jo24_banner
jo24_banner

ثقافة الحوار وادب الاختلاف

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : اطلعت على مجموعة ردود حول مقالة (القوميون والانظمة القومية والاسلام)، ورأيت أنّها في اغلبها لم تناقش ما ورد في المقال، ولم يتمّ التركيز على الفكرة الرئيسية التي أردت ان يدور حولها الحوار المفيد والبناء؛ بل وجدت نفوسا مليئة؛ تسعى نحو التفريغ والتنفيس اكثر من محاولة التوضيح والتجلية، فضلاً عن عدم وجود اية نية نحو محاولة التصحيح والاستدراك.
فانا أردت ابتداءً أن أوضح حقيقة قاطعة ينبغي ان تكون محلاً للتوافق، والتي يجب أن نعمل جميعا على تكريسها وتحقيقها؛ والتي تتلخص بأنّ القومية العربية بأصل فكرتها يجب ان تتبنّى الاسلام بصفته المشروع الحضاري النهضوي للأمة، ومصدراً لهويتها الثقافية الاصيلة، وحافظاً للغتها الفصحى، وقيمها النبيلة وشخصيتها المميزة.
هذه هي فكرة المقال الرئيسية والجوهرية بعيداً عن كل ما يتصل بفكر الحركة الاسلامية، وعن كل ما يتصل بأدائها السياسي من قريب أو بعيد، وبعيداً عن لغة التخوين والعمالة؛ لأن ذلك أصلاً لم ترد بخصوصه أية اشارة في المقال، ولم يرد على ذهني ابتداءً و لا انتهاءً.
وقد أشار بعض أصحاب الردود الى "ضرورة الفصل بين الاسلام من جهة و الحركات الاسلامية من جهة اخرى"؛ هذا صحيح وانا اؤمن به ولكن ما يجب قوله في هذا المقام أيضاً أنّه يجب التفريق بين القومية كفكرة من جهة و القوميين والانظمة القومية من جهة اخرى تماماً كما يطالب كتاب الردود؛ فالمقالة ركزت على سلوك من يحمل هذا الشعار وأدائه السياسي وعلى كيفية تعامله مع الفكر الاسلامي وأنظمته المختلفة ، وعلى الانجاز الذي تم تقديمه على صعيد تطوير العقل العربي في هذا الاطار بعيداً عن المهاترات ، وأسلوب الردح وتسجيل النقاط، وبعيداً عن قصة الخلاف السياسي مع الحركات الاسلامية.
ولا اريد ان يكون الانجاز في هذا المجال عبارة عن كلمة مدح في خطبة، او كلمة في مهرجان وردت هنا أو وردت هناك تبجل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أو تثني عليه. والمسألة الاخرى متعلقة بفهم تبنّي الاسلام كنظام حياة ومشروع حضاري وثقافي وفلسفي، وليس بعزل الاسلام عن الحياة وحصر مفهومه بزاوية العبادة والعلاقة الفردية بين الانسان وربه، وهل هذا هو مفهوم مشروع الدولة الذي اقامه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده كما يقول أصحاب الردود.
وكما يطالب من تولى الرد الآخر بالاعتراف بالاخطاء؛ أطالبه بأن يمارس هذه الفضيلة من خلال الوقوف على أخطاء الانظمة العربية التي تبنت شعار القومية العربية بحق شعوبها، وأن يتم الاعتراف بالهزائم الماحقة التي لحقت بالامة عن طريقها، وان تعترف بحجم التخلف والتخريب الذي احدثته في جسم الامة وعجزها عن تحقيق الوحدة، وأن تعترف بتحطيم الشخصية العربية، ومصادرة حريتها وانتهاك كرامتها والتفريط بحقوقها ومقدراتها، واعاقة بناء المشروع العربي النهضوي، وسرقة حلم المواطن العربي بالحرية والرفاه؛ لأنّه باختصار شديد هم أصحاب السلطة والقرار منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمان، فلماذا الاصرار على تكرار التجربة نفسها من دون الاعتراف بالاخطاء، ولا مجرد قبول النقد. والاصرار على منهج رمي الاخرين بالتهم الجاهزة وتخوينهم ووصفهم بابشع النعوت التي عرفها قاموس اللغة .العرب اليوم

rohileghrb@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير