jo24_banner
jo24_banner

يوم تاريخي مشهود في ليبيا

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : شهدت ليبيا أمس انتخابات عامة، لتشكيل المؤتمر الوطني لمدة عام وثمانية شهور؛ من اجل القيام بالاشراف على ادارة المرحلة الانتقالية، التي يتمّ فيها تشكيل حكومة مؤقتة، ووضع الدستور الجديد والقوانين المنظمة للحياة السياسية الجديدة.
من كان عمره دون (21) عاماً في عام 1964، وهي آخر انتخابات عامة أُجريت في ليبيا، لم يشهد أي نوع من الانتخاب، بمعنى من كان عمره (69) سنة فما دون ليس لديه أي فكرة عن التجربة الانتخابية، فهذا إنْ دلَ على شيء، انما يدلّ على مقدار الانحطاط الذي وصل اليه الانسان العربي في ظلّ هذه الانظمة التي أتقنت فن الشعارات الثورية والقومجية، التي استطاعت تخدير الشعوب لبرهة من الوقت، ولكنها أصبحت معزوفة مخروقة وممجوجة بلا أدنى قيمة.
هذه المرحلة التي تمّ فيها تجريد الانسان العربي من ارادته، وهدر كرامته، ومصادرة حريته، والاستيلاء على قوته وقوت أولاده، تحت تمثيلية مقاومة الاستعمار والامبريالية، على الورق ومن وراء الميكروفونات، وهم غارقون في أحضان الاستعمار ليلاً، تلك مرحلة أفرزت أمة مفككة بلا مشروع حضاري، وبلا رسالة، وبلا هدف سوى مطاردة الاحرار وأصحاب الكلمة الجريئة، وزجّ المعارضين في السجون، وتعليق المفكرين على اعواد المشانق، والتّهم جاهزة في كل وقت وفي كل حين.
تختصر المرحلة مدرسة أحمد سعيد الجوفاء، التي اتقنت فن الخطاب الثوري، الذي يقتصر على المصطلحات الكبيرة، ولكنها خالية من اي مضمون، وبلا أي مساس بالواقع، وللأسف هذه المدرسة قائمة ومستمرة، ولها أتباع ومنظّرون، أتقنوا دغدغة العواطف، و فن ممارسة اتهام الخصوم بالعمالة والخيانة، لكل مَن يحاول حمل مشعل اليقظة والتمرد على الطغاة المستبدين، الذين استرقوا العباد وأظهروا الفساد في البلاد.
عندما تصبح الشعوب حرة مطلقة الارادة، فقد وضعت اقدامها على الطريق الصحيح، حتى لو كان طويلاً و صعباً، وربما تكون الانتخابات الاولى تجربة غير ناضجة، ويكتنفها كثير من الثغرات والاخطاء، ولكن ليس هناك طريق غيرها، وفي التجارب القادمة سوف يتحسن الاداء، وتنضج التجربة وتزداد مساحة الوعي الجماهيري ويتحسن الاداء في الفرز والاختيار، بناءً على امتلاك القدرة على المقارنة بين الانداد، من خلال مشاهدة الافعال والاحساس بالانجاز.
اعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية صحيحة، يحتاج الى مشاركة شعبية واسعة، وتعاون جاد بين المكونات المجتمعية على إعلاء شأن الوطن ومصلحته العليا، فوق كل مصلحة حزبية أو فئوية أو جهوية، وهذا يحتاج الى ثقافة احترام الاخر والكفّ عن ثقافة المهاترات وثقافة الردح الثوري، ومنهج التفكيك والتفرقة، واحتكار الصواب والوطنية والاخلاص للبلاد، مثل كل الشعوب المتحضرة التي استطاعت التحاكم الى صناديق الاقتراع النزيهة.العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير