المسيحي العربي المشرقي والمسيحي الغربي
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : في الندوة التي عقدها في مركز دراسات (زمزم) حول دور المسيحية المشرقية في الحفاظ على الهوية العربية، تم الاستماع لجملة من الآراء القيمة من أغلب الحضور.
ومن أكثر ما يجلب الانتباه قول إحدى الشخصيات الوازنة: ينبغي التفريق بين المسيحي الشرقي والمسيحي الغربي، وقد فسّر هذه العبارة بجملة مضامين رائعة منها:
المسيحيون المشرقيون هم الذين بعث فيهم المسيح وهم الذين اتبعوه ونشروا الإيمان، في الشرق والغرب، وهم حاضنة الدين، وهم مرجعيته وليس المسيحيين في الغرب، ولذلك الأصل أن تتم العودة إليهم في الفهم والتفسير لمجمل قضايا المسيحية.
المسيحيون في الشرق لا يمزجون الدين بالروح الاستعمارية كما هي لدى الغربيين، الذين أصبح الدِّين لديهم وسيلة للتعبئة والحشد ضد الشعوب الأخرى، ووسيلة لتحقيق مآرب استعمارية ومصالح مادية مختلفة، ومن اجل السيطرة على أراضي الآخرين ونهب مقدراتهم والاستيلاء على خيراتهم، كما حدث في القرون المنصرمة.
المسيحيون المشرقيون استقبلوا الفاتحين المسلمين العرب القادمين من جزيرة العرب، وتعاونوا معهم ضد»الروم» المحتلين رغم أن الروم كانوا ينتسبون للدين المسيحي، ولكن هذا لم يمنع المسيحيين العرب من التفاهم مع الدين الجديد والتعايش معه، وعقدوا معهم جملة من العهود والمواثيق التاريخية التي أسست لحياة مشتركة من خلال (عهد نجران)، (والعهدة العمرية) مع أهل ايلياء (القدس) ومنهم من دخل الإسلام، ومنهم من بقي على دينه معززاً مكرماً، يتمتع بالحرية والكرامة، والشراكة الوطنية، وأصبحوا جزءاً من الحضارة العربية الإسلامية، وأسهموا في بنائها.
المسيحيون المشرقيون عروبيون أصلاء، يشتركون مع اخوانهم المسلمين في اللغة والآداب والثقافة والقيم والهوية الجامعة، والمصير المشترك، وشركاء في الأرض والوطن والأمن والخبز، والملح والماضي والحاضر والمستقبل.
المسيحيون العرب ليسوا أقلية في أوطانهم وإنما جزء من النسيج الوطني الواحد، ومكون أصيل وليس طارئاً ولا غريباً، وهم يتوزعون على الاتجاهات السياسية المختلفة، كما يتوزع المسلمون، والحوار معهم حوار من الذات، وليس بين أطراف متنازعة متنافرة.
وبناء على هذا الفهم، ينبغي الشروع في الحوارات الهادئة والمباشرة من أجل بناء الأطر الوطنية التي تستوعب كل المواطنين وجميع مكونات المجتمع، دون أدنى تمييز ديني أو مذهبي أو عرقي أو جهوي، وامتلاك القدرة على توظيف الكفاءات والطاقات التي يختزنها المجتمع بطريقة عادلة تستند إلى معايير القوة والأمانة التي نص عليها القرآن الكريم بكل وضوح.
نحن بحاجة لتعزيز اللحمة المجتمعية، وتقوية أواصر الوحدة في الوطن الواحد، وصناعة الشراكة الفعلية عن طريق ارساء قيم احترام الآخر وصيانة الحريّات الشخصية، والاعتراف بالاختلاف العقدي دون تعصب، ودون ازدراء للآراء المخالفة والانتماءات الدينية المتعددة، مع ضرورة ألا يكون الحوار مقتصراً على النخب وطبقة العلماء وأهل الاختصاص، وإنما نحن بحاجة لحوارت مجتمعية على مختلف المستويات، نتفق من خلالها على مجمل المبادئ والقواعد الكبرى، والقضايا الوطنية والقيم والإيمانية، والأخلاق والآداب المجتمعية، التي ينبغي تضمينها للمناهج والكتب المدرسية، ومساقات جامعية تسهم ببناء الأجيال القادمة المحصنة من التطرف والبعيدة عن حمى العنف والحوار الدموي.
الأردن والشعب الأردني مهيأ ويملك المقومات، لأن يكون نموذجاً للتسامح الديني، ونموذجاً لاستيعاب التعددية الفكرية والسياسية والاجتماعية بطريقة حضارية متقدمة، تسهم باستقرار المجتمع، وبناء الدولة الأردنية المدنية الحديثة المتقدمة على مستوى المنطقة والإقليم.
الدستور
ومن أكثر ما يجلب الانتباه قول إحدى الشخصيات الوازنة: ينبغي التفريق بين المسيحي الشرقي والمسيحي الغربي، وقد فسّر هذه العبارة بجملة مضامين رائعة منها:
المسيحيون المشرقيون هم الذين بعث فيهم المسيح وهم الذين اتبعوه ونشروا الإيمان، في الشرق والغرب، وهم حاضنة الدين، وهم مرجعيته وليس المسيحيين في الغرب، ولذلك الأصل أن تتم العودة إليهم في الفهم والتفسير لمجمل قضايا المسيحية.
المسيحيون في الشرق لا يمزجون الدين بالروح الاستعمارية كما هي لدى الغربيين، الذين أصبح الدِّين لديهم وسيلة للتعبئة والحشد ضد الشعوب الأخرى، ووسيلة لتحقيق مآرب استعمارية ومصالح مادية مختلفة، ومن اجل السيطرة على أراضي الآخرين ونهب مقدراتهم والاستيلاء على خيراتهم، كما حدث في القرون المنصرمة.
المسيحيون المشرقيون استقبلوا الفاتحين المسلمين العرب القادمين من جزيرة العرب، وتعاونوا معهم ضد»الروم» المحتلين رغم أن الروم كانوا ينتسبون للدين المسيحي، ولكن هذا لم يمنع المسيحيين العرب من التفاهم مع الدين الجديد والتعايش معه، وعقدوا معهم جملة من العهود والمواثيق التاريخية التي أسست لحياة مشتركة من خلال (عهد نجران)، (والعهدة العمرية) مع أهل ايلياء (القدس) ومنهم من دخل الإسلام، ومنهم من بقي على دينه معززاً مكرماً، يتمتع بالحرية والكرامة، والشراكة الوطنية، وأصبحوا جزءاً من الحضارة العربية الإسلامية، وأسهموا في بنائها.
المسيحيون المشرقيون عروبيون أصلاء، يشتركون مع اخوانهم المسلمين في اللغة والآداب والثقافة والقيم والهوية الجامعة، والمصير المشترك، وشركاء في الأرض والوطن والأمن والخبز، والملح والماضي والحاضر والمستقبل.
المسيحيون العرب ليسوا أقلية في أوطانهم وإنما جزء من النسيج الوطني الواحد، ومكون أصيل وليس طارئاً ولا غريباً، وهم يتوزعون على الاتجاهات السياسية المختلفة، كما يتوزع المسلمون، والحوار معهم حوار من الذات، وليس بين أطراف متنازعة متنافرة.
وبناء على هذا الفهم، ينبغي الشروع في الحوارات الهادئة والمباشرة من أجل بناء الأطر الوطنية التي تستوعب كل المواطنين وجميع مكونات المجتمع، دون أدنى تمييز ديني أو مذهبي أو عرقي أو جهوي، وامتلاك القدرة على توظيف الكفاءات والطاقات التي يختزنها المجتمع بطريقة عادلة تستند إلى معايير القوة والأمانة التي نص عليها القرآن الكريم بكل وضوح.
نحن بحاجة لتعزيز اللحمة المجتمعية، وتقوية أواصر الوحدة في الوطن الواحد، وصناعة الشراكة الفعلية عن طريق ارساء قيم احترام الآخر وصيانة الحريّات الشخصية، والاعتراف بالاختلاف العقدي دون تعصب، ودون ازدراء للآراء المخالفة والانتماءات الدينية المتعددة، مع ضرورة ألا يكون الحوار مقتصراً على النخب وطبقة العلماء وأهل الاختصاص، وإنما نحن بحاجة لحوارت مجتمعية على مختلف المستويات، نتفق من خلالها على مجمل المبادئ والقواعد الكبرى، والقضايا الوطنية والقيم والإيمانية، والأخلاق والآداب المجتمعية، التي ينبغي تضمينها للمناهج والكتب المدرسية، ومساقات جامعية تسهم ببناء الأجيال القادمة المحصنة من التطرف والبعيدة عن حمى العنف والحوار الدموي.
الأردن والشعب الأردني مهيأ ويملك المقومات، لأن يكون نموذجاً للتسامح الديني، ونموذجاً لاستيعاب التعددية الفكرية والسياسية والاجتماعية بطريقة حضارية متقدمة، تسهم باستقرار المجتمع، وبناء الدولة الأردنية المدنية الحديثة المتقدمة على مستوى المنطقة والإقليم.
الدستور