هل انقلب المالكي على أميركا؟
جمانة غنيمات
جو 24 : قدّمت الولايات المتحدة الحلّ الذي تراه مناسبا للأزمة في العراق. الطلب كان واضحا، وتمثّل في سرعة تشكيل حكومة وحدة وطنية، تضم المزيد من الأطراف السياسية، لاسيما من السُنّة والأكراد، والتخلي عن السياسات غير الحكيمة من قبل حكومة نوري المالكي.
الطلب جاء بناء على معلومات تدركها أميركا، ومضمونها أن حليفها المالكي أقدم على ممارسات خاطئة تحت غطاء التدخل الإيراني، الأمر الذي أجّج مشاعر شريحة مهمة من شرائح المجتمع العراقي، وهم السُّنة الذين باتوا يشعرون بالضعف والتهميش، مجتمعيا وسياسيا واقتصاديا.
اليوم، يؤمن الرئيس باراك أوباما وفريقه أن تقديم دعم أميركي مكثّف للعراق، يتطلب من القادة العراقيين اتخاذ خطوات ضرورية من أجل توحيد شرائح المجتمع العراقي لا تفريقها، والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة إنقاذ وطني.
الرّد من قبل المالكي جاء مباشرا؛ إذ رفض المقترح الأميركي بانتظار تشكيل الحكومة في بداية الشهر الحالي تنفيذا للدستور، ما يعني فرضا للصيغة الإيرانية، وتحديا للإرادة الأميركية.
الاهتمام الأميركي بالعراق متعدد الأسباب، وهي تبدأ من الملامة الواقعة على السياسة الأميركية بأنها المسؤولة عن إيصال العراق، بعد سنوات من الحرب، إلى هذه الحالة؛ وأيضا نتيجة الضغط الشديد الذي يتعرض له الرئيس أوباما من قبل أعضاء الكونغرس الذين يطلعون بشكل واسع على الممارسات الطائفية للحكومة العراقية، هذا ناهيك عن التزام الحليف الأميركي أمام الشعب العراقي بدعم ومساندة تطلعاته في الحرية والديمقراطية.
واشنطن قلقة من وقوع الأسلحة الأميركية بيد المسلحين، ومن إمكانية استخدامها لغير أغراض الدفاع عن العراق، أو حتى مهاجمة بعض أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة، في ظل معرفتها العميقة بأن "داعش" تنظيم إرهابي متطرف أكثر من غيره مقارنة بالجماعات الجهادية الأخرى. ولكنها تعلم في الوقت نفسه أن المسلحين والمتمردين ليسوا كلهم من "داعش" ولا من المنظمات التكفيرية؛ فهناك مسلحون من تنظيمات أخرى معتدلة، يدعمها أبناء العشائر العربية في المنطقة الغربية، والتي قاتل بعضها ضد تنظيم القاعدة في منتصف العقد الماضي، ضمن إطار ما عرف آنذاك بـ"الصحوات".
ورغم الالتزام الأخلاقي، والحرص الأميركي على إنهاء الأزمة، للقضاء على الإرهابيين، وفوق ذلك دوافع الاهتمام السابقة بالعراق، إلا أن كل ما سبق لا يكفي من أجل اتخاذ قرار بالتدخل العسكري، عبر إرسال قوات أميركية مقاتلة للتصدي للمسلحين؛ فهذا شأن داخلي على حكومة المالكي معالجته بنفسها، باستثناء دعم محدود بقدر ما تحتاج تطورات الوضع على الأرض.
الصدمة الحقيقية لأميركا، والتي ما تزال تحتاج تفسيرا، تتعلق بسرعة انهيار القوات العراقية في مدينة الموصل والمدن التي تلتها، مع ما تبع ذلك من مخاوف وقوع الأسلحة الأميركية بيد المتمردين، واستخدامها ضد دول حليفة في المنطقة.
أما القلق الأميركي الحقيقي، فيرتبط بتنامي النفوذ الإيراني في الشأن العراقي، وعجز الولايات المتحدة عن ضبط إيقاع باقي حلفائها في المنطقة.
فمن وجهة نظر أميركية، لا يساعد الانخراط الإيراني في العراق والمنطقة ككل، على حلّ الأزمة بل هو يؤدي إلى مفاقمتها، لناحية تأجيج الصراع طائفيا. فالتدخل العسكري الإيراني المباشر في العراق فيه تطاول على مناطق نفوذ أميركية، عدا عن أنه يوتر الأجواء في ظل توارد المعلومات عن تواجد بعض الوحدات القتالية الإيرانية الناشطة في العراق، بما يزيد الشحن الطائفي، لاسيما مع فتح الباب للتطوع من أجل العراق بحجة حماية الأماكن الدينية.
الظاهر أن زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، للعراق والمنطقة لم تنفع، وفشلت في تحقيق غاياتها، بعد أن اكتشف أن الحليف لم يعد طيّعا كما في الماضي، بل يشتد عوده حدّ رفض المقترحات الأميركية، بدعم إيراني مغلّف بالطائفية.
الغد
الطلب جاء بناء على معلومات تدركها أميركا، ومضمونها أن حليفها المالكي أقدم على ممارسات خاطئة تحت غطاء التدخل الإيراني، الأمر الذي أجّج مشاعر شريحة مهمة من شرائح المجتمع العراقي، وهم السُّنة الذين باتوا يشعرون بالضعف والتهميش، مجتمعيا وسياسيا واقتصاديا.
اليوم، يؤمن الرئيس باراك أوباما وفريقه أن تقديم دعم أميركي مكثّف للعراق، يتطلب من القادة العراقيين اتخاذ خطوات ضرورية من أجل توحيد شرائح المجتمع العراقي لا تفريقها، والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة إنقاذ وطني.
الرّد من قبل المالكي جاء مباشرا؛ إذ رفض المقترح الأميركي بانتظار تشكيل الحكومة في بداية الشهر الحالي تنفيذا للدستور، ما يعني فرضا للصيغة الإيرانية، وتحديا للإرادة الأميركية.
الاهتمام الأميركي بالعراق متعدد الأسباب، وهي تبدأ من الملامة الواقعة على السياسة الأميركية بأنها المسؤولة عن إيصال العراق، بعد سنوات من الحرب، إلى هذه الحالة؛ وأيضا نتيجة الضغط الشديد الذي يتعرض له الرئيس أوباما من قبل أعضاء الكونغرس الذين يطلعون بشكل واسع على الممارسات الطائفية للحكومة العراقية، هذا ناهيك عن التزام الحليف الأميركي أمام الشعب العراقي بدعم ومساندة تطلعاته في الحرية والديمقراطية.
واشنطن قلقة من وقوع الأسلحة الأميركية بيد المسلحين، ومن إمكانية استخدامها لغير أغراض الدفاع عن العراق، أو حتى مهاجمة بعض أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة، في ظل معرفتها العميقة بأن "داعش" تنظيم إرهابي متطرف أكثر من غيره مقارنة بالجماعات الجهادية الأخرى. ولكنها تعلم في الوقت نفسه أن المسلحين والمتمردين ليسوا كلهم من "داعش" ولا من المنظمات التكفيرية؛ فهناك مسلحون من تنظيمات أخرى معتدلة، يدعمها أبناء العشائر العربية في المنطقة الغربية، والتي قاتل بعضها ضد تنظيم القاعدة في منتصف العقد الماضي، ضمن إطار ما عرف آنذاك بـ"الصحوات".
ورغم الالتزام الأخلاقي، والحرص الأميركي على إنهاء الأزمة، للقضاء على الإرهابيين، وفوق ذلك دوافع الاهتمام السابقة بالعراق، إلا أن كل ما سبق لا يكفي من أجل اتخاذ قرار بالتدخل العسكري، عبر إرسال قوات أميركية مقاتلة للتصدي للمسلحين؛ فهذا شأن داخلي على حكومة المالكي معالجته بنفسها، باستثناء دعم محدود بقدر ما تحتاج تطورات الوضع على الأرض.
الصدمة الحقيقية لأميركا، والتي ما تزال تحتاج تفسيرا، تتعلق بسرعة انهيار القوات العراقية في مدينة الموصل والمدن التي تلتها، مع ما تبع ذلك من مخاوف وقوع الأسلحة الأميركية بيد المتمردين، واستخدامها ضد دول حليفة في المنطقة.
أما القلق الأميركي الحقيقي، فيرتبط بتنامي النفوذ الإيراني في الشأن العراقي، وعجز الولايات المتحدة عن ضبط إيقاع باقي حلفائها في المنطقة.
فمن وجهة نظر أميركية، لا يساعد الانخراط الإيراني في العراق والمنطقة ككل، على حلّ الأزمة بل هو يؤدي إلى مفاقمتها، لناحية تأجيج الصراع طائفيا. فالتدخل العسكري الإيراني المباشر في العراق فيه تطاول على مناطق نفوذ أميركية، عدا عن أنه يوتر الأجواء في ظل توارد المعلومات عن تواجد بعض الوحدات القتالية الإيرانية الناشطة في العراق، بما يزيد الشحن الطائفي، لاسيما مع فتح الباب للتطوع من أجل العراق بحجة حماية الأماكن الدينية.
الظاهر أن زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، للعراق والمنطقة لم تنفع، وفشلت في تحقيق غاياتها، بعد أن اكتشف أن الحليف لم يعد طيّعا كما في الماضي، بل يشتد عوده حدّ رفض المقترحات الأميركية، بدعم إيراني مغلّف بالطائفية.
الغد