وواجهات، ومراكز دراسات وأبحاث، وتشييد واجهات لا عد لها ولا حصرا، وهناك مخزون كبير من الحوارات، واللقاءات والزيارات والتسجيلات والخطابات والتنظيرات، وفي نهاية المطاف يجب أن نقف مع النفس لحظة حساب صادقة، وأن نصارح الشعوب بالحقيقة المرة، ونحن نعد عدد مهرجانات الفتح العمري في العقبة وعدد احتفالات الفتح الصلاحي في قلعة عجلون، ومسيرات شد الرحال نحو سويمة قرب البحر الميت، ونشاطات ومهرجانات ومعارض لا عد لها ولا حصرا، لنقف بالحسبة الدقيقة على المسافة التي تفصلنا عن عتبات الأقصى.
لحظة الحساب الصادمة ينبغي عدم تجنبها في كل عام كلما دق ناقوس النكبة من خلال امتلاك القدرة على المواربة في الإجابة التي تمني النفس وتبعث على الاسترخاء عند الاطلاع على أرقام الأرصدة، وعدد الأغنياء الجدد وعدد شركات التمويل والاستثمار الكفيلة بتغطية حملات التخدير، واستمرار سحب الدخان على مسارح الدمى، وإجادة فن المحاكاة في التمثيل وبراعة الخطاب، وإجادة اساليب التسلية، وإطفاء الأضواء الكاشفة للحقيقة المفجعة التي سوف يسجلها التاريخ الصادق بعلمية وموضوعية، إذ ليس هناك أشد بشاعة من جريمة تأخير لحظة المراجعة وتأخير المحاسبة.
(الدستور)
ينبغي أن تكون الذكرى الأليمة دافعاً قوياً للأجيال للشروع في إجراء مراجعة شاملة لكل الجهود التي بذلت، والمنظمات والهيئات التي تأسست لغايات إزالة آثار النكبة وتحرير الأرض، وإعادة الحقوق المغتصبة، ولا بد من إدراك ضرورة الوقوف على كل المسارات وتحديد النهايات وتقويم النتائج، بصراحة ووضوح، ولمس الجروح النازفة التي ما زالت تسكب الدماء غزيرة، وتثير تباريح الألم في كل أوصال الأمة.
ينبغي أن تكون المصارحة كبيرة بالحقيقة بحجم الألم، وأن تكون الجرأة بالنقد عالية بمقدار الأثر وأن يكون العمق في الطرح بمقدار عمق الجرح، وإذا لم تصل الأجيال إلى مشارفة الحقيقة وتشخيص المرض بدقة، سوف نبقى نعد الأعوام وسوف نستمر في الرقص على انغام النكبة ونمارس لعبة النسيان وابتلاع الألم، ونجيد فن التبرير وإلقاء اللوم على المشاجب الوهمية التي نخادع بها أنفسنا، ونضلل العوام والبسطاء من الأتباع والمؤيدين.
السؤال الواضح والبسيط المطروح يحتاج إلى إجابة أكثر وضوحاً ودون مواربة، هل نحن بعد مرور ستة وستين عاماً على النكبة أقرب إلى التحرير؟ وهل نحن في كل عام نتقدم إلى الامام في امتلاك القوة؟ وهل هذه السنوات استطاعت ان تحدث فرقاً واضحاً في موازين القوى بيننا وبين أعدائنا؟
نحن نمتلك رصيداً كبيراً من الشهداء والتضحيات، وكمّاً هائلاً من مخزون الألم، الذي يشحن الذاكرة، ويكفي لصناعة الثار، وإعداد جيل يمتلك وضوحاً في الرؤية، وقدراً كبيراً من العزيمة التي تجعله أهلاً لامتلاك مشروع متكامل للتحرير، وطرح مكتمل قادر على الاجابة وبيان الخطوات والمراحل بدقة.
لقد تم جمع كم كبير من التبرعات والأموال، وتم بناء مؤسسات وواجهات، ومراكز دراسات وأبحاث، وتشييد واجهات لا عد لها ولا حصرا، وهناك مخزون كبير من الحوارات، واللقاءات والزيارات والتسجيلات والخطابات والتنظيرات، وفي نهاية المطاف يجب أن نقف مع النفس لحظة حساب صادقة، وأن نصارح الشعوب بالحقيقة المرة، ونحن نعد عدد مهرجانات الفتح العمري في العقبة وعدد احتفالات الفتح الصلاحي في قلعة عجلون، ومسيرات شد الرحال نحو سويمة قرب البحر الميت، ونشاطات ومهرجانات ومعارض لا عد لها ولا حصرا، لنقف بالحسبة الدقيقة على المسافة التي تفصلنا عن عتبات الأقصى.
لحظة الحساب الصادمة ينبغي عدم تجنبها في كل عام كلما دق ناقوس النكبة من خلال امتلاك القدرة على المواربة في الإجابة التي تمني النفس وتبعث على الاسترخاء عند الاطلاع على أرقام الأرصدة، وعدد الأغنياء الجدد وعدد شركات التمويل والاستثمار الكفيلة بتغطية حملات التخدير، واستمرار سحب الدخان على مسارح الدمى، وإجادة فن المحاكاة في التمثيل وبراعة الخطاب، وإجادة اساليب التسلية، وإطفاء الأضواء الكاشفة للحقيقة المفجعة التي سوف يسجلها التاريخ الصادق بعلمية وموضوعية، إذ ليس هناك أشد بشاعة من جريمة تأخير لحظة المراجعة وتأخير المحاسبة.
(الدستور)