jo24_banner
jo24_banner

مصر من نهاية القلق الى بداية القلاقل !

د.امديرس القادري
جو 24 :

الأنفاس لم تعد محبوسة ، وتراجع القلق وزال التوتر ، فلجنة إمتحان الرئاسة المصرية أعلنت النتيجة ، فاز مرسي ورسب شفيق ، وأطلقت جموع الجماهير المحتشدة في ميدان التحرير بالقاهرة الألعاب النارية فرحا وإبتهاجا ، وعلت أصوات التكبير من حناجر الملايين في العديد من المحافظات المصرية ، وبذلك تنطوي صفحة الجدل الواسع والمثير الذي رافق هذه اللحظة التاريخية والعصيبة التي كان يترقبها الشعب المصري أولا ، والعرب ثانيا ، والعالم كله وفي مقدمته الكيان الصهيوني المرتجف و الخائف و المرتعب من هذا الفوز والولايات المتحدة القلقة ثالثا .


ماذا بعد ؟ هذا هو الأهم وعلى كافة المستويات والصعد المحلية والخارجية ، ففي كل نواحي الحياة السابقة التي أوجدها نظام الإستبداد السابق والراحل ينتظر أبسط الناس في مصر وهم الأغلبية موجات قادمة من التغيير الإيجابي نحو الأفضل وعلى الأخص في مجال المعيشة والحياة الإقتصادية التي أنهكتهم وطحنت عظامهم في مرحلة ما قبل ثورة يناير التي فجرتها سواعدهم وحناجرهم والمليونيات العديدة التي حشدوها في القاهرة وغيرها .


بعد إغلاق الصناديق هتف شيوخ الإخوان بأنهم وفي " يوم الجمعة العصر ، سيحملون مرسي إلى القصر " ، ولكن المجلس العسكري كان له ترتيبات أخرى مغايرة ، ففي عصر يوم الأحد من هذه الأسبوع سمحوا لللجنة المشرفة بتلاوة التقرير النهائي الذي حمل النتيجة ، الفارق الزمني بين الجمعة والأحد ليس مهما فهذا لم يكن هو المقصود ، فالمستقبل هو الأهم ، فهل سيبقى للإخوان أيامهم وحساباتهم المختلفة والمتباينة مع حسابات العسكر و بما يقود نحو كسر الأذرع و عض الأصابع المتبادل ؟ أم أن الطرفان سيتفقان على منطقة وسطى بينهما تضمن للوضع المحلي الداخلي وللأوضاع الخارجية حدا معقولا من الإستقرار !.


يرجح الكثير من المراقبين والمحللين للشأن المصري بأن القلق المصري الذي إنتهى بإعلان النتائج الرئاسية ، سوف يتحول وقريبا جدا إلى قلاقل وإضطرابات قد لا يكون بمقدور الإخوان ومرشحهم الفائز من ضبطها والسيطرة عليها ، وبغض النظر عن بعض رسائل التطمين التي أرسلها الرئيس مرسي وبعد مرور ساعات قلائل من إعلان فوزه ، المرشح صباحي الذي لم يحالفه الحظ في الجولة الأولى من هذه الإنتخابات وبعد حصوله على المركز الرابع فيها صرح وأعلن بأن الدكتور مرسي لن يبقى على كرسي الرئاسة لمدة تزيد عن سنة ، وسيجد المصريون أنفسهم في مواجهة إستحقاقات إنتخابية جديدة .


الدولة المصرية المكبلة بمئة قيد وقيد تعيش في حالة هي أقرب إلى الشلل ، وجميع الملفات الصعبة والشائكة تعيش في مرحلة الإنتظار الصعب ، فالشعب منقسم ، و الإفلاس يضرب جدران الخزينة ، و معدلات البطالة إلى إرتفاع ، إنه حقل الألغام والرئيس القادم سيجد نفسه على مفترق طرق مرعب و مخيف ، الأول قصير ومنزوع الدسم كما يقول البعض وسينطفىء بريقه بأسرع مما قد يتوقعه أقرب المقربين له ، والثاني وهو الأصعب لأنه مملوء بالتحديات التي أوجدتها مرحلة النظام السابق المستبد والظالم ، تحديات تبحث عن رجالها القادرين على المواجهة وإجادة و إتقان توجيه الضربات القاضية والحاسمة ، فهل سيكون الرئيس مرسي من هذه الفئة ؟ سندعو له و سننتظر مواقفه و أفعاله على أرض الواقع الموضوعي و الميداني .


لم تكن مصر وحدها في إنتظار معرفة من سيكون رئيسها وما هي تواجهاته ، فالأمة العربية و كل ثوراتها الديموقراطية بأكملها كانت هي الأخرى تنتظر وعلى أحر من الجمر ، من الخليج وحتى المحيط كانت العيون والقلوب والأفئدة تترقب إلى أين ستذهب في مصر في إنتخابات رئيسها ، وفي مقدمة كل هؤلاء ستظل فلسطين وبكل الشوق والحنين تترقب وتتطلع إلى حاكم مصر الجديد و بغض النظر عن فرح غزة و اكتئاب رام الله ، الفرعون السابق بنى حولها أسوار من الفولاذ للإمعان في حصارها وتجويعها وتركيعها ، ووقف إلى جانب أعدائها الصهاينة وهم يقتلون أطفالها بالفسفور ويهدمون البيوت على رؤوس ساكنيها ، فماذا سيفعل القادم الجديد يا ترى ؟!.


البعض يتوقع منه أن يكون الناصر صلاح الدين الأيوبي ، و البعض الأخر يصر على أن يرى فيه الثائر أرنستو جيفارا ، و بغير ذلك فسيبقى في قفص الإتهام و دائرة الشك ، و لكن ، و بعيدا عن كل ذلك ، فالمؤكد أن مصر و شعبها قد قطعوا خطوة كبيرة نحو المستقبل الواعد ، و بالتالي ، فإن العودة إلى الوراء باتت مستحيلة ، و على الرئيس مرسي أن يثبت بأنه جاء ليكون لكل المصريين ، و خصوصاً الشرفاء منهم و الغياري على الوطن و تحت أوسع غطاء من الوحدة الوطنية ، و العمل الجماعي الذي يفتح الأبواب أمام كل الوطنيين ، هذه هي بوابة النجاح التي تنتظر مراكمة الإنجازات على عتباتها ، فالنراقب المئة يوم الاولى من عمر الرئاسة و حكومتها القادمة ، فالحكمة و الموضوعية تقتضي ذلك.

تابعو الأردن 24 على google news