أردوغان رئيساً منتخباً لتركيا
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : استطاع «أردوغان» أن يحصل على الأغلبية المطلقة من مجمل أصوات الناخبين الأتراك من الجولة الأولى، ليصبح أول رئيس منتخب للدولة، بعد فوزه برئاسة الحكومة لثلاث دورات متتاليات، ليبدأ مرحلة جديدة في تاريخ تركيا الحديث، يمتلك الرئيس فيها صلاحيات أكثر اتساعاً، بعد أن كان موقع الرئيس أقرب إلى الشرفية.
نجاح «أردوغان» ثمرة طبيعية لمنهجية حزب العدالة والتنمية الصحيحة التي اختطها الحزب بطريقة عملية خلال الدورات الثلاث الماضية والتي تمثل تجربة جديدة على مستوى المنطقة، تستحق الدراسة المعمقة من قبل حركات النهوض، مع التأكيد على الفوارق الواقعية بين تركيا من جهة وبين أقطار العالم العربي والإسلامي، والفوارق الأخرى على مستوى الشعوب ومسيرة الديمقراطية فيها.
السمة الأولى في تجربة حزب العدالة والتنمية التركي تتمثل بارتكاز الحزب على القاعدة الديمقراطية والأعراف الديمقراطية المتجذرة في حياة الشعب التركي، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع بشكل حاسم، مما جعل الحزب يسلك مسلك الانخراط في الدولة والحياة العامة، مستنداً إلى العمل السلمي وطرح البرامج الاجتماعية والسياسية، والالتصاق بالجماهير بصدقية عالية، ومواجهة العقبات التي يضعها الخصوم بمزيد من الالتحام بالشارع العام، بعيداً عن منهج الانعزال أو الانسحاب من المجتمع وعدم التفكير بالعنف ومشتقاته، وعدم الميل نحو التطرف رغم كل قرارات الحل التي كانت تتعرض لها الأحزاب السياسية المستندة إلى الفكر الإسلامي والمبادىء الإسلامية، ورغم القرارات الظالمة بسجن القيادات الأولى وعلى رأسهم «أردوغان» وقبله «أربكان» حيث أن قرارات الحل والسجن لم تصنع لديهم فكراً متطرفاً، ولم تجنح بهم نحو العنف أو الخروج على القانون.
السمة الثانية التي كانت أكثر وضوحاً، أن حزب العدالة والتنمية لم يرتكز على الشعارات الإسلامية، ولم يستثمر بالعواطف الدينية، بل ارتكز على برنامج عملي مدروس يحقق التقدم الاقتصادي للدولة، ويخلصها من الديون والعجز، ويزيد من الدخل القومي بشكل مضطرد ويرفع مستوى المعيشة للأفراد، بالاضافة إلى خطط نهضوية موازية على صعيد التربية والتعليم، وعلى صعيد التقنية والتكنولوجيا، وفتح آفاق التطوير أمام الأجيال على كل الأصعدة وفي كل المستويات حتى يكون التنافس بينه وبين الخصوم قائماً على الانجازات العملية الملموسة وإقامة المشاريع العملاقة، وحل مشاكل الدولة المستعصية، وليس التنافس في سوق المربعات الأيدولوجية والشعارات اللفظية، واللعب على العواطف بطريقة سطحية سرعان ما يزول أثرها.
ومما يثبت هذه المقولة حسم الصراع الذي احتدم بينه وبين «جماعة الخدمة» المتدينة والأكثر حملاً للسمة الدينية والإسلامية، ولكنه استطاع الفوز معتمداً على برنامجه العملي وإنجازاته الكبيرة الملموسة، وكان ذلك أكثر وضوحاً في معركة رئاسة الجمهورية، حيث أن منافسه هو «أكمل الدين أوغلو» وهو اسلامي التوجه، وحظي بدعم جماعة (كولن) كما حظي بدعم حزب السعادة الذي كان أكثر تمثيلاً لخط أربكان، وأكثر تشدداً من الناحية الإسلامية، ومع ذلك حقق أردوغان الفوز بفارق كبير ليثبت مرة أخرى صحة النهج القائم على البرامج، المستندة إلى الإطار القيمي الإسلامي بوجه حضاري وفهم واسع، دون احتكار أو وصاية.
مواقف أردوغان على صعيد السياسة الخارجية سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو قضايا الإسلام السياسي هي محل تقدير وهو في العام المجمل كان ينطلق من موقف ديمقراطي، ومن موقف الحق الواضح الأبلج، وليس لهذه المواقف أثر يذكر في معركة الانتخابات، وليست عاملاً حاسماً بفوزه بكل تأكيد، لأن خصومه أكثر تشدداً في هذه المسائل وأشد وضوحاً، وخاصة جماعة أربكان الذين سيّروا سفينة «مرمرة» المشهورة.
الإسلاميون في العالم العربي على وجه الخصوص مدعوون للمراجعة وإعادة التقويم لكثير من مسارات الإسلام السياسي العملية والفكرية، وعليهم أن يتجاوزوا مرحلة الصراع الايدلوجي، وأن يتجاوزوا مرحلة الاستناد إلى الشعارات الدينية، وأن يتوجهوا إلى مرحلة جديدة تقوم على طرح البرامج العملية الكفيلة بحل مشاكل بلدانهم، وتحقيق النهوض العام لأوطانهم، بالمشاركة مع كل مكونات الطيف المجتمعي، من خلال الانخراط العميق في الشارع، والابتعاد عن كل مدارات العنف وكل درجات الفوضى والدم، وعليهم أن يقرأوا المشهد بطريقة أقرب إلى الدقة وأقرب إلى الحكمة، حتى لا يلدغوا من الجحر الواحد مرات عديدة، وأن لا يسهموا في عزل أنفسهم عن الحياة العامة، ولا يعطوا خصومهم المبرر لإقصائهم عن دوائر الفعل والتأثير في مجتمعاتهم.
الدستور
نجاح «أردوغان» ثمرة طبيعية لمنهجية حزب العدالة والتنمية الصحيحة التي اختطها الحزب بطريقة عملية خلال الدورات الثلاث الماضية والتي تمثل تجربة جديدة على مستوى المنطقة، تستحق الدراسة المعمقة من قبل حركات النهوض، مع التأكيد على الفوارق الواقعية بين تركيا من جهة وبين أقطار العالم العربي والإسلامي، والفوارق الأخرى على مستوى الشعوب ومسيرة الديمقراطية فيها.
السمة الأولى في تجربة حزب العدالة والتنمية التركي تتمثل بارتكاز الحزب على القاعدة الديمقراطية والأعراف الديمقراطية المتجذرة في حياة الشعب التركي، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع بشكل حاسم، مما جعل الحزب يسلك مسلك الانخراط في الدولة والحياة العامة، مستنداً إلى العمل السلمي وطرح البرامج الاجتماعية والسياسية، والالتصاق بالجماهير بصدقية عالية، ومواجهة العقبات التي يضعها الخصوم بمزيد من الالتحام بالشارع العام، بعيداً عن منهج الانعزال أو الانسحاب من المجتمع وعدم التفكير بالعنف ومشتقاته، وعدم الميل نحو التطرف رغم كل قرارات الحل التي كانت تتعرض لها الأحزاب السياسية المستندة إلى الفكر الإسلامي والمبادىء الإسلامية، ورغم القرارات الظالمة بسجن القيادات الأولى وعلى رأسهم «أردوغان» وقبله «أربكان» حيث أن قرارات الحل والسجن لم تصنع لديهم فكراً متطرفاً، ولم تجنح بهم نحو العنف أو الخروج على القانون.
السمة الثانية التي كانت أكثر وضوحاً، أن حزب العدالة والتنمية لم يرتكز على الشعارات الإسلامية، ولم يستثمر بالعواطف الدينية، بل ارتكز على برنامج عملي مدروس يحقق التقدم الاقتصادي للدولة، ويخلصها من الديون والعجز، ويزيد من الدخل القومي بشكل مضطرد ويرفع مستوى المعيشة للأفراد، بالاضافة إلى خطط نهضوية موازية على صعيد التربية والتعليم، وعلى صعيد التقنية والتكنولوجيا، وفتح آفاق التطوير أمام الأجيال على كل الأصعدة وفي كل المستويات حتى يكون التنافس بينه وبين الخصوم قائماً على الانجازات العملية الملموسة وإقامة المشاريع العملاقة، وحل مشاكل الدولة المستعصية، وليس التنافس في سوق المربعات الأيدولوجية والشعارات اللفظية، واللعب على العواطف بطريقة سطحية سرعان ما يزول أثرها.
ومما يثبت هذه المقولة حسم الصراع الذي احتدم بينه وبين «جماعة الخدمة» المتدينة والأكثر حملاً للسمة الدينية والإسلامية، ولكنه استطاع الفوز معتمداً على برنامجه العملي وإنجازاته الكبيرة الملموسة، وكان ذلك أكثر وضوحاً في معركة رئاسة الجمهورية، حيث أن منافسه هو «أكمل الدين أوغلو» وهو اسلامي التوجه، وحظي بدعم جماعة (كولن) كما حظي بدعم حزب السعادة الذي كان أكثر تمثيلاً لخط أربكان، وأكثر تشدداً من الناحية الإسلامية، ومع ذلك حقق أردوغان الفوز بفارق كبير ليثبت مرة أخرى صحة النهج القائم على البرامج، المستندة إلى الإطار القيمي الإسلامي بوجه حضاري وفهم واسع، دون احتكار أو وصاية.
مواقف أردوغان على صعيد السياسة الخارجية سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو قضايا الإسلام السياسي هي محل تقدير وهو في العام المجمل كان ينطلق من موقف ديمقراطي، ومن موقف الحق الواضح الأبلج، وليس لهذه المواقف أثر يذكر في معركة الانتخابات، وليست عاملاً حاسماً بفوزه بكل تأكيد، لأن خصومه أكثر تشدداً في هذه المسائل وأشد وضوحاً، وخاصة جماعة أربكان الذين سيّروا سفينة «مرمرة» المشهورة.
الإسلاميون في العالم العربي على وجه الخصوص مدعوون للمراجعة وإعادة التقويم لكثير من مسارات الإسلام السياسي العملية والفكرية، وعليهم أن يتجاوزوا مرحلة الصراع الايدلوجي، وأن يتجاوزوا مرحلة الاستناد إلى الشعارات الدينية، وأن يتوجهوا إلى مرحلة جديدة تقوم على طرح البرامج العملية الكفيلة بحل مشاكل بلدانهم، وتحقيق النهوض العام لأوطانهم، بالمشاركة مع كل مكونات الطيف المجتمعي، من خلال الانخراط العميق في الشارع، والابتعاد عن كل مدارات العنف وكل درجات الفوضى والدم، وعليهم أن يقرأوا المشهد بطريقة أقرب إلى الدقة وأقرب إلى الحكمة، حتى لا يلدغوا من الجحر الواحد مرات عديدة، وأن لا يسهموا في عزل أنفسهم عن الحياة العامة، ولا يعطوا خصومهم المبرر لإقصائهم عن دوائر الفعل والتأثير في مجتمعاتهم.
الدستور