أزمة التعليم الخاص
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لقد شعرت بالذهول والصدمة عندما سمعت أن عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الخاص في المملكة يقدر بـ»600» الف طالب، ومما يزيد في مشاعر الذهول أن هذا العدد مرشح للزيادة، لأن هناك زيادة ملحوظة في الإقبال على التعليم الخاص، وزيادة ملحوظة في النفور الشعبي المتزايد من التعليم العام، حيث أصبح أولياء الأمور لا يشعرون بالطمأنينة على مستقبل أبنائهم في المدارس الحكومية، وأصبح المقتدرون وغير المقتدرين ينظرون إلى أن مسألة التعليم الخاص أصبحت حاجة ملحة، مما أدى إلى ازدهار قطاع التعليم الخاص، وأصبح محطاً لأنظار التجار والمستثمرين، والباحثين عن المشاريع الاقتصادية الناجحة، والمضمونة في الربح والجدوى.
عندما تتم المقارنة مع الدول المتقدمة وذات التوجه الاقتصادي الحر القائم على سياسة السوق، والخصخصة، لا نجد هذا الازدهار العملاق لقطاع التعليم الخاص، بل نجد ان هذه الدول تبذل قصارى جهدها في تحسين مستوى التعليم الحكومي، وتنظر اليه أنه يمثل القطاع الاستراتيجي الأكثر أهمية والذي يحتل المرتبة الأولى على صعيد الأولويات الحكومية، بحيث لا يقوى القطاع الخاص على منافسة الدولة في هذا المجال، مما يؤدي إلى تعزيز ثقة الشعب بالتعليم الحكومي، ويشعر أولياء الأمور ودافعو الضرائب بالطمأنينة على فلذات أكبادهم أنهم في أيد أمينة، ويخضعون إلى استراتيجية تربوية مدروسة واهتمام فائق بالمنهجية القادرة على تنمية عقول الناشئة ورعاية المواهب والابداعات المتجددة التي ترفد الدولة بالعقل المتجدد القادر على مواصلة مشوار التطوير المذهل للحياة البشرية .
عامة المواطنين الأردنيين يشعرون بالرعب على مستقبل أبنائهم، ولا يشعرون بالطمأنينة تجاه مسار التعليم العام، خاصة قطاعات الشعب المنتشرة في المحافظات والأرياف والبوادي وخارج نطاق العاصمة وما حولها، حيث أن العاصمة تعج بالمدارس الخاصة ذات المباني الفخمة والحافلات والملاعب والمختبرات، والأقساط العالية التي تفوق مستوى الدخل العادي بمعدله العام للشعب الأردني، بينما يشاهدون المدارس الحكومية ذات أبنية مترهلة وآيلة للسقوط وليس فيها مرافق محترمة وخالية من الامكانات الأساسية.
نحن نقف أمام ظاهرة غير عادية، ونمو سرطاني للتعليم الخاص، لا يخضع لاستراتيجية تربوية، ولا يخدم رؤية منهجية لاعداد الجيل القادم حيث أن المدارس الخاصة أصبحت مزارع خاصة، ومستعمرات مستقلة، تحظى برعاية كبار القوم وأصحاب النفوذ، لا تخضع للرقابة الحقيقية، لأن وزارة التربية لا تقوى على رقابة مدارسها، فضلاً عن فرض رقابتها على هذه المستعمرات التي تنتشر كما ينتشر الفطر على أرض المملكة.
نحن أمام طبقية مذهلة تغزو المجتمع الأردني بسرعة هائلة، سوف تؤدي الى انتاج مشاكل اجتماعية متعددة ومتشعبة، عندما تصبح هذه المدارس عبارة عن جزر منعزلة، تهدد وحدة الشعب الأردني الوطنية والثقافية والقيميّة، وتسهم في إحداث المزيد من الشروخات المجتمعية الهائلة التي تشكل أحد دعامات العنف المجتمعي المتزايد التي تستعصى على الحل والمعالجة.
وتسهم في نشر الأمراض الاجتماعية القاتلة التي تفتك بالنسيج المجتمعي وتقيم الجدران العالية بين مكونات المجتمع وشرائحه المختلفة.
هناك مدارس خاصة كثيرة لا تلتزم بالمعايير الموضوعة، ولا تلتزم بالقوانين والأنظمة المفروضة، وهناك صفوف في المدارس تعاني من الازدحام، ولا تحقق الحد الأدنى من المواصفات المطلوبة،وتفتقر إلى المرافق الضرورية، فهذا جانب ضئيل من جوانب المشكلة الذي أثار الأزمة الأخيرة بين وزارة التربية وأصحاب المدارس الخاصة، لكن المشكلة الحقيقية المتعلقة بالتعليم الخاص أشمل وأكبر وأكثر عمقاً وتعقيداً، وأشد خطورة على مستقبل البلد ومستقبل الأجيال، وتتعلق بالبعد الاستراتيجي التربوي وتمس فلسفة التعليم بشكل جوهري، وربما تكمن المشكلة في المدارس الأجنبية الراقية التي تحقق المواصفات الشكلية، ولكنها تصنع الأزمة الحقيقية.
الحكومة يجب أن تتحمل مسؤوليتها في انقاذ التعليم العام وأن تجعل التعليم في مرتبة متقدمة لا يتقدم عليه أمر آخر، فالتعليم السليم هو الذي يصنع الأمن والاستقرار الحقيقي، والتعليم السليم هو الذي يحقق التنمية السياسية والاقتصادية، والتعليم السليم هو الطريق الوحيد للتحديث والتطوير ورفع مستويات الانتاج واحداث النقلة الحقيقية في التنمية الشاملة على طريق بناء الدولة الأردنية الحديثة، ولا يتم ذلك ولن يتم بإنشاء مدرسة أجنبية، تستقدم مدرسين أجانب، وتدرس بلغة أجنبية، وتتبع نظاماً تعليمياً أجنبياً، بأقساط عالية، ولن يتم الازدهار بأن يصبح التعليم بيد التجار والمستثمرين والباحثين عن الربح، بأي ثمن وبأية طريقة.
عندما تتم المقارنة مع الدول المتقدمة وذات التوجه الاقتصادي الحر القائم على سياسة السوق، والخصخصة، لا نجد هذا الازدهار العملاق لقطاع التعليم الخاص، بل نجد ان هذه الدول تبذل قصارى جهدها في تحسين مستوى التعليم الحكومي، وتنظر اليه أنه يمثل القطاع الاستراتيجي الأكثر أهمية والذي يحتل المرتبة الأولى على صعيد الأولويات الحكومية، بحيث لا يقوى القطاع الخاص على منافسة الدولة في هذا المجال، مما يؤدي إلى تعزيز ثقة الشعب بالتعليم الحكومي، ويشعر أولياء الأمور ودافعو الضرائب بالطمأنينة على فلذات أكبادهم أنهم في أيد أمينة، ويخضعون إلى استراتيجية تربوية مدروسة واهتمام فائق بالمنهجية القادرة على تنمية عقول الناشئة ورعاية المواهب والابداعات المتجددة التي ترفد الدولة بالعقل المتجدد القادر على مواصلة مشوار التطوير المذهل للحياة البشرية .
عامة المواطنين الأردنيين يشعرون بالرعب على مستقبل أبنائهم، ولا يشعرون بالطمأنينة تجاه مسار التعليم العام، خاصة قطاعات الشعب المنتشرة في المحافظات والأرياف والبوادي وخارج نطاق العاصمة وما حولها، حيث أن العاصمة تعج بالمدارس الخاصة ذات المباني الفخمة والحافلات والملاعب والمختبرات، والأقساط العالية التي تفوق مستوى الدخل العادي بمعدله العام للشعب الأردني، بينما يشاهدون المدارس الحكومية ذات أبنية مترهلة وآيلة للسقوط وليس فيها مرافق محترمة وخالية من الامكانات الأساسية.
نحن نقف أمام ظاهرة غير عادية، ونمو سرطاني للتعليم الخاص، لا يخضع لاستراتيجية تربوية، ولا يخدم رؤية منهجية لاعداد الجيل القادم حيث أن المدارس الخاصة أصبحت مزارع خاصة، ومستعمرات مستقلة، تحظى برعاية كبار القوم وأصحاب النفوذ، لا تخضع للرقابة الحقيقية، لأن وزارة التربية لا تقوى على رقابة مدارسها، فضلاً عن فرض رقابتها على هذه المستعمرات التي تنتشر كما ينتشر الفطر على أرض المملكة.
نحن أمام طبقية مذهلة تغزو المجتمع الأردني بسرعة هائلة، سوف تؤدي الى انتاج مشاكل اجتماعية متعددة ومتشعبة، عندما تصبح هذه المدارس عبارة عن جزر منعزلة، تهدد وحدة الشعب الأردني الوطنية والثقافية والقيميّة، وتسهم في إحداث المزيد من الشروخات المجتمعية الهائلة التي تشكل أحد دعامات العنف المجتمعي المتزايد التي تستعصى على الحل والمعالجة.
وتسهم في نشر الأمراض الاجتماعية القاتلة التي تفتك بالنسيج المجتمعي وتقيم الجدران العالية بين مكونات المجتمع وشرائحه المختلفة.
هناك مدارس خاصة كثيرة لا تلتزم بالمعايير الموضوعة، ولا تلتزم بالقوانين والأنظمة المفروضة، وهناك صفوف في المدارس تعاني من الازدحام، ولا تحقق الحد الأدنى من المواصفات المطلوبة،وتفتقر إلى المرافق الضرورية، فهذا جانب ضئيل من جوانب المشكلة الذي أثار الأزمة الأخيرة بين وزارة التربية وأصحاب المدارس الخاصة، لكن المشكلة الحقيقية المتعلقة بالتعليم الخاص أشمل وأكبر وأكثر عمقاً وتعقيداً، وأشد خطورة على مستقبل البلد ومستقبل الأجيال، وتتعلق بالبعد الاستراتيجي التربوي وتمس فلسفة التعليم بشكل جوهري، وربما تكمن المشكلة في المدارس الأجنبية الراقية التي تحقق المواصفات الشكلية، ولكنها تصنع الأزمة الحقيقية.
الحكومة يجب أن تتحمل مسؤوليتها في انقاذ التعليم العام وأن تجعل التعليم في مرتبة متقدمة لا يتقدم عليه أمر آخر، فالتعليم السليم هو الذي يصنع الأمن والاستقرار الحقيقي، والتعليم السليم هو الذي يحقق التنمية السياسية والاقتصادية، والتعليم السليم هو الطريق الوحيد للتحديث والتطوير ورفع مستويات الانتاج واحداث النقلة الحقيقية في التنمية الشاملة على طريق بناء الدولة الأردنية الحديثة، ولا يتم ذلك ولن يتم بإنشاء مدرسة أجنبية، تستقدم مدرسين أجانب، وتدرس بلغة أجنبية، وتتبع نظاماً تعليمياً أجنبياً، بأقساط عالية، ولن يتم الازدهار بأن يصبح التعليم بيد التجار والمستثمرين والباحثين عن الربح، بأي ثمن وبأية طريقة.