الدين العام: العجز سيد الموقف
جمانة غنيمات
جو 24 : الظاهر أن العجز هو سيد الموقف إزاء تنامي حجم المديونية التي يرى صندوق النقد الدولي أنها تجاوزت نسبة 90 % من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تقرّ الحكومة أنها قفزت عن نسبة 82 % من هذا الناتج.
والاختلاف في التقدير مرتبط بآلية القياس. إذ تأخذ وزارة المالية ضمن حساباتها النقدَ المتوفر لدى البنك المركزي، وهو الأمر الذي يعتبره "الصندوق" محاولة للتخفيف من وطأة رقم المديونية.
لكن برغم هذا الاختلاف، تظل النتيجة اليوم متمثلة في أنّ لدينا أرقام دين عام مرعبة ومقلقة؛ فالنسبة كبيرة وفق المعايير الدولية، كما استناداً إلى الاعتبارات المحلية التي سقطت قبل سنوات من المعادلة، حين كان قانون الدين العام ينص صراحة على أن لا يتجاوز الدين نسبة 60 % من الناتج المحلي الإجمالي.
تزداد خطورة الموضوع حين ندرك أنّ الحكومة، وتحديدا وزارة المالية، لا حول لها ولا قوة في معالجة استمرار أزمة قطاع الطاقة، ومن ثَمّ تفاقم عبء الفاتورة الناجمة عن ذلك. إذ بقي رهان الحكومة، الأول والأخير، على تحقيق معدلات نمو مرتفعة، تساعد على تقليص حجم الدين؛ لا كرقم مطلق، بل بالمقارنة مع الناتج المحلي.
النمو مسألة جدلية، والتقديرات الرسمية المحلية كما الدولية لأرقام النمو المتوقعة، والتي تصل 3.2 %، لا تكفي للحد من مخاطر الدين، في ظل معدلات النمو السكاني الكبيرة، واعتماد النمو في جزء كبير منه على الإيرادات المتحققة من بند الضرائب والرسوم، وبالتالي ضعف قدرة الاقتصاد على توليد فرص العمل.
التحدي الآخر يتمثل أيضا في إحراز معدلات النمو المفترضة، وهي مسألة يشكك فيها الخبراء، قياسا إلى نتائج سنوات سابقة؛ إذ بقيت معدلات النمو دون المؤمَّل، ودون المستوى الذي يحد من التأثير الخطير للمديونية.
الأرقام اليوم تتحدث عن دين عام يقترب من 20 مليار دينار، وناتج محلي يتراوح بين 24-25 مليار دينار، الأمر الذي يكشف فداحة الخلل.
أين المشكلة؟
تتمثل المشكلة في أنّ الخطوات التي يمكن لها التخفيف من حدة أزمة المديونية، جاءت متأخرة؛ لأسباب يرتبط بعضها بالحكومة، وأخرى هي براء منها، على رأسها مثلا تأخر إقرار قانون الضريبة كمبدأ إصلاحي يساعد الحكومة على زيادة الإيرادات، ويعيد توزيع العبء الضريبي بعدالة.
أيضا، هناك تأخير تطبيق مبدأ الموازنة بالأهداف، والذي يساعد على الحد من الهدر في الإنفاق العام. بل تم، بدلاً من ذلك، اعتماد نمط الموازنة التوسعية القائمة على زيادة الإنفاق الجاري، مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع قيمة هذا البند إلى مستويات لم يعد كامل الإيرادات المحلية، البالغ مليارات الدنانير، قادراً على تغطيتها.
أما السبب الآخر، فيرتبط بشكل وثيق بالمماطلة الكبيرة التي تواجه جميع مشاريع قطاع الطاقة، رغم أن مشكلة عجز الموازنة والدين العام، وجميع المشاكل المرتبطة بهذا البند، هي نتيجة غياب موارد محلية للطاقة، والاعتماد الكامل بالتالي على الاستيراد لتلبية احتياجات الأردن منها، بفاتورة دعم كبيرة تقترب من 5 ملايين دولار يوميا.
الإصلاح المالي المطلوب هو ملف مفتوح منذ سنوات. وثمة عشرات ملايين الدولارات أنفقها الأميركيون على هذا المشروع. لكن، وللأسف، فإن كل ما قُدِّم من مساعدات فنية وبرامج، مركون على الرف لدى دائرة الموازنة العامة.
سبب ذلك يتعلق بضعف ترتيب الأولويات في الإصلاح المالي. إذ نجد الحكومة تسعى، بكل إرادتها، إلى التخلص من الدعم المالي للسلع والخدمات، فيما بنود الإصلاح الأخرى، والتي لا تقل أهمية عن الدعم، موضوعة على الرف.
لكل هذه الأسباب مجتمعة سنبقى ندور في دائرة مغلقة. وسيبقى مؤشر الدَّيْن يزيد، لدرجة تزيد المخاوف على الاستقرار المالي والنقدي.
(الغد)
والاختلاف في التقدير مرتبط بآلية القياس. إذ تأخذ وزارة المالية ضمن حساباتها النقدَ المتوفر لدى البنك المركزي، وهو الأمر الذي يعتبره "الصندوق" محاولة للتخفيف من وطأة رقم المديونية.
لكن برغم هذا الاختلاف، تظل النتيجة اليوم متمثلة في أنّ لدينا أرقام دين عام مرعبة ومقلقة؛ فالنسبة كبيرة وفق المعايير الدولية، كما استناداً إلى الاعتبارات المحلية التي سقطت قبل سنوات من المعادلة، حين كان قانون الدين العام ينص صراحة على أن لا يتجاوز الدين نسبة 60 % من الناتج المحلي الإجمالي.
تزداد خطورة الموضوع حين ندرك أنّ الحكومة، وتحديدا وزارة المالية، لا حول لها ولا قوة في معالجة استمرار أزمة قطاع الطاقة، ومن ثَمّ تفاقم عبء الفاتورة الناجمة عن ذلك. إذ بقي رهان الحكومة، الأول والأخير، على تحقيق معدلات نمو مرتفعة، تساعد على تقليص حجم الدين؛ لا كرقم مطلق، بل بالمقارنة مع الناتج المحلي.
النمو مسألة جدلية، والتقديرات الرسمية المحلية كما الدولية لأرقام النمو المتوقعة، والتي تصل 3.2 %، لا تكفي للحد من مخاطر الدين، في ظل معدلات النمو السكاني الكبيرة، واعتماد النمو في جزء كبير منه على الإيرادات المتحققة من بند الضرائب والرسوم، وبالتالي ضعف قدرة الاقتصاد على توليد فرص العمل.
التحدي الآخر يتمثل أيضا في إحراز معدلات النمو المفترضة، وهي مسألة يشكك فيها الخبراء، قياسا إلى نتائج سنوات سابقة؛ إذ بقيت معدلات النمو دون المؤمَّل، ودون المستوى الذي يحد من التأثير الخطير للمديونية.
الأرقام اليوم تتحدث عن دين عام يقترب من 20 مليار دينار، وناتج محلي يتراوح بين 24-25 مليار دينار، الأمر الذي يكشف فداحة الخلل.
أين المشكلة؟
تتمثل المشكلة في أنّ الخطوات التي يمكن لها التخفيف من حدة أزمة المديونية، جاءت متأخرة؛ لأسباب يرتبط بعضها بالحكومة، وأخرى هي براء منها، على رأسها مثلا تأخر إقرار قانون الضريبة كمبدأ إصلاحي يساعد الحكومة على زيادة الإيرادات، ويعيد توزيع العبء الضريبي بعدالة.
أيضا، هناك تأخير تطبيق مبدأ الموازنة بالأهداف، والذي يساعد على الحد من الهدر في الإنفاق العام. بل تم، بدلاً من ذلك، اعتماد نمط الموازنة التوسعية القائمة على زيادة الإنفاق الجاري، مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع قيمة هذا البند إلى مستويات لم يعد كامل الإيرادات المحلية، البالغ مليارات الدنانير، قادراً على تغطيتها.
أما السبب الآخر، فيرتبط بشكل وثيق بالمماطلة الكبيرة التي تواجه جميع مشاريع قطاع الطاقة، رغم أن مشكلة عجز الموازنة والدين العام، وجميع المشاكل المرتبطة بهذا البند، هي نتيجة غياب موارد محلية للطاقة، والاعتماد الكامل بالتالي على الاستيراد لتلبية احتياجات الأردن منها، بفاتورة دعم كبيرة تقترب من 5 ملايين دولار يوميا.
الإصلاح المالي المطلوب هو ملف مفتوح منذ سنوات. وثمة عشرات ملايين الدولارات أنفقها الأميركيون على هذا المشروع. لكن، وللأسف، فإن كل ما قُدِّم من مساعدات فنية وبرامج، مركون على الرف لدى دائرة الموازنة العامة.
سبب ذلك يتعلق بضعف ترتيب الأولويات في الإصلاح المالي. إذ نجد الحكومة تسعى، بكل إرادتها، إلى التخلص من الدعم المالي للسلع والخدمات، فيما بنود الإصلاح الأخرى، والتي لا تقل أهمية عن الدعم، موضوعة على الرف.
لكل هذه الأسباب مجتمعة سنبقى ندور في دائرة مغلقة. وسيبقى مؤشر الدَّيْن يزيد، لدرجة تزيد المخاوف على الاستقرار المالي والنقدي.
(الغد)