عذراً أيها الجالسون في الصف الأخير
إخلاص يخلف
وردود فعل مجلسنا الكريم حولها أعادني بالذاكرة لذلك اليوم الذي حضر فيه جلالة الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه الى مبنى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون لألقاء خطاب له في نهاية الثمانينيات.. ولم تكن التقنيات آنذاك تسمح بنقل خطابه من الديوان الملكي فكان التسجيل يتم داخل استوديوهات التلفزيون.. وبعد انتهاء الملك من تسجيل خطابه تم تحضير مأدبة غداء على شرفه في الكنتين المخصص لكبار الزوار أنذاك الملاصق للكنتين المخصص للموظفين في المؤسسة، ففاجئنا جميعاً جلالته ليترك الرسميات والبروتوكول ويحمل صينيته ويقف بالدور بين الموظفين وكان الغذاء في حينها فاصوليا بيضاء، فضحك طيب الله ثراه وقال للمرحوم الزميل سماره المشرف على وجبات الطعام: حظي حلو انا بحب الفاصوليا البيضاء بس كثرلي من الرز، وحمل طعامه وجلس بيننا علئ الطاولة وتجاذب أطراف الحديث الأبوي والأخوي مع الجميع دون تمييز، تلك اللحظات لا ولن تمحى من ذاكرتنا جميعاً، فقد كانت درساً وأنموذجاً يحتذى في التواضع والخلق، لعظيم رحل جسداً ولكنه لا زال يحتل الأفئدة، ليكتب بحروف من ذهب المقدمة حيث يجلس العظماء.
وأعود لعنوان مقالي وتلك الثورة العارمة التي حدثت في مجلس النواب، وعلقت الجلسة وذهب الجميع الى قاعة عاكف الفايز للتداول بشأن الحدث الجلل، الذي ثارت ثائرة البعض عليه وأسموه بكرامة وهيبة مجلس النواب التي ارتبطت بمقعد في الصف الاول او الثاني في مهرجان جرش.
واتساءل هنا وسؤالي بريء، عن الهيبة والكرامة للمجلس التي لم يمسها ضير وأبناء الأردن السواد الأعظم منهم معطلون عن العمل، وفاتورة الكهرباء والماء والخبز ولقمة العيش سيف مسلط على رقابهم، وحكومتنا لم تبقي النذر اليسير في جيوبهم للحفاظ على ماء وجههم بعيش كريم في وطنهم، هذا اولاً.
ثانياً، المخاطر الحقيقية والواقع الدموي في فلسطين وسوريا والعراق الذي لم نعد بمأمن منه ومن عواقبه على أمن وسلامة الاردن وطناً وشعباً، فأيهما أولى يا نواب الوطن والشعب الذي بات حزيناً واسفاً لسوء اختياره، بثورتكم العارمه تلك، شكرا لمدرجات جرش التي جعلتنا نرى أن نوابنا قادرون على الثورة وطرح الثقة بالحكومة متى أرادوا..
وعذراً أيها الجالسون في الصف الأخير.. رغم اهميتكم.
Yekhlas@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على 
