دفن الصوت الواحد
جمانة غنيمات
جو 24 : تتسارع وتيرة المتغيرات الإقليمية والمحلية بشكل كبير، ما يشي أن الساسة الذين بشروا ببعث الصوت الواحد من جديد لم تكن لديهم القدرة على قراءة المتغيرات تلك.
لكن فوز مرسي في الانتخابات المصرية، والتطورات الدراماتيكية في "الشقيقة الكبرى" التي أوصلت أول إسلامي إلى قصر الرئاسة في القاهرة، كان لها وقع كبير في عمان، التي استقبلت قادة حركة حماس في زيارة مفاجئة وعقدها سلسلة من الاجتماعات مع شخصيات سياسية وأمنية.
بل وبدون سابق إنذار يسري حديث عن حوار وصفقة مع الإسلاميين واجتماعات مع شخصيات من عيار ثقيل مؤثرة، والهدف المضي في مسيرة الإصلاح، رغم أن الحكومة أكدت على لسان رئيسها فايز الطراونة أنها "لن تستجدي الحوار مع أحد!". الوضع في سورية، كذلك، يقترب من خط النهاية، وقراءة المشهد السياسي في الجارة الشمالية يؤكد أن الأمور ماضية إلى تصعيد لحين قدوم لحظة الحسم ورحيل النظام.
وسط هذه المعطيات المحلية والإقليمية، فجأة ينقلب الحال ويتغير المزاج السياسي لدى بعض دوائر صنع القرار حيال مسيرة الإصلاح المحلية، وتحديدا ما يتعلق بقانون الانتخاب. ما حدث في الأيام الماضية سريع وحاسم ومهم، بعد أن انتصر الملك للتيار الإصلاحي ووجه السلطتين التشريعية والتنفيذية لتعديل بعض بنود القانون، ليؤكد الملك من جديد أنه الأقدر على التقاط الرسائل.
بعد الطلب الملكي، بدأت تسري أحاديث، يروج لها فريق الصوت الواحد، تشير إلى أن الطلب الملكي اقتصر على تعديل البند المتعلق بالقائمة الوطنية وزيادة عدد مقاعدها، وفي هذا التفاف على طلب القصر، وعلى مطالب القوى السياسية الإصلاحية.
ما تم حتى الآن نصف خطوة، واكتمال ونضوج الفكرة يحتاج إلى قطع النصف الثاني من الخطوة، المرتبطة بزيادة عدد أصوات الناخب إلى صوتين، حيث بدأ فريق الصوت الواحد بالضغط لجعل التعديل محدودا، وفي هذا تصلب لا يصب في مصلحة البلد، بل يخدم أجندات خاصة وقناعات لا تمثل طيفا واسعا من المجتمع.
بعد إقرار النواب والأعيان لقانون يعيد إنتاج الصوت الواحد، رصد المتابع كثيرا من ردود الأفعال التي تمثل قوى حزبية ونقابية وعشائرية وشعبية وحراكية، ترفض نص القانون، وتهدد بالمقاطعة، حتى اتسعت دائرة التهديد لحدود غير آمنة للعملية الانتخابية.
فالانتخابات التي ستجرى، وإن كانت نزيهة، لن تنجح ولن تنقل المملكة إلى مرحلة جديدة، طالما بقي مستوى المشاركة محدودا، ولا يمثل إلا تيارا محافظا يرفض التعددية ويسعى للحفاظ على السلطة والاستئثار بها دون غيره.
توجيه الملك كان في مكانه، خصوصا وأن التعديل الذي طلبه سيزيد المشاركة في العملية الانتخابية، ومن هنا يتوجب على الحكومة والنواب الحرص على زيادة منسوب المشاركة لإخراج البلد من هذه المرحلة الدقيقة بسلام. اليوم الصراع على أشده بين من يريد للحياة السياسية أن تبقى على حالها ويخطط لإفراز مجلس نواب جديد "على قد الإيد"، وبين أولئك الطامحين بتغيير تركيبة السلطات التشريعية والتنفيذية، وبمشاركة سياسية تعكس طموح الشعب وآماله.
التخويف من زيادة عدد أصوات الناخب مبني على أن الصوت الثاني سيكون من نصيب الإسلاميين، وفي هذا مجافاة للحقيقة واجتزاء، فالصوت الثاني وإن كان كذلك إلا أنه سينعكس بالتأكيد على تركيبة المجلس بالكامل، وسيساعد في وصول نواب يتقنون أداء أدوارهم ولا يكونون لعبة بيد من أوصلهم تحت القبة.
ولا ينكر أحد أن الإسلاميين سيستفيدون من التعديل، لكن ليس بالقدر الذي يتحدث به أنصار الصوت الواحد الذي جلب للأردن خرابا كبيرا على مدى سنوات طويلة، وأدى إلى تدهور الحياة النيابية وتسبب بتفتيت المجتمع إلى أصغر دائرة عشرية ممكنة.
والتفكير بمصلحة الأردن يقتضي أن يشمل التعديل البند المتعلق بالدوائر الانتخابية وعدد الأصوات، بحيث نقضي على الصوت الواحد إلى الأبد. لكل من يتبنى الصوت الواحد...! نقول صوت واحد لا يكفي!
الصوت الواحد مات، وإكرام الميت دفنه.
لكن فوز مرسي في الانتخابات المصرية، والتطورات الدراماتيكية في "الشقيقة الكبرى" التي أوصلت أول إسلامي إلى قصر الرئاسة في القاهرة، كان لها وقع كبير في عمان، التي استقبلت قادة حركة حماس في زيارة مفاجئة وعقدها سلسلة من الاجتماعات مع شخصيات سياسية وأمنية.
بل وبدون سابق إنذار يسري حديث عن حوار وصفقة مع الإسلاميين واجتماعات مع شخصيات من عيار ثقيل مؤثرة، والهدف المضي في مسيرة الإصلاح، رغم أن الحكومة أكدت على لسان رئيسها فايز الطراونة أنها "لن تستجدي الحوار مع أحد!". الوضع في سورية، كذلك، يقترب من خط النهاية، وقراءة المشهد السياسي في الجارة الشمالية يؤكد أن الأمور ماضية إلى تصعيد لحين قدوم لحظة الحسم ورحيل النظام.
وسط هذه المعطيات المحلية والإقليمية، فجأة ينقلب الحال ويتغير المزاج السياسي لدى بعض دوائر صنع القرار حيال مسيرة الإصلاح المحلية، وتحديدا ما يتعلق بقانون الانتخاب. ما حدث في الأيام الماضية سريع وحاسم ومهم، بعد أن انتصر الملك للتيار الإصلاحي ووجه السلطتين التشريعية والتنفيذية لتعديل بعض بنود القانون، ليؤكد الملك من جديد أنه الأقدر على التقاط الرسائل.
بعد الطلب الملكي، بدأت تسري أحاديث، يروج لها فريق الصوت الواحد، تشير إلى أن الطلب الملكي اقتصر على تعديل البند المتعلق بالقائمة الوطنية وزيادة عدد مقاعدها، وفي هذا التفاف على طلب القصر، وعلى مطالب القوى السياسية الإصلاحية.
ما تم حتى الآن نصف خطوة، واكتمال ونضوج الفكرة يحتاج إلى قطع النصف الثاني من الخطوة، المرتبطة بزيادة عدد أصوات الناخب إلى صوتين، حيث بدأ فريق الصوت الواحد بالضغط لجعل التعديل محدودا، وفي هذا تصلب لا يصب في مصلحة البلد، بل يخدم أجندات خاصة وقناعات لا تمثل طيفا واسعا من المجتمع.
بعد إقرار النواب والأعيان لقانون يعيد إنتاج الصوت الواحد، رصد المتابع كثيرا من ردود الأفعال التي تمثل قوى حزبية ونقابية وعشائرية وشعبية وحراكية، ترفض نص القانون، وتهدد بالمقاطعة، حتى اتسعت دائرة التهديد لحدود غير آمنة للعملية الانتخابية.
فالانتخابات التي ستجرى، وإن كانت نزيهة، لن تنجح ولن تنقل المملكة إلى مرحلة جديدة، طالما بقي مستوى المشاركة محدودا، ولا يمثل إلا تيارا محافظا يرفض التعددية ويسعى للحفاظ على السلطة والاستئثار بها دون غيره.
توجيه الملك كان في مكانه، خصوصا وأن التعديل الذي طلبه سيزيد المشاركة في العملية الانتخابية، ومن هنا يتوجب على الحكومة والنواب الحرص على زيادة منسوب المشاركة لإخراج البلد من هذه المرحلة الدقيقة بسلام. اليوم الصراع على أشده بين من يريد للحياة السياسية أن تبقى على حالها ويخطط لإفراز مجلس نواب جديد "على قد الإيد"، وبين أولئك الطامحين بتغيير تركيبة السلطات التشريعية والتنفيذية، وبمشاركة سياسية تعكس طموح الشعب وآماله.
التخويف من زيادة عدد أصوات الناخب مبني على أن الصوت الثاني سيكون من نصيب الإسلاميين، وفي هذا مجافاة للحقيقة واجتزاء، فالصوت الثاني وإن كان كذلك إلا أنه سينعكس بالتأكيد على تركيبة المجلس بالكامل، وسيساعد في وصول نواب يتقنون أداء أدوارهم ولا يكونون لعبة بيد من أوصلهم تحت القبة.
ولا ينكر أحد أن الإسلاميين سيستفيدون من التعديل، لكن ليس بالقدر الذي يتحدث به أنصار الصوت الواحد الذي جلب للأردن خرابا كبيرا على مدى سنوات طويلة، وأدى إلى تدهور الحياة النيابية وتسبب بتفتيت المجتمع إلى أصغر دائرة عشرية ممكنة.
والتفكير بمصلحة الأردن يقتضي أن يشمل التعديل البند المتعلق بالدوائر الانتخابية وعدد الأصوات، بحيث نقضي على الصوت الواحد إلى الأبد. لكل من يتبنى الصوت الواحد...! نقول صوت واحد لا يكفي!
الصوت الواحد مات، وإكرام الميت دفنه.