كرامة المزارعين من كرامة الأردن
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لا أستطيع إلّا أن أكون في صف المزارعين، لأن هذه الشريحة من المواطنين تستحق الدعم والتقدير، وينبغي على الحكومة أن تسارع بحل مشاكلهم وفقاً لأفضل مستويات الاحترام، من منظار أن كرامة الأردن قائمة على كرامة المواطن بوجه عام وكرامة المزارع على وجه الخصوص.
أكاد أجزم أن المزارعين ما خرجوا إلى الاعتصامات والتظاهرات والخروج إلى الشوارع والساحات إلّا بعد أن فاض المر لديهم على المرار، ووصلت الأمور إلى الدرجة التي تدعوهم إلى الانفجار.
لقد نشأتُ في البيئة الزراعية، وترعرعت في بيت زراعي، وأنا مزارع ابن مزارع، عاش بين موارس القمح ومزارع البندورة والكوسا والفول والبطاطا، ولست بعيداً عن المشاكل الكبرى والمستعصية التي يعانيها المزارعون، على امتداد عقود من الزمن، وكنت أرقب الفجوة الهائلة في الأسعار بين ما ينتجه المزارع الأردني، وبين سعر السوق للمستهلك، حيث يزيد الفارق عن عشرات الأضعاف الذي يذهب إلى جيوب السماسرة والحيتان الذين يتحكمون في السوق بطريقة غير عادلة.
ليس معقولاً أن يمر نصف قرن من الزمان، ومازالت الحكومات عاجزة عن إيجاد الحلول التي تنصف المزارع والمستهلك في وقت واحد، وكذلك مازال العجز واضحاً عن تنظيم منتوجات وحاجات السوق، وتنظيم الانتاج بطريقة علمية متطورة رغم وجود الخبرة الهائلة لدى المزارع ولدى المؤسسات المختصة.
لماذا تعجز الحكومة عن إيجاد الأسواق الكفيلة باستيعاب المنتوجات الوفيرة؟ ولماذا لم نطور أدواتنا بطريقة مقنعة تعود على الإنتاج القومي بالزيادة الحقيقية التي تفيد الخزينة وتفيد المزارع؟ ولماذا كل هذا الإهمال والنسيان لهذه الشريحة المنتجة والعاملة في مجتمعنا الاستهلاكي؟.
كيف استطاع العدو الصهيوني أن يرفع من سوية المزارع الإسرائيلي؟ وكيف استطاع أن يضاعف الانتاج لدى رقعته الزراعية بطريقة تساوي (30) ضعف انتاج الرقعة لدينا؟ وكيف استطاع حماية المزارعين لديه بحيث اصبح دخل الزراعة لوحدها أكثر من ميزانية الأردن؟.
هذه السنوات المتوالية التي سيتخرج فيها مئات بل آلاف المهندسين الزراعيين، من كل التخصصات وأرقى الشهادات ومن كل جامعات العالم، ومع ذلك لا نجد أثراً واضحاً في حل مشاكلنا الزراعية، ولم يطرأ تحسن واضح على أرقام إسهام القطاع الزراعي في الدخل القومي العام والانتاج الإجمالي، من هو المسؤول عن هذا الخلل؟ وإلى من نشكو ومن نحاور؟.
بعد كل هذه المعاناة، يأتي إقرار استخدام القوة في فض اعتصامات المزارعين، ومعاملتهم على هذا النحو المزري، نحن يا جماعة بحاجة على أقل تقدير أن يتم الاستماع لهؤلاء المعتصمين ومحاورتهم بالتي هي أحسن، والوقوف على مشاكلهم ومطالبهم باحترام وكرامة، وكما قال الشاعر: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد القول إن لم يسعد الحال.
آن الأوان للامتناع عن استخدام العنف في حل مشاكلنا وأن نذهب إلى مسلك حضاري يعبر عن مستوى تحضر المجتمع الأردني وعن الالتزام بحقوق الإنسان.
على الحكومة أن تسمع لأنّات المزارعين بإصغاء، وأن تعمد إلى بذل جهدها في إيجاد الحلول الممكنة، مع الوعد بضرورة الذهاب إلى الحل الاستراتيجي الذي نشهده عند عدونا على بعد أمتار.
(الدستور)
أكاد أجزم أن المزارعين ما خرجوا إلى الاعتصامات والتظاهرات والخروج إلى الشوارع والساحات إلّا بعد أن فاض المر لديهم على المرار، ووصلت الأمور إلى الدرجة التي تدعوهم إلى الانفجار.
لقد نشأتُ في البيئة الزراعية، وترعرعت في بيت زراعي، وأنا مزارع ابن مزارع، عاش بين موارس القمح ومزارع البندورة والكوسا والفول والبطاطا، ولست بعيداً عن المشاكل الكبرى والمستعصية التي يعانيها المزارعون، على امتداد عقود من الزمن، وكنت أرقب الفجوة الهائلة في الأسعار بين ما ينتجه المزارع الأردني، وبين سعر السوق للمستهلك، حيث يزيد الفارق عن عشرات الأضعاف الذي يذهب إلى جيوب السماسرة والحيتان الذين يتحكمون في السوق بطريقة غير عادلة.
ليس معقولاً أن يمر نصف قرن من الزمان، ومازالت الحكومات عاجزة عن إيجاد الحلول التي تنصف المزارع والمستهلك في وقت واحد، وكذلك مازال العجز واضحاً عن تنظيم منتوجات وحاجات السوق، وتنظيم الانتاج بطريقة علمية متطورة رغم وجود الخبرة الهائلة لدى المزارع ولدى المؤسسات المختصة.
لماذا تعجز الحكومة عن إيجاد الأسواق الكفيلة باستيعاب المنتوجات الوفيرة؟ ولماذا لم نطور أدواتنا بطريقة مقنعة تعود على الإنتاج القومي بالزيادة الحقيقية التي تفيد الخزينة وتفيد المزارع؟ ولماذا كل هذا الإهمال والنسيان لهذه الشريحة المنتجة والعاملة في مجتمعنا الاستهلاكي؟.
كيف استطاع العدو الصهيوني أن يرفع من سوية المزارع الإسرائيلي؟ وكيف استطاع أن يضاعف الانتاج لدى رقعته الزراعية بطريقة تساوي (30) ضعف انتاج الرقعة لدينا؟ وكيف استطاع حماية المزارعين لديه بحيث اصبح دخل الزراعة لوحدها أكثر من ميزانية الأردن؟.
هذه السنوات المتوالية التي سيتخرج فيها مئات بل آلاف المهندسين الزراعيين، من كل التخصصات وأرقى الشهادات ومن كل جامعات العالم، ومع ذلك لا نجد أثراً واضحاً في حل مشاكلنا الزراعية، ولم يطرأ تحسن واضح على أرقام إسهام القطاع الزراعي في الدخل القومي العام والانتاج الإجمالي، من هو المسؤول عن هذا الخلل؟ وإلى من نشكو ومن نحاور؟.
بعد كل هذه المعاناة، يأتي إقرار استخدام القوة في فض اعتصامات المزارعين، ومعاملتهم على هذا النحو المزري، نحن يا جماعة بحاجة على أقل تقدير أن يتم الاستماع لهؤلاء المعتصمين ومحاورتهم بالتي هي أحسن، والوقوف على مشاكلهم ومطالبهم باحترام وكرامة، وكما قال الشاعر: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد القول إن لم يسعد الحال.
آن الأوان للامتناع عن استخدام العنف في حل مشاكلنا وأن نذهب إلى مسلك حضاري يعبر عن مستوى تحضر المجتمع الأردني وعن الالتزام بحقوق الإنسان.
على الحكومة أن تسمع لأنّات المزارعين بإصغاء، وأن تعمد إلى بذل جهدها في إيجاد الحلول الممكنة، مع الوعد بضرورة الذهاب إلى الحل الاستراتيجي الذي نشهده عند عدونا على بعد أمتار.
(الدستور)