2024-10-07 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

التفاعل مع أحداث غزة

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : التفاعل مع ما يجري في غزة من حوادث مفزعة ونتيجة للعدوان «الاسرائيلي» الغاشم أمر طبيعي يتناسب مع الفطرة الانسانية السوّية، فضلاً عن مشاعر الاخوة في الدين والعروبة والقومية خاصة في ظل أن المعتدي كيان احتلال استيطاني، يعتمد سياسة الاقتلاع والتدمير القائمة على امتلاك أدوات القوة الساحقة والتفوق العسكري المذهل، والمدعوم بآلة إعلامية كاسحة على مستوى العالم والإقليم والمدعوم بتواطؤ عالمي رهيب يستخدم الموازين المزدوجة والمفاهيم المقلوبة.

التفاعل الشعبي أمر ضروري، يستحق التشجيع والإشادة، مهما كان نوع هذا التفاعل ومستواه، ووظيفة الكتّاب والمفكرين وأصحاب الثقافة والعلم أن يعززوا هذا التفاعل ويرشدوه، ويعملوا على توجيهه نحو مستويات ايجابية فاعلة ومنتجة ومفيدة، ترتقي بالاحساس الآدمي وتصقله وتنميه، وتجعل منه عاملاً من عوامل البناء وتحقيق الأثر الفعلي الذي يعود على جميع الأطراف العربية بثمرة حقيقية قابلة للتطوير الجماعي المنتج، الذي يبحث عن وسائل الدعم والاسناد المؤثرة في تغيير الأحداث والاستفادة من الدروس بطريقة ذكية ومنهجية علمية.

تفاعل الأنظمة العربية الرسمية مع الأحداث في غزة، ومع كل الأحداث الجارية في مختلف الأقطار العربية والاسلامية، جاءت باردة ودون الحد الأدنى الذي يتوافق مع أقل حدود المنطق، ولم يكن ملائماً للحدث، ولا يرتفع الى مستويات التفاعل الشعبي، مما يجعل الثمرة المرجوة دائماً في هذا السياق سلبية وغير مؤثرة، ولا ترتقي الى مستوى التغيير، مما يؤدي الى زيادة منسوب الإحباط لدى الجماهير، ويدفع الأجيال الجديدة الى مستنقع اليأس والشعور بالعجز والخذلان، وسوف يعود ذلك بالضرر البالغ على الأنظمة نفسها وعلى شعوبها وبلدانها.

إن زيادة منسوب الإحباط لدى الأجيال وتسلل مشاعر اليأس الى نفوس الشباب يشكل عاملاً مهماً من عوامل انتشار ظاهرة التطرف والعنف ويشكل بيئة مناسبة لنمو بذور الأفكار التي تميل الى استخدام السلاح والقوة، والبحث عن المنظمات المتطرفة التي تتبنى مسالك العنف والحوار الدموي، والميل نحو أساليب الاخضاع بالإكراه وقوة السلاح، والالتفاف حول الشعارات الثوريّة البراقة التي تحاول إطفاء جذوة المرارة المشتعلة في النفوس المقهورة.

المطلوب من الأنظمة الرسميّة أن ترتفع قليلاً الى مستوى التفاعلات الشعبية، وأن تقلل الفجوة بينها وبين شعوبها، حتى لا تكون في واد والجماهير في واد آخر، والمطلوب من قادة الرأي واصحاب الأطر السياسية وجماعات الضغط أن يبحثوا عن صيغ التفاعل الايجابي القادر على الاستثمار الصحيح بالمشاعر الشعبية والتفاعلات الجماهيرية لتكون في محصلة ايجابية خيّرة تدفع نحو البناء والاصلاح الموجه المدروس، من أجل تجنب الذهاب الى الفوضى والانقلاب، وانعدام الأمن، وفقدان القدرة على تلمس البوصلة التي توّجه المجموع نحو آفاق التغيير المنضبط بالهدف والغاية والوسيلة.

المشكلة في مسائل التفاعل مع الحدث، أنها تتكرر بنسخ متشابهة عبر ما يزيد عن نصف قرن من الزمان، وما زالت تخضع لاشكال بدائية تقليدية باهتة مكرورة الى حد الملل، وليس هناك تراكم وتطوير وترشيد وتوجيه مدروس، يرتفع بمستوى الآداء الجماهيري، ويرفع سوية التعبير، مما يجعلنا في كل مرة أمام محطة من محطات التنفيس، وتفريغ الجهد الشعبي من المحتوى والمضمون، ويقع العبء في هذا السياق على الأحزاب والقوى السياسية، وقادة الرأي والتوجيه، وكل أصحاب المسؤولية للاجابة على السؤال الكبير: الى أين؟ وماذا بعد؟ وماهي الفائدة المتحققة؟ وماذا تستطيع أن تقدم؟ وماهو دور الفرد، وما هو دور الجماعة؟
يجب توجيه الشكر الى كل من تفاعل مع الحدث، وتوجيه الشكر الى كل من اجتهد ليقدم شيئاً الى شعبه والى أهله، والى نفسه، والى المنكوبين في كل بقعة عربية، ولكن ينبغي أيضاً في الوقت نفسه تطوير هذا التفاعل والبحث عن صيغ جديدة أكثر فاعلية وأكثر جدوى، بعيداً عن السخرية وبعيداً عن كل ألوان الهمز واللمز والتنابز بالالقاب التي يجيدها العاجزون.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير